تحولت المأساة التي أصابت منجماً تركياً للفحم إلى كارثة جديدة لإدارة رئيس الوزارء التركي رجب طيب أردوغان، بسبب علاقاته مع الشركة التي تدير المنجم، وتحذير المعارضة من إجراءات السلامة داخل الموقع المنكوب.

Ad

 استفاقت تركيا أمس على أكبر كارثة في مجال التنقيب تشهدها البلاد، بعد مقتل 245 عاملاً في منجم للفحم في حصيلة أولية، بينما لا يزال أكثر من 120 آخرين عالقين في المنجم الواقع في بلدة سوما على بعد 120 كيلومترا شمال شرقي مدينة ازمير المطلة على بحر إيجة. وكان منجم زونغولداك للفحم شهد أمس الأول انفجارا عنيفا اعقبه حريق وانهيار في قسم من المنجم، ما ادى الى اختناق مئات العمال الذين احتجزوا في جيب معزول، بينما تمكن نحو 450 عاملاً من الخروج من الموقع.

ويرجح أن يكشف هذا الحادث فضيحة فساد جديدة، خصوصا أن أصحاب المنجم مقربون من رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، الذي واجه قبل أشهر فضيحة فساد شكلت أخطر تحد لحكم حزب «العدالة والتنمية».

وطالبت المعارضة التركية في أكثر من مناسبة، حكومة أردوغان، بالتحقيق مع شركة «سوما كومور» التي تدير منجم سوما، الذي وقع فيه الانفجار، لكن الحكومة تجاهلت هذه المطالب، لمصلحة الشركة التي يصفها البعض في تركيا بأنها سيئة السمعة.

وكان اردوغان ألغى زيارة إلى ألبانيا كان من المقرر أن يقوم بها امس وتوجه الى موقع الحادث، بينما ألغى الرئيس عبدالله غول زيارة كان سيقوم بها إلى الصين لكي يذهب إلى سوما.

وذكر مكتب أردوغان أنه سيتم تنكيس الأعلام في جميع أنحاء البلاد، وفي السفارات التركية بالخارج، وأعلنت الحكومة الحداد 3 أيام، في وقت وعد رئيس الوزراء التركي بإجراء «تحقيق معمق» في حادث المنجم، حيث قال عقب زيارة الموقع: «لن نسمح بأي اهمال».

وأبرزت هذه الكارثة السجل السيئ لتركيا بشأن سلامة العمال، وجلبت دعوة متجددة من جانب المعارضة لاجراء تحقيق في تراجع معايير السلامة في مناجم كانت الدولة تديرها في السابق.

وفي أكتوبر عام 2013، قدمت جميع أحزاب المعارضة في جلسة بالبرلمان التركي طلباً للتحقيق في احتياطات السلامة في هذا المنجم، بعد تكرار حوادث الحريق وسقوط الضحايا، وهو ما رفضته الحكومة.

وفي تسجيل مصور لهذه الجلسة البرلمانية قال النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض النائب أوزغور أوزال: «نسمع بشكل متكرر عن حوادث وفاة في مناجم سوما وانفجارات وحرائق، وفي كل مرة نطلب التحقيق بشأن هذه الشركة تقول الحكومة بأنها قامت بالتفتيش، وغرمتها، وبعد كل غرامة يقع حادث جديد ويموت عمال آخرون».

تجدر الإشارة إلى أن وزير الطاقة التركي طانر يلدز هو من افتتح هذا المنجم، حيث أشاد حينئذ بالتكنولوجيا المستخدمة فيه ووسائل الحماية والاحتياطات الأمنية.

تظاهرات

وفي تظاهرة نظمها مئات الطلاب ضد حكومة اردوغان، القت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع امس على مئات الطلاب الذين كانوا يتظاهرون في انقرة ضد الحكومة الاسلامية المحافظة التي يحملونها مسؤولية الحادث.

وأرادت مجموعة من 700 إلى 800 متظاهر التوجه من حرم جامعي في انقرة نحو وزارة الطاقة الواقعة في المنطقة نفسها تنديدا بحكومة اردوغان. ورد المتظاهرون على تدخل شرطة مكافحة الشغب التي استخدمت ايضا خراطيم المياه، برشق الحجارة.

جدير بالذكر أن تركيا شهدت في الأعوام الماضية سلسلة من حوادث المناجم، كان أسوأها في عام 1992، حين أسفر انفجار غاز عن مقتل 263 عاملا في إقليم زونغولداك على البحر الأسود، وفي 2010 في الإقليم نفسه حيث قتل 30 شخصاً.

تضامن عالمي

إلى ذلك، بعث صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ببرقية تعزية أمس إلى الرئيس التركي عبدالله غول عبر فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته في ضحايا حادث الانفجار، كما بعث سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد وسمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء ببرقيتين مماثلتين.

وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الألماني الفدرالي يواخيم غاوك ووزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير عن صدمتهم ازاء الحادث. وقدم رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينتسي تعازيه لنظيره التركي في ضحايا الحادث، بينما عرضت مؤسسة «نجمة داوود الحمراء»، الموازية في إسرائيل لمنظمتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر، على تركيا المساعدة في إنقاذ الضحايا.

(أنقرة - أ ف ب،

رويترز، د ب أ، كونا)