كان أمر تحويل جمعية المحامين إلى نقابة حلما ينتظره جموع المحامين منذ نشأة مهنة المحاماة في الكويت، واليوم وبعد أن تحقق الحلم بأداة قانونية معيبة انتفض عدد من المحامين إلى طلب إلغاء هذا الكيان الجديد تحت ذريعة مخالفة القرار الوزاري، الذي انتهى إلى تحويل الجمعية إلى نقابة، قانون مهنة المحاماة رغم عدم اعتراض أي كيان آخر على ذلك التحويل، وكان بمقدور المحامين أن يحافظوا على كيانهم الجديد بشكله وإن كان معيبا من الناحية القانونية التي أنشأته إلى حين تصحيح ذلك العيب من خلال تعديل قانون المحاماة بدلا من الفوضى التي شهدتها المهنة تارة بكونها جمعية وتارة أخرى نقابة وأخيرا إلى جمعية وقد تتحول في المستقبل إلى نقابة بعد تعديل القانون!

Ad

مهما كانت الأسباب التي دفعت بعض المحامين إلى مقاضاة وزارة الشؤون بهدف إلغاء قرار وزير الشؤون تحويل الجمعية إلى نقابة إلى أنه برأيي مسلك خاطئ كان لا ينبغي على بعض المحامين الإقدام عليه والسبب برأيي أن تحويل الجمعية إلى نقابة هو حلم تحقق لكل محامي وكان ينبغي الحفاظ عليه الى تصحيح المسار التشريعي، فكل الأسباب التي صاغها المعترضون على قرار التحويل من الناحية العملية ليست لها أساس أو مخاطر فالفترة التي عاشتها مهنة المحاماة بعد تحويلها الى نقابة لم يشعر المحامي أنه عامل ويخضع لقانون النقابات العمالية التي كان يتحدث بها المعترضون ولا حتى أن الأمر سيسبب ضياعا للمهنة، وهو وان كان لم يتحقق الا انه ليس أكبر من الضياع الذي تعيشه!

كنت أتمنى أن يتم التركيز على المشاكل التي تعانيها المهنة، وأن ينتفض الزملاء الى حل تلك المشاكل وتعديلها فهي أولى وأهم من تغيير مسمى المهنة من جمعية إلى نقابة أو العكس!

مهنة المحاماة يا سادة تعاني من فوضى حقيقية تستلزم من القائمين عليها التركيز من وقت قبول المتقدمين لها إلى ضمان استمرارهم بالمحافظة على أخلاقيات المهنة وتقاليدها وعدم مخالفة قواعدها، فاستمرار حالة اللانظام التي تعيشها المهنة تنبئ بأنها مهنة غير مستقرة وغير آمنة بسبب ما تعيشه من عدم الوضوح لمستقبلها!

ليت القائمين على المهنة أن يركزوا جهودهم على أمرين فقط، وهما التشدد في أمر القبول وهو أمر يسمح به قانون المحاماة الحالي ولا يشترط الأمر كما يدعي البعض تعديلا تشريعيا فالقانون يعطي وبكل وضوح لجنة القبول أمر القبول ولها أن تضع في ذلك الاختبارات الشخصية والتحريرية للقبول، وان يتم ربط الموافقة على نقل المحامين من قيد الى آخر بتجاوز عدد معين من الدورات القانونية التي تنظمها الجمعية أو النقابة لضمان مهنية المحامي وإصقاله بالخبرات القانونية التي تؤهله للاستمرار في المهنة، بينما الأمر الثاني هو مراقبة المهنة من قبل الجمعية أو النقابة وهو أمر مفقود على الصعيد العملي فعلى الجمعية إخضاع مكاتب المحاماة للرقابة والتفتيش والتأكد من صحة عمل المحامي دون تأجير مكتبه من الباطن كالدكاكين التي تؤجر من الباطن لضمان سلامة الاستغلال الصحيح للمهنة.

قضاء المحكمة الدستورية تحدث وإزاء تصديه للعديد من الطعون الدستورية عن الدور الذي اناطه المشرع لجمعية المحامين والمسؤولية الملقاة على عاتقها لتنظيم المهنة ومثل تلك المسؤولية لم يمنحها المشرع لاي من جمعيات النفع العام الا لجمعية المحامين حتى تتمكن من إدارة شؤونها دون تدخل، وإزاء سياسة الاهمال واللامبالاة من القائمين عليها أخشى أن يتبدل رأي المشرع في منح تلك المسؤولية فيقرر منحها لجهة حكومية تحرص على تحقيقها بعد فشل القائمين عليها في تحقيقها!