كان الهم الرئيسي، الذي تداوله الذين شاركوا في موسم "أصيلة" الثقافي الدولي السادس والثلاثين هو "العرب غداً.. التوقعات والمال"، وحقيقة فإن الذين جاؤوا من أربع رياح الأرض إلى هذه "الضيعة" الجميلة، التي غدا موسمها عنواناً للنهضة التي تبعث على الاعتزاز والفخر التي تشهدها المملكة المغربية، طرحوا على أنفسهم وعلى بعضهم بعضاً أسئلة بقيت بلا أجوبة شافية، وذاب صداها في زبد المحيط الأطلسي الذي بقيت أمواجه تضرب هذه البلدة الجميلة منذ فجر التاريخ وحتى هذه اللحظة.
أربعة محاور طرحها الإنسان المبدع محمد بن عيسى على نفسه وعلى ضيوفه هي: ما هو التشخيص الذي يمكن أن نعطيه لحالة العرب؟ وما الأولويات التي يمكنها تقديم تحليل موضوعي لهذه الحالة؟ إلى أي درجة تستقيم أطروحة المؤامرة؟ ومن المسؤول عن الوضع الذي يجد العرب أنفسهم فيه اليوم؟هذا هو المحور الأول، أما المحور الثاني فهو: هل هناك جدوى للمنظومة العربية؟ كيف نؤسس للتنمية والديمقراطية؟ هل من داخل هذه المنظومة أم من خارجها؟ هل البدائل التنموية النظرية المطروحة اليوم واقعية سواء في اتجاه تركيا وإيران والاتحاد الأوروبي أو في اتجاه وادي الاقتصادي في سياقه السياسي الإقليمي والمؤسساتي واردة؟هذان هما المحوران الأول والثاني، أما المحور الثالث فهو أي سيناريوهات للعالم العربي غداً... من هم الفاعلون الأساسيون؟ ما المقاربات الممكنة؟ هل المبادرات التي من شأنها أن تحلل هذه الوضعية ذات طبيعة سياسية (إصلاحات) أم اجتماعية (تنموية) أم مؤسساتية تتعلق ببنية الدولة والإدارة والقدرة على التخطيط والفعالية في التنفيذ؟ وهل من الممكن العودة إلى ترميم الكيانات الحالية في أطرها الإقليمية وكيف بالإمكان تحقيق ذلك؟ويبقى أن المحور الرابع هو: ما الدور الذي من الممكن أن يضطلع به المثقف وتضطلع به الثقافة بوجه عام لإخراج المجتمعات العربية من هذا النفق المسدود؟ وكيف يمكن لثورة الاتصال والمعلومات، على وجه التحديد، التي استخدمت على أكمل وجه في عملية التفكيك أن تستثمر في إعادة الترميم الثقافي وإعادة اللحمة والتجسيد بين المكونات الاجتماعية والثقافية، من أجل التأهيل والتنمية والكرامة للمواطن العربي؟وحقيقة فإن هذه الأسئلة التي هي في غاية الأهمية، والتي طرحتها على موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والثلاثين جامعة المعتمد بن عباد (الصيفية)، قد بقيت بدون أجوبة فعلية، فالمشاركون انشغلوا بـ"الربيع العربي" وبأسبابه ومسبباته، وهل هو مؤامرة أم جاء كحتمية لمسيرة العرب منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن، وفي واقع الحال المخاض المؤلم الذي لابد منه لتستقيم مسيرة التاريخ العربي وليحققوا ما حققه الأوروبيون الذين لم ينعموا بكل هذا الاستقرار إلا بعد معاناة طويلة كانت أكثر دموية من المعاناة التي يمر بها "الوطن العربي" الآن؟!
أخر كلام
أصيلة... أسئلة بلا أجوبة!
27-08-2014