أين المسرح الشعري في مصر؟ سؤال محوري يتكرر كل عام كلما تردد اسم صلاح عبد الصبور، الذي يحتفي المثقفون المصريون بذكرى رحيله هذه الأيام، وتواكبت الذكرى مع إقامة فعاليات المهرجان القومي للمسرح.

Ad

في ندوة حول المسرح الشعري في مصر، شارك فيها رئيس هيئة الكتاب د. أحمد مجاهد، أستاذ الأدب الإنكليزي د. محمد عناني، والكاتب محمد أبو العلا السلاموني، قال الأخير: {إذا نظرنا إلى المسرح سنجده الشعر ذاته، والشعر ينطوي على الغموض وعدم الفهم، بينما المسرح يحتاج إلى الشعر، ومن هنا اتسعت الهوة بين الشعر الحديث والمسرح، والحل لهذه الهوة أن نأخذ من الشعر عناصره الرئيسة وهي الخيال والنظم، وهذا ما أخذناه من الشعر الحديث في المسرح، وصلاح عبد الصبور يقول إن أي مسرح سنجد فيه شعراً حتى لو كان نثرياً. وتابع أن من يقول إن ثمة انحساراً للمسرح الشعري فهذا يعني خرافة، لأن هذه المقولة غير موجودة. ولكن أرى أن الجيل الحالي مظلوم ولا يأخذ حقه من الكتابة، وكاتب المسرح الحقيقي هو شاعر بالضرورة مثلما كان كتاب المسرح القدامى هم شعراء بالضرورة، لكن الآن يكتبون بالصورة الحديثة.

بدوره قال د. أحمد مجاهد: {يجب التفرقة بين الشاعرية والشعرية التي تجعل الأدب أدباً وهذا ليس شعراً، وعن الغموض، فالنصوص متعددة المعنى والدلالة، والنقد الحديث الآن يقف في منطقة وسطى بين النص وبين ثقافة المتلقي، حيث لا يصل كل قارئ إلى المعنى نفسه {.

ومع الشعر الحديث، جاءت الولادة الحقيقية للمسرح، بحسب مجاهد الذي يوضح أن مبرر تحول الشعر العربي من عمودي إلى شعر التفعيلة هو التحول بالشعر العربي من الغنائية الخالصة إلى الدرامية، وكان الشعر الحديث مدخلاً حقيقياً إلى وجود مسرح شعري عربي .

وأضاف: {كان صلاح عبد الصبور يحمل على عاتقه قضية التنوير وعلاقة المثقف بالسلطة، مدللاً على ذلك بمسرحيات صلاح عبد الصبور، وقال: {في مأساة الحلاج كانت مشكلته الرئيسة أنه يريد أن يكون مثقفاً تنويرياً ويساعد المجتمع في ذلك، والخطأ التراجيدي الذي ارتكبه الحلاج من وجهة نظري أنه لم ينتقل إلى حيز الفعل. ميزة صلاح عبدالصبور أنه مسرحي، فإذا جردنا كلام عبد الصبور من الشعر سنجده نصاً مسرحياً، وفي {الأميرة تنتظر} تسير على نهج أسطوري مسرحي، ويتعامل فيها مع الأميرة المرأة، واستخدم مونولوجاً تنويرياً صريحاً، والأمر نفسه ينطبق على {مسافر ليل}. وصلاح عبد الصبور لم يكن يعفي المثقف من مسؤوليته، ولم يكن يعفي الشعب من ضعفه واستكانته، وكان يبحث عن المثقف الذي لديه الفكر والقدرة على الحكم من خلال المشاركة. و}ليلى والمجنون} تحمل أيضاً صراعاً واضحاً بين المثقف والسلطة}.

وأكد د. مجاهد على أن القضية المحورية التي كان يهتم بها صلاح عبد الصبور في أعماله هي علاقة المثقف بالسلطة ودور المثقف في التنوير، وصلاح عبد الصبور مثلما كان شاعراً كبيراً كان مسرحياً كبيراً، ويدرك تماماً العناصر كافة جيداً، ويعرف كيف يحول الشعر إلى نص مسرحي.

من جانبه تحدث د. محمد عناني عن ترجمة النصوص المسرحية والشعرية، وقال: {الشاعرية المقصود بها الرؤية التي تتضمن المجاز أو الاستعارة، نحن أقدر على فهم أدبنا ونحن أقدر على ترجمته، فترجمة الأجانب مليئة بالأخطاء لعدم معرفتهم العميقة باللغة العربية .