«السيل الريفي»... قسَّمتها الصراعات ووحدها نقصُ الخدمات

نشر في 08-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 08-04-2014 | 00:01
No Image Caption
القرية تعاني شحاً في الغذاء والكهرباء... ومنكوبوها يبحثون عن تعويضات
لم يكن مفاجئاً أبداً، للعالمين ببواطن الأمور أن تنقسم الحياة في منطقة "السيل الريفي" التي تقع في محافظة أسوان على بعد 900 كيلو متر جنوب العاصمة المصرية القاهرة، والتي شهدت اشتباكات بين قبيلة "بني هلال" وأهالي قرية "الدابودية" التي ينحدر أغلب سكانها من أصول نوبية وكان ضحاياها 26 قتيلا وعشرات المصابين.

الحياة في المنطقة، وتحديداً في مربع "خور عواضة" الذي شهد الأحداث التي اندلعت يوم الجمعة الماضي، انقسمتْ إلى نصفين، الأول في الجانب الذي تقطنه غالبية الهلالية، وهم أبناء قبيلة عربية مهاجرة إلى مصر منذ عشرة قرون، والنصف الثاني تقطنه أسر تنتمي إلى النوبة في هجرة حديثة نسبياً، وقعت خلال حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الستينيات من القرن الماضي.

بعض العمارات مُحترقة، وعدد من المحلات الصغيرة لم يتبق منها سوى أطلال، في حين جلس أصحابها في انتظار التعويض من المحافظة التي لم يصل أي مسؤول رسمي منها إلى المتضررين، حتى أمس.

الجميع هنا يعاني نقصاً حاداً في المواد الغذائية، العمل في أفران الخبز توقف، وسط تخوّف التجار من توريد مواد غذائية إلى القرية المتناحرة، بينما رصدت "الجريدة" دخول أول دفعة من القمح لأحد المخابز بعد توقفه عن العمل ثلاثة أيام، فضلاً عن انقطاع الكهرباء لأكثر من 24 ساعة متواصلة.

الجفاف في الجزء الذي تقطنه الغالبية الهلالية لا يتوقف فقط على قلة الطعام ولكن أيضاً على ندرة الحشائش التي تتغذى عليها المواشي فارتفع ثمنها، إلى أسعار هائلة، بينما ظهر الوهن على المواشي التي لم تتناول طعامها منذ أيام.

أمنياً، تبدو الدولة المصرية غائبة رغم وجود مقر لوحدة عسكرية على المدخل الذي تقطنه الغالبية الهلالية، وبحسب روايات الأهالي، فقد تحول قسم شرطة ثاني أسوان الذي يقع في قلب المنطقة إلى ما يشبه الوحدة العسكرية، بعد أن تولت تأمينه قوات مشتركة من الشرطة والجيش، رغم توقف العمل به بشكل كامل منذ بداية الأحداث.

في الشق النوبي من المنطقة، تجري الحياة بشكل أقرب إلى الطبيعي، السوق يشهد حركة بيع وشراء، والمقاهي تمتلئ بالشباب النوبيين، لكن قوات الأمن تقف بالقرب من منازل الأقليات "الهلالية" لتحميها من الجيران النوبيين.

الدموع وصرخات النساء حزناً على رحيل الأحباب، هي ما يجمع بين المتناحرين، شقيقة القتيل أحمد النوبي "19 عاماً"، الذي سقط قتيلاً بثلاث رصاصات تتلقى العزاء باكية من السيدات، بينما الهلالية يتلقون العزاء في شبابهم المقتولين، ليوحد السواد والنية في القصاص بين الجانبين.

back to top