أثار فيلم {الحرب العالمية الثالثة} للثلاثي هشام ماجد وأحمد فهمي وشيكو، والمخرج أحمد الجندي، ضجة بعد عرضه، لأنه كسر تابوهات وسخر من الرموز التاريخية مثل: أبو الهول، توت عنخ أمون، محمد علي وأحمد عرابي، ما اعتبره البعض تقليلا من شأن التاريخ، في حين رأى البعض الآخر ضرورة التخلص من التقديس والتعامل بحرية مع مختلف الرموز.

Ad

يرى الكاتب لينين الرملي أن كسر التابوهات في فيلم {الحرب العالمية الثالثة} ناتج عن قلة معرفة والاستهانة بالتاريخ، مشيراً إلى أن إظهار {أبو الهول} كمرتش مسألة شديدة السخف، ومؤكداً أن تلك الأفكار لا تخرج إلا من خلال أشخاص يسخرون من أي شيء وكل شيء من دون الاهتمام بقيمة الشخصيات التي يسخرون منها، أو أن ثمة أجيالا تستقي معلوماتها من الأفلام والمسلسلات، ما يدلّ على جهل للتاريخ وقيمته ورموزه.

يضيف أن الرقابة عبارة عن مجموعة من الموظفين يفتقدون إلى الوعي وإدراك قيمة الفن وقيمة التاريخ، لذلك لا بد من تشكيل لجنة من المفكرين والكتاب والسينمائيين لإبداء رأيهم في مثل هذه الأعمال السينمائية التي هي  أشد خطورة من مشهد يرونه فاضحاً.

احترام التاريخ

 يؤكد المؤرخ عاصم الدسوقي أن التعرض للتاريخ لا بد من أن يكون بشكل يحترمه ولا يستهين به، مستنكراً السخرية من رموزنا التاريخية، {لأن هذا ما سيترسخ في أذهان الأجيال الجديدة من صور هزلية للشخصيات التاريخية  رغم تأثيرها في تاريخنا}.

يضيف: {يجب ألا يسخف الفن التاريخ، ومن الضروري اعتماد  المراجعة التاريخية لأي عمل يتناول فترات تاريخية سابقة، مع الحفاظ على مقدسات الشعوب وعدم الاستهانة بها}.

بدوره يعتبر الناقد محمود عبد الشكور أن الفانتازيا موجودة في كل دول العالم، والسخرية من الرموز التاريخية قدمت في أفلام عالمية كثيرة ولم يعترض أحد، مؤكداً أنه مع الحرية الكاملة، {لأن الفن يختلف عن التاريخ، ومن يريد قراءة الوقائع التاريخية على حقيقتها فعليه الرجوع إلى كتب التاريخ وليس إلى السينما. من حق الفنان أن يقدم التاريخ كما يريد، ما دام لم يشر إلى أن ما يقدمه هو توثيق}.

يضيف أن أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد، قدموا الفيلم من خلال تماثيل للشمع وليس شخصيات حقيقية، فالسخرية هنا من التماثيل وليس من الشخصيات التاريخية، والدليل أن تمثال توت عنح أمون بدين، بينما الشخصية التي نعرفها نحيفة، من هنا محاسبة الفن يجب أن تكون فنية ودرامية وليس طبقاً للوقائع التاريخية}.

اختزال وقدسية

تؤكد ماجدة موريس ضرورة عدم اختزال الفيلم في مشاهد كوميدية، لافتة إلى أن هذه المشاهد لا تسيء إلى التاريخ، بل تنزع القدسية عن الشخصيات التاريخية وهو أمر متاح.

أما الناقد طارق الشناوي فيعتبر المجتمع العربي أحد أكثر المجتمعات التي تضع هالات من القدسية حول شخصيات تاريخية وتمنع الاقتراب منها ولو حتى بشكل إيجابي، مثل تقديم هذه الشخصيات في قصص حب أو حالات غضب أو غيرها، لذلك لا بد من كسر التابوهات، {لا يعني ذلك الإدانة الأخلاقية أو الإهانة بل كسر القدسية}.

يضيف أن {الحرب العالمية الثالثة} كسر حالة القدسية عن شخصيات تاريخية مثل أم كلثوم ورأفت الهجان، ومحمد علي وعرابي، أن هذه الحالة كان لا بد من أن تستكمل من خلال نزع القدسية عن الشخصيات الحديثة أيضاً، مثل جمال عبد الناصر وأنور السادات ومحمد حسني مبارك، لأن المنطق الدرامي يحتم ذلك، لكن القيّمين على الفيلم يبدو أنهم آثروا السلامة والابتعاد عن هذه الشخصيات، حتى لا يغضبوا أنصار هذه الشخصيات، أو قد تكون الرقابة رفضت التعرض لهذه الشخصيات ما أفقد الفيلم منطقيته}، لافتاً إلى أن الحديث حول الإساءة للرموز التاريخية ليس منطقياً، لأن الفيلم لا يوثق للتاريخ، لكنه يقدم كوميديا خفيفة.

تبدي ماجدة خير الله اندهاشها من الحملة ضد الفيلم بحجة أنه يسيء للتاريخ، مؤكدة أنه يتحدث عن تماثيل من الشمع وليس عن شخصيات حقيقية.

تضيف: {تتعرّض الرموز طيلة الوقت للسخرية والتقليل من شأنها في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي {فيسبوك} و{تويتر}، فهل يعني ذلك أن الأجيال الحديثة والأطفال سينظرون إليها نظرة خاطئة؟ وحدها كتب التاريخ هي الوسيلة للتعرف إلى الشخصيات التاريخية والأحداث التاريخية وليس الأفلام أو الفن عموماً}.

أخيراً يعتبر هشام ماجد، أحد أبطال الفيلم، أن {الحرب العالمية الثالثة لم يقصد الإساءة إلى أي من الرموز التاريخية أو توجيه الإهانة إليها، فالفيلم يتحدث عن تماثيل من الشمع وليس عن شخصيات حقيقية، أي أنه نوع من الفانتازيا الواضحة وغير الحقيقية، وهي وسيلة لتقديم كوميديا خفيفة لا تقلل من شأن هذه الشخصيات التي نحترمها».