كي لا نظل ندور في حلقة مُفرغة
ضعفت الحكومة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بعد أن فصّلت قانون الانتخاب على مقاسها، ولكنها، مع هذا، عجزت عن تحقيق أي إنجازات تنموية، حيث فشلت ما كانت تُسمى «خطة التنمية»، وباعتراف كبار المسؤولين، على الرغم من حملة الدعاية الإعلامية المُكثّفة والمُكلفة التي رافقتها، وتردى مستوى الخدمات العامة الأساسية.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
لهذا فمن كانوا يُسمون "نواب التأزيم" ليسوا السبب في التراجع الديمقراطي والتنموي والمراوحة السياسية، فالسبب الرئيسي هو عدم إيمان السلطة بما تم التوافق عليه في دستور 1962، والذي كان من المفترض تطويره، أي تنقيحه، لمزيد من الحرية والمساواة، بحيث الأخذ في الاعتبار أيضا التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العميقة التي حدثت في مجتمعنا وفي العالم منذ بداية العهد الدستوري. ولكن ذلك لم يحدث بل العكس هو الصحيح، حيث كانت هنالك ولا تزال محاولات دؤوبة من قِبل السلطة للعودة إلى النهج السائد قبل بداية العهد الدستوري مع الإبقاء على الشكل الديكوري لنظام الحكم الديمقراطي، بحيث تُصبح الوثيقة الدستورية مجرد حبر على ورق وتتحوّل المؤسسات الدستورية إلى مؤسسات شكلية لزوم التباهي أمام وسائل الإعلام الأجنبية، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع الديمقراطية والفشل التنموي والإداري المستمر. لهذا فمن الطبيعي أن تطرح بعض القوى السياسية والشعبية موضوع تعديل الدستور للأفضل من أجل الخروج من الأزمة السياسية الخانقة وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وكما ذكرنا في مقال سابق، فعلى الرغم من أن مطلب تنقيح الدستور من أجل الانتقال إلى النظام البرلماني الكامل يعتبر مطلبا مستحقا فإن هناك متطلبات أولية يجب إنجازها قبل التوافق على تنقيح مواد دستورية، وفي مقدمة هذه المتطلبات تنظيم العمل السياسي على أسس مدنيّة ديمقراطية وإصلاح النظام الانتخابي؛ هذا هو، مرّة أخرى، ما يجب التركيز عليه والتوافق حوله في هذه المرحلة ثم التحرك السياسي لتحقيقه، وإلا سنظل ندور في حلقة مُفرغة.