ترى جهات سياسية وقيادية لبنانية بارزة أن تأثير زيارة السفير الأميركي في لبنان دايفيد هيل الى المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي التي ترافقت مع عودة السفير السعودي الى بيروت علي عسيري بعد طول غياب، على الجهود المبذولة لإيجاد حلول للعقد التي تحول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكاد يكون معدوما في ظل غياب أي مسعى عربي – دولي عملي يؤدي الى مخرج للمراوحة الراهنة.
وإزاء هذه القناعة تتوزع الطبقة السياسية في لبنان قسمين:- الأول يدفع بالأمور في اتجاه المزيد من التأزم وصولا الى شغور منصب الرئاسة أملا بأن يؤدي الحائط المسدود الى تدخل إقليمي – دولي يفضي الى تسوية لا يمكن للبنانيين التوصل اليها من دون ضغوطات خارجية.- الثاني: يسعى الى حراك داخلي أملا في التوصل الى صيغة توفيقية تبقي على الحد الأدنى من الاستقلالية اللبنانية في الانتخابات الرئاسية.ويلفت المراقبون الى أن حركة رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل في اتجاه كل من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية واستقباله رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط وزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري والمشاورات مع قادة «قوى 14 آذار» تهدف الى تحريك المياه الرئاسية الراكدة ومحاولة إيجاد اختراق في المراوحة الرئاسية.اجتماع رباعيويتزامن حراك رئيس الجمهورية الاسبق أمين الجميل مع حراك مماثل للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي زار بعد عودته من روما وفرنسا رئيس الجمهورية ميشال سليمان واستقبل جعجع في وقت أشارت المعلومات الى إمكان دعوة الراعي الرباعي الماروني الجميل وجعجع وعون وفرنجية الى لقاء في بكركي الاسبوع المقبل في محاولة لدفعهم الى الاتفاق على صيغة تسوية تنتج انتخاب رئيس للجمهورية.ولفت المراقبون في غضون الساعات القليلة الماضية الى تصريحين يمكن البناء عليهما في البحث عن تسوية:- الأول لجعجع بعد زيارته البطريرك الراعي وفيه أعلن للمرة الأولى استعداده للبحث في انسحابه من الانتخابات الرئاسية في حال تم التوافق على شخصية أخرى من «14 آذار» لتحمل الحد الأدنى من مشروعه السياسي الى سدة رئاسة الجمهورية.- الثاني لفرنجية الذي اقترح بعد استقباله الجميل في بنشعي أن يتوافق الزعماء الموارنة الأربعة على شخصية لتولي الرئاسة. فإذا استحال الاتفاق على واحد منهم فلا بأس بالتفاهم على شخصية من خارج دائرة الأربعة.مشروعان متناقضانومع أن متابعين يرون في ما صدر عن جعجع وفرنجية ثغرة يمكن الولوج منها الى حلول عملية قبل 25 مايو الجاري، إلا أن المراقبين يعتبرون أن المشكلة تتخطى لعبة الأسماء والتسويات المحلية الى صراع مشروعين متناقضين.وفي اعتقاد هؤلاء المراقبين، فإن الرهان على تفاهم مسيحي – مسيحي لحل أزمة الانتخابات الرئاسية يحمل في طياته الكثير من المكابرة أو من سوء التقدير للمعادلات السياسية التي تحكم الوضع اللبناني. فأي تفاهم بين المسيحيين على أهميته في الطريق الى انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن يستكمل حكما بتفاهم سني – شيعي لا يبدو متوافرا في المرحلة الحالية.وإذا كان الطريق الى التفاهم المسيحي – المسيحي يمر ببكركي وجهودها، فإن التفاهم السني – الشيعي يحتاج الى أبعد من الأوراق اللبنانية المحلية، وهو ما يسعى جنبلاط الى تحقيق اختراق فيه من خلال «نصائحه» الى كل من الرئيس نبيه بري وتيار «المستقبل» على أمل أن ينقل الجانبان وجهة نظره الى كل من الرياض وطهران لعل تجربة التوافق المفاجئ على تشكيل الحكومة الراهنة بعد طول تعطيل يتكرر مع الانتخابات الرئاسية بأقل الأضرار الممكنة.
دوليات
التسوية الرئاسية تحتاج إلى أكثر من اتفاق مسيحي
10-05-2014