مهرجان دبي السينمائي... بين الاحتلال الإسرائيلي والاحتيال الأميركي

نشر في 23-12-2013 | 00:01
آخر تحديث 23-12-2013 | 00:01
شهدت الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي مفارقة طريفة في اختيار فيلمي الافتتاح والختام، فكان الافتتاح بفيلم يروي قصة الكفاح الفلسطيني ضد المحتل الإسرائيلي بينما كان فيلم الختام عن الاحتيال الأميركي من خلال أشهر قضايا الفضائح التي طاولت عدداً من أعضاء الكونغرس الأميركي أواخر سبعينيات القرن الماضي.
حظي افتتاح الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي بلغة سينمائية رفيعة قدم بها المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد فيلمه {عمر}، وهو الثاني له في مهرجان دبي بعدما سبق وافتتح الدورة الثانية بفيلمه {الجنة الآن} الذي فاز بجائزة {الغولدن غلوب} لأفضل فيلم أجنبي، كذلك كان أول فيلم فلسطيني يرشح لنيل {أوسكار} أفضل فيلم أجنبي عام 2006.

أما فيلمه الأخير {عمر} فهو مرشح أيضاً لـ{أوسكار} أفضل فيلم أجنبي، ويتولى بطولته كل من آدم بكري وليم لوباني ووليد زعيتر وإياد حوراني وسامر بشارات، ضمن إنتاج مشترك بين فلسطين والإمارات العربية المتحدة، وقد حصد جائزة المهر كأفضل فيلم عربي في المهرجان. وكان فاز بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة {نظرة ما} في الدورة الأخيرة من مهرجان {كان} السينمائي.

في الافتتاح أكد المخرج هاني أبو أسعد، في كلمة صفق لها الحاضرون كثيراً، على حبه وعشقه للسينما المصرية التي تأثر بها وتعلم منها ومن أفلامها الكبيرة، وأبرزها {اللص والكلاب، البريء، الكرنك، دعاء الكروان}، وأنهى كلمته بعبارة {تحيا مصر أم الدنيا}.

{عمر} عبارة عن سيمفونية سينمائية تنبض بالصدق والواقعية من خلال شخصية عمر الذي ينجح دائماً في الهروب من وابل الرصاص الذي يأتيه من أبراج المراقبة فوق الجدار العازل، وهو يهرع للقاء حبيبته ناديا في مشاهد تؤكد أن فلسطين المحتلة لا تعرف الحب ولا المشاعر البسيطة، بقدر ما تجيد القتل والحرب والتدمير. وكانت عبقرية المخرج التصوير في الأراضي الفلسطينية المحتلة والإصرار على تصوير الجدار العازل بين أبناء الشعب الفلسطيني، لنرى أمامنا وطناً ممزقاً ومكسور الوجدان، حوَّل الشعب الفلسطيني إلى سجين دائم حالم بالحرية التي يدفع ثمنها يومياً من دمه وكرامته وكبريائه.

وعبر سيناريو شديد الإتقان بمشاهد متتالية سريعة الإيقاع وتقنية فنية عالية، صورةً وصوتاً وحركة كاميرا، نشاهد عمر وهو يتسلق الجدار العازل يومياً مع صديقي الطفولة طارق وأمجد كي يرى حبيبته ناديا ويلتقي بها بعيداً عن العيون، فيبث لها أوجاعه وألمه وحبه وعذاب مشاعره الممزقة ويحكي لها عن اللحظة التي تجمعه بها تحت سقف بيت واحد يكونا فيه أسرة. إلا أن حلمه يكون محاصراً ببنادق الإسرائيليين وقسوتهم، وهو ما يعبر عنه مشهد عمر عندما يفلت من إنذار سيارة الشرطة وتوقفه إحدى الدوريات وتطلب منه إخراج الهوية بعد أن يخلع قميصه، ثم يتفاجأ بالشرطي يطلب منه الوقوف على إحدى الصخرات التي تتدحرج فيقف عليها ويتدحرج معها في لحظة شديدة المهانة والذل، يفكر بعدها بالانتقام لكرامته.

تنتقل بنا كاميرا هاني أبو أسعد إلى المعتقلات في فلسطين المحتلة، حيث نجد التعذيب الجسدي والمعنوي في أبشع صوره، وعمليات تجنيد الأسير بالطرق كافة لخيانة وطنه وناسه وخدمة العدو الصهيوني، وهو الأمر الذي حدث مع عمر بعدما تعرَّض لأنواع عدة من الابتزاز النفسي والروحي. هكذا يقنع المحقق الإسرائيلي أنه سيسلمه صديق طفولته المناضل الفلسطيني طارق، وهي حيلة ابتدعها كي يخرج من المعتقل. ويبدأ عمر في رحلة البحث عن الخائن، فيقرر نصب كمين فيصدمه أن الخائن هو صديقه أمجد الذي يعترف أن السبب في عمالته مع المحتل الإسرائيلي علاقة أقامها مع ناديا، وكانت السبب في أنها حامل منه وبما أنه فقير قرر أن يبيع وطنه مقابل إنقاذ سمعتها وسمعته. ويقرر عمر أن يخبر طارق، شقيق ناديا، بالحقيقة في حضور أمجد الذي يعده بحمايته، وذلك كله لأجل حماية حبيبته التي خانته.

يلتقي الأصدقاء الثلاثة في مشهد مواجهة رائع، ينفجر فيه طارق بعد سماع الخبر ويضرب أمجد في لحظة وصول الشرطة الإسرائيلية التي تطلق النار على طارق  ويذهب عمر إلى بيت ناديا طالباً يدها لأمجد وهو ممزق لا يصدق هذا الكم من الخيانة.

ينتهي الفيلم بمشهد سينمائي معبر، يطلب فيه عمر من المحقق الإسرائيلي مسدساً ويطلق الرصاص على رأسه، ما يعبر عن استمرارية النضال ضد الاحتلال.

فضيحة أبسكام

 

من الاحتلال الإسرائيلي إلى الاحتيال الأميركي، وهو عنوان الفيلم الأميركي الذي اختارته إدارة مهرجان دبي السينمائي ليعرض في حفلة الختام، ويكون العرض العالمي الأول له.

الفيلم من إخراج ديفيد أو. راسل وقد حصل على سبعة ترشيحات لخوض الدورة الواحدة والسبعين من جوائز {الغولدن غلوب}.

 تقوم بالبطولة مجموعة كبيرة من نجوم السينما العالمية: جنيفر لورنس، برادلي كوبر، كريستيان بيل، أيمي آدامز، جاك هيوستن، وجيريمي رينير. والفيلم مقتبس من قصة حقيقية لمحتال أميركي اسمه إيرفينج روزنفيلد وشريكته في الجرائم سيدني بروسار، وقد نجح في إثارة جدل واسع بين كبار نقاد السينما.

تدور فكرة الفيلم حول فضيحة {أبسكام} التي طاولت عدداً من أعضاء الكونغرس الأميركي أواخر سبعينيات القرن الماضي، وهي إحدى أكثر فضائح الساسة الأميركيين التي أصابت المجتمع الأميركي بصدمة كبيرة، وكشف الغطاء عنها النصَّاب المحترف إرفينج روزنفيلد (جسد دوره كريستيان بايل) الذي يضطر وشريكته في النصب والاحتيال البريطانية سيدني بروسار (آيمي آدامز) للعمل مع العميل الفيدرالي ريتش ديماسو (برادلي كوبر) والذي يدفع بهما من دون رحمة إلى مجتمع ولاية نيو جيرسي حيث رجال السلطة والمافيا والقتل. ونجد أمامنا مفارقات ومطاردات شيقة كثيرة تقلب الأمور كلها رأساً على عقب، خصوصاً بعد ظهور روزالين زوجة إرفينج (جنيفر لورانس).

نال الفيلم تصفيق الحاضرين لأنه يعري المجتمع الأميركي ويكشف فساده واحتياله في سبيل تحقيق أهدافه.

back to top