مثقفون يستغربون قرار «المجلس الوطني» بشأن المصنفات الأدبية

نشر في 23-02-2014 | 00:02
آخر تحديث 23-02-2014 | 00:02
No Image Caption
اعتبروه تشدداً غير مبرر ومناقضاً لأولويات المؤسسة الثقافية

أبدى مجموعة من الأدباء والمسرحيين أسفهم للقرار الصادر من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بشأن الضوابط الجديدة المتعلقة بإيداع المصنفات الأدبية والفنية والتلفزيونية في المكتبة الوطنية، معتبرين أنه يحتاج إلى إعادة نظر لأنه يفرض المزيد من التشدد خلافاً لما يتبناه بعض المسؤولين في المؤسسة الثقافية.
«الجريدة» استطلعت آراء الكتاب والأدباء والمسرحيين بشأن الآثار المترتبة على هذا القرار، وفي ما يلي التفاصيل:
بداية، قال الناشر والناقد فهد الهندال ان هذا القرار لاشك محير من أوجه كثيرة، «منها هل الشروط خاصة بالمؤلف الكويتي والإصدارات التي نشرت داخل الكويت»، مضيفاً: «ألا يعتبر ذلك نوعا من الرقابة التي كان المجلس ينأى بنفسه عنها حسب تصريحات السادة المسؤولين فيه؟».

 وتساءل الهندال: «هل تتوقع المكتبة الوطنية إقبالا من اصدارات الكتاب الكويتيين وغيرهم بعد هذا القرار، لما فيه تعارض مع حرية النشر العلمي التي ضمنها الدستور؟»، مبيناً أن «الأهداف العامة من الايداع هي المحافظة على النتاج الفكري والثقافي وحماية حقوق المؤلف وجمع وحفظ التراث الفكري والثقافي للدولة وإتاحة النتاج الفكري والثقافي للمستفيدين، والمساعدة على ترويج الأعمال الفكرية والثقافية من خلال إصدار الببليوغرافية الوطنية والفهارس الوطنية ونشرات الإيداع، إضافة إلى توثيق ورقمنه الأعمال الفكرية في ظل عالم مفتوح وإعلام اجتماعي كبير».

وأضاف: «بعد هذا القرار كيف ستراعى المكتبة الوطنية كل تلك الأهداف، وهي الثابتة دوليا، وما الغاية للإيداع القانوني، وأين دور اللجان الاستشارية في المجلس التي تضم عددا من الأدباء والمثقفين؟»، آملا أن يعيد المجلس النظر في القرار.

قرارات اللاوعي

بدورها، قالت الروائية ميس العثمان إن «العالم كله اليوم يدفع أرواح أبنائه في سعي دائم إلى مزيد من الحرية، بينما قرارات مسؤولينا تنبع من رؤوس لا تعي حقيقة ما يجري حولها، حينما قالت الشعوب كلمتها بـ (لا) كبيرة متسعة مكللة بالنار والموت!».

وأضافت العثمان: «الآن يعايدنا المجلس الوطني للثقافة مهنئاً مبدعيه بالاحتفالات الوطنية ليدمغ جباهنا بمزيد من قراراته- اللاواعية- المقيدة للحريات، بينما تخرج من فم المسؤولين تصريحات نارية في كل كلمة افتتاح لم يكتبوها هم ولم يقرأوها، حتى قبل الإلقاء، تؤكد دعمهم الكامل للعمل الابداعي ضمن أجواء حرّة يكفلها الدستور، فأي التناقضات نعيش؟!»

وتابعت: «ما معنى أن تطلب الجهة الراعية للثقافة موافقة من رئيس جهة عمل المبدع؟ فما هي صلاحياته كي يقيم الموظف الذي يعمل تحت مظلته؟ أليس بالأحرى أن يصدر المجلس الوطني للثقافة قراراً يمنح تقاعدا ابداعيا للمبدعين بمرتب شريف يكفل لهم عيشا طيبا بشروط محترمة؟ هكذا تحترم الدول مبدعيها، الذين بهم يرفع شأنها، وتعزز الرغبة في العمل الرصين الذي يعيد، ولو قليلا، من مجدها الذي (تمرمط) بين المجاملات، والجوائز الرخيصة التي ما عادت تعني شيئا».

وفي ختام تعليقها على القرار قالت العثمان: «شكرا لبلدي، إذ اعطتني ضوءا أخضر لأواصل طباعة إنتاجي خارجها، وشكرا إذ تأكدت بأن زمار الحي محبوب جدا ومفهوم اكثر خارج هذه الأرض، ولتظل كل القرارات متخبطة بلون... اللاوعي».

رقابة تلد أخرى

ومن جانبه، قال المؤلف المسرحي بدر محارب إن ثمة أشكالاً رقابية خرجت من رحم هذا القرار، ملخصا ما آلت إليه الأمور بأن الرقابة تلد أخرى في المشهدين الثقافي والفني، ما يعنى المزيد من التشدد والتضييق على الإبداع، مضيفاً أن «حزمة القرارات تتضمن شكلاً رقابياً إضافياً على النشر بعد رقابة الإعلام وقانونها للمطبوعات والنشر».

 وتساءل محارب عن علاقة وزارة الأوقاف بالرقابة في ظل وجود قانون المطبوعات «وما الداعي لموافقة جهة العمل في ما ينشره الكاتب، حتى إن كان ما يكتبه يتعلق بطبيعة عمله، فهو يعبر عن وجهة نظره لا وجهة نظر وزارته أو وزيره أو مديره، وكذلك في ما يتعلق بالتعليم».

وأردف: «في الوقت الذي ننتظر فيه مزيدا من الحريات وفك قيود النشر في عالم أصبح قرية واحدة، نجد أن هناك من يضع مزيدا من الضوابط على النشر، واستجلاب أوصياء جدد على النشر والإبداع».

الحكومة الإلكترونية

وفي تعليقها على الموضوع، لفتت الكاتبة باسمة العنزي إلى أهمية مواكبة التطور من خلال تفعيل دور الحكومة الإلكتروني الذي ينادي به المسؤولون منذ فترة طويلة، معتبرة أن «هذا القرار جاء لتبديد الحلم الذي يراودنا في المزيد من المرونة والتسهيل، كما أن بنود القرار تتقاطع كثيراً مع شروط طلب الإسكان».

وفي السياق ذاته، انتقد الكاتب والفنان التشكيلي يوسف خليفة، هذا القرار المتسرع، مبيناً أن هذا القرار لم يوضح سبب صدوره ولا أهدافه، مما يجعله قرارا ربما اتخذ بسبب موقف يتيم محدد لا يجوز فيه التعميم على الجميع، «وهنا يجب أن تطرح عدة استفسارات... من الذي سيقرأ الكتاب؟ وبما أن الموظف يتبع جهة عمله، فهل يعني هذا أن جهة عمله تحاسبه على كل ما يفعله حتى بعد وقت الدوام الرسمي؟».

وأضاف خليفة أن «مسألة وجوب إيجاز الوزارة للكتاب أشبه بنكتة سمجة، تشبه الوضع في المدرسة، حيث يجب أن يحصل الطالب على موافقة المدرس قبل أن ينشر قصته في الصحيفة الحائطية للمدرسة»، متابعا: «ماذا لو كانت وجهة نظر الكاتب في موضوع ما مختلفة عن وجهة نظر المدير أو الوكيل الذي سيعطي موافقته بالنهاية على الكتاب، هل تقمع كل الآراء الأخرى لصالح رأي واحد فقط؟».

 واعتبر أن القرار بصورته الغامضة الحالية يهدف إلى تحجيم كل الآراء التي تختلف عن رأي صاحب المنصب، متسائلاً: «بما أن نسبة كبيرة من الكتاب هم بالأساس يعملون في القطاع الحكومي، فهل هذا يعني أنه لا يحق لهم ابداء وجهة نظر مختلفة إلا بعد التقاعد مثلا؟».

وفي حديث عن أهداف القرار، أشار خليفة إلى أن هذا القرار جاء لتأكيد اهمال الحكومة والبرلمان للشأن الثقافي، وتماشياً مع دكتاتورية صاحب المنصب، بينما اقترح الشاعر عبدالله الفلاح «إضافة بند يشترط وجود كفيل وتقرير حسن سير وسلوك من الداخلية ورخصة سوق وصورة للمؤلف مع من أصدر هذا القرار، بشرط أن تكون (أبيض وأسود) تضامناً مع هذا القرار المتلون».

back to top