لماذا يُسنِد المبدع عمله إلى غيره؟

نشر في 03-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 03-03-2014 | 00:01
انتشرت أخيراً ظاهرة لافتة في العمل السينمائي، وهي اتجاه مخرجين إلى تأليف قصص وإسناد إخراجها إلى آخرين، أو تقديم أعمال كتبها مخرجون آخرون، ما يثير تساؤلات حول كيفية تعامل المخرج والمؤلف مع إبداع غيره؟ لماذا يوافق عليه؟ كيف يمكن الوصول إلى الشكل المطلوب؟ ومتى يشعر المخرج الذي يقدم قصة غيره أن هذه النتيجة هي المرغوب في بلوغها بالضبط؟
رغم امتلاك كثر موهبتي التأليف والإخراج إلا أن بعضهم يتنازل عن إحدى المهمتين لغيره، وقد يكتفي المؤلف بكتابة القصة ويطلب من آخر وضع السيناريو والحوار.

أحدث الأمثلة على هذه الظاهرة إسناد المؤلف والمخرج محمد دياب مهمة إخراج فيلم «ديكور» الذي كتب قصته، إلى المخرج أحمد عبدالله، الذي اعتاد إخراج أعمال من تأليف دياب. كذلك الحال بالنسبة إلى عمرو سلامة الذي يقدم أعمالاً من تأليفه وإخراجه آخرها «لامؤاخذة»، باستثناء فيلم «مصور قتيل» الذي أوكل إخراجه إلى كريم العدل.

أيضاً حازم متولي الذي كتب سيناريو فيلم «بعد الطوفان» وأخرجه، اكتفى بكتابة قصة «جرسونيرة»، مسنداً الإخراج إلى المخرج هاني جرجس فوزي، والمؤلف والمخرج بيتر ميمي الذي كتب قصة «سعيد كلاكيت»، طلب من محمد علام كتابة السيناريو الخاص به.

تشابه في التفكير

يعزو المؤلف والمخرج محمد دياب موافقته على التعاون الأول مع أحمد عبدالله إلى علاقة الصداقة القوية التي تربطهما، وثقته الزائدة به التي قد تجعله يقدم أعماله كافة معه، إلى جانب تشابه أسلوبهما في التفكير، ما ساعدهما على اختيار فريق العمل الذي حدده عبدالله من الأساس، ووافق عليه دياب، وفي مقدمه: خالد أبو النجا، ماجد الكدواني، وحورية فرغلي.

يضيف أنه عقد ورشة عمل مع شقيقته شيرين دياب التي شاركته كتابة القصة والسيناريو والحوار للفيلم، لافتاً إلى أن الكتابة لا ديمقراطية فيها، إذا اختلف أفرادها فلن يتوصلوا إلى حل وسط؛ خصوصاً أنه لا يمكن إقناع أي شخص بتغيير ذوقه، لكن كونهما شقيقين من الأساس شجعهما ذلك على الاتفاق، فكتبا فيلم {الجزيرة} بمشاركة شقيقهما الثالث خالد دياب.

بدوره يعزو أحمد عبدالله موافقته على إخراج فيلم ليس من قصته إلى رغبته في التغيير والاختلاف في شكل الإنتاج والإبداع المعتاد واتباع اتجاه جديد لم يسلكه سابقاً، وقراءة عالم لا يعرفه، أو لم يذهب إليه تفكيره كي يبتعد عن نمط آخر أفلامه، ولا يحدث تطابق بين تجاربه السينمائية.

يضيف: {الفرق واضح، على سبيل المثال، بين فيلمي {ميكروفون} و{فرش وغطا}، فالأول يعتمد على حوالى 46 شخصية، في حين يعتمد الثاني على عدد محدود من الشخصيات، وربما يقتصر على بطل واحد، والتقليل من الحوار فيه}، لذا فضل أن تكون التجربة التالية مختلفة، من خلال العمل على قصة ليست من تأليفه.

يوضح أنه كثيراً ما كان يغير في شكل أحد مشاهد أفلامه، فيقوم بذلك من دون أدنى مشكلة لأنه المؤلف والمخرج في آن، ويمكنه التغيير والإعادة حسبما يخدم الفكرة، ولكن في حالة {ديكور} فأمامه سيناريو مكتوب، وعليه العمل وفقاً له وليس بحذافيره للتوصل إلى شكل يُرضي باقي المبدعين، لا سيما أن المؤلفين شيرين ودياب يحاولان، من خلال هذه النقاشات، التوصل إلى أرضية مشتركة.

وينفي عبدالله حدوث مشاكل أو خلافات بسبب كثرة المؤلفين لأنه يحترم كتابات محمد دياب المختلفة تماماً عن كتاباته، وهذا أكثر ما أعجبه، وحمّسه على قبول التعاون معه، للتقريب بين نوعين فنيين، لذا سيكون {ديكور} وسطاً بين عوالم عبدالله وعوالم دياب.

رؤية متميزة

يوضح المؤلف والمخرج حازم متولي أن علاقة الصداقة التي تربطه بالمخرج هاني جرجس فوزي دفعته إلى أن يقترح عليه إخراج {جرسونيرة}، لامتلاكه رؤية متميزة، وهي ما تحتاج إليه القصة؛ إذ تتمحور حول ثلاث شخصيات، وفي موقع واحد، مشيراً إلى أن جرجس تعامل مع القصة بحرص وجدية، ما أشعره بطمأنينة.

بدوره يرغب المخرج عمرو سلامة في تقديم أفلام يكتبها مؤلفون آخرون؛ ذلك أن تجاربه الإخراجية الثلاث السابقة هي لقصص من تأليفه، فكونه مؤلف العمل ومخرجه يساعده على عرض وجهة نظره بشكل مطلوب، وحتى لو عمل على نص ليس من كتابته فسيتخيله قبل تصويره ليقترب من هذا التخيل.

يضيف أنه سبق أن أرسل نص فيلم {مصور قتيل} من تأليفه إلى المخرج كريم العدل ليتولى مهمة إخراجه، لأن الظروف لم تسمح له بإخراجه؛ إذ اعتاد كتابة ثلاثة أعمال في العام، وإخراج عمل كل عامين، لذا صعب عليه إخراج فيلم جديد في وقت كان يصوّر فيه {أسماء}.

يؤكد ثقته بقدرات العدل، لا سيما أن التعاون السابق بينهما حفزه على اختيار العدل لإخراج قصة من كتابته؛ إذ سبق أن أخذ أحد السيناريوهات التي كتبها وقدمها في مشروع تخرجه على شكل فيلم قصير.

أما المؤلف والمخرج بيتر ميمي فأسند مهمة كتابة السيناريو والحوار الخاص بقصة {سعيد كلاكيت} التي كتبها إلى السيناريست محمد علام؛ وشاركا سوياً في ذلك بعدما فهم علام طبيعة الأجواء التي تدور حولها دراما العمل، وتأكد ميمي أن ثمة نقاطاً تجمعه بعلام تساعدهما على تقديم الفيلم بشكل لائق.

يضيف أن هذه التجربة هي الثانية له في التأليف والإخراج بعدما كتب وأخرج فيلم {سبوبة} (عرض العام الماضي)، مؤكداً أنه لا يمانع إخراج قصص لمؤلفين آخرين، تاركاً الأمر للظروف، وإذا عُرضت عليه قصة جيدة فسيقبل بإخراجها من دون تردد، وقد يكرر تجربة {سعيد كلاكيت} مع سيناريست آخر حينما تخطر بباله فكرة فيلم.

يستمر داود عبد السيد في مسيرته كمؤلف ومخرج لأعماله؛ ويعكف على إخراج فيلم {قدرات غير عادية} الذي كتب قصته، مؤكداً أن اتباع هذا الأسلوب يساعد المخرج في تقديم القصة كما تخيلها عند الكتابة، واستخدام الأدوات الفنية كافة وتوجيه الفنانين لخدمتها.

يضيف أنه طوال مشواره السينمائي، أخرج فيلماً واحداً من كتابه مؤلف غيره هو {أرض الأحلام} لهاني فوزي، وثمة أفلام أخرى لم يكتب السيناريو والحوار لها، لكنها ولدت على يديه، وأتمّ ولادتها بتقديمها على الشاشة، أما بقية الأفلام فهي من تأليفه وإخراجه.

back to top