عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال: أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك وابك على خطيئتك"، رواه الترمذي. الصحابي الجليل عقبة بن عامر حريص أشد الحرص على التفقه في أمور دينه، وها هو يسأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سؤالا عظيما ما النجاة؟ ويقصد به النجاة من النار يوم القيامة.

Ad

 العجيب أن عقبة لم يسأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، أو الخيل المسوّمة والأنعام والحرث؛ لأنه يعرف أنها من متاع الحياة الدنيا الفانية، إنما سأله سؤالا مهما لا يسأله إلا من جعل الآخرة همه والدنيا بيده لا بقلبه.

في هذا الحديث النبوي الشريف يبين لنا رسولنا الكريم سبل النجاة وهي:

* امسك عليك لسانك، أي كفّ عن الشر وآفاته مثل الغيبة، والنميمة، والسخرية، والاستهزاء، والقذف، والكذب، والمزاح الباطل، والطعن، واللعن، والسب والشتم والشائعات، هذه الآفات تسبب الأذى والخلافات والفرقة والبغضاء بين المسلمين، وإذا ترك المسلم للسانه العنان فإنه حتما سيقع في المحظور. وقد أخذ الرسول بلسانه قائلاً لمعاذ بن جبل: "كفّ عليك هذا؟، قلت يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يامعاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".

* وليسعك بيتك: الإنسان بين فترة وأخرى يبتعد عن مخالطة الناس ليلزم بيته ويختلي بنفسه يذكر الله، ويقرأ القرآن ويقوم الليل، ويعلم أهله وأولاده أمور دينهم ودنياهم، ويحاسب نفسه على تقصيرها وتفريطها في جنب الله، وقد تنزل دمعة ساخنة من عينه خشية من الله، وبذلك يكون إن شاء الله تعالى من السبعة الذين ذكرهم الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف "ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".

* وابك على خطيئتك: من منا لم يقترف ذنبا في حياته في لحظة ضعف وطيش ووسوسة الشيطان الرجيم، ولكن هل ندمنا وبكينا على ذنبنا؟ وهل تبنا توبة نصوحا وعزمنا على عدم العودة إلى ارتكاب المعاصي؟

شهر رمضان فرصة ذهبية للتدرب على مسك اللسان من الوقوع في المحظور، والتزام البيت فيه طمأنينة وراحة بال يحتاجها المسلم بين فينة وأخرى، ولا تنس أن الشياطين في هذا الشهر الفضيل تصفد وتفتح أبواب الجنان، فهل ابتعدنا عن المعاصي والمنكرات وخاصة آفة التدخين؟ آمل ذلك.