إن شئنا طمس عروبتنا فلنردد: «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»!
أحياناً لا يقصد المرء استبدال مصطلح بآخر ولكن شيوعه وتكراره يؤديان إلى ذلك، وقد استبدل تعبير "الوطن العربي" بذلك المصطلح الهجين غداة هزيمة يونيو 1967، ثم موت صاحب المشروع سنة 1970 في شهر سبتمبر، وكان تعبيراً شائعاً بين العرب قبل الهزيمة وقبل أن يموت جمال عبدالناصر.وإذا شئنا الرجوع إلى برنارد لويس في "تاريخ الشرق الأوسط" وهو الذي أراد إشاعة مصطلح "الشرق الأوسط"، وعنوان كتابه يدل على ذلك، أقول إذا شئنا الرجوع إلى برنارد لويس، وهو من أعداء العرب ووحدتهم، فإن "الشرق الأوسط" مصطلح أطلقه أحد ضباط البحرية البريطانية سنة 1902، الأمر الذي يدل على أصل المصطلح، مؤكداً النتيجة المرتبطة بصياغته وظهوره، وكيف أنه لم يَرد في أيّ مرجع قديم.
وإذا استثنينا إيران وتركيا وإسرائيل، فإن "الشرق الأوسط" يبقى "عربياً"، لا شبهة في ذلك، أما "شمال إفريقيا"، الذي أطلقه الفرنسيون على "الجزائر" فكان المذيع في البرنامج المخصص للثورة الجزائرية في "صوت العرب"، يردد "شمال إفريقيا... بلادنا"، وذلك أيام المد الناصري الكاسح بزعامة جمال عبدالناصر أيضاً، والذي أصر على تأييد الثورة الجزائرية بعد أن هاجمت فرق بلاده في "حرب السويس"، وكان الغرض الإطاحة به وبحكمه، وانطلاقاً من دعوته لوحدة النضال العربي، تمهيداً لمشروعه في الوحدة العربية الجامعة من المحيط إلى الخليج. ذلك هو أصل "المصطلحين": الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد عادت مصر في عهد "الرئيس" المشير عبدالفتاح السيسي إلى عروبتها، وفي الصحف المصرية والإعلام المصري اليوم تجد حساً قومياً عروبياً وعربياً. قال تعالى في محكم كتابه: "ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين"... إلى آخر الآية الكريمة، فالانقلاب التاريخي الإلهي حاصل رغم كل المكر، فالله خير الماكرين، وذلك ما حققه الله على يد جيش مصر، والمشير السيسي. إن "الوطن العربي" تعبير من كلمتين، فما الداعي لاستخدام الكلمات الأربع؟ وإن "العروبة" حقيقة ساطعة في هذه المنطقة، وعندما تعود مصر وتنهض وتقوى، فإن الأمور تعود إلى نصابها، وفي ذلك لابد من الإشادة بسياسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ومحمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وحمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، لأنهم أدركوا أهمية دور مصر وتأثيرها وتأثير أعدائها.وقبل ذلك كانت "الناصرية" تجري في عروقهم، والناصرية أحد التعبيرات عن الارتباط بمصر وتأييدها؛ لذلك كانت إسرائيل والغرب على عداء مستحكم مع المشروع الوحدوي الذي طرحه عبدالناصر. والناصرية ليست بالأمر المستورد، فقد كانت الجماهير العربية تردد أيام النصر: "من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر"، وجاء فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، أيام الهزيمة في قمة السودان ليقول، بعد أن شرح عبدالناصر احتياجات مصر وسكت بقية العرب، "لبيك عبدالناصر". فكانت الناصرية تجري في العروق وتلك هي شهادة أكثر السعوديين ومن بينهم خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، في كتابه "مقاتل من الصحراء"، وكنا قد استشهدنا به في أكثر من مناسبة.* أكاديمي ومفكر من البحرين