د. ميسون الفيومي: الصيام يعالج اضطرابات السلوك
هل ثمة علاقة بين قواعد السلوك والصيام، وما السلوك الغذائي السليم الذي يجب اتباعه في شهر رمضان؟ وكيف نتصرف مع الأطفال في هذا الشأن؟ عن هذه التساؤلات وغيرها تجيب الدكتورة ميسون الفيومي، أستاذة العلوم السلوكية التي تلفت إلى أهمية قواعد التصرف والسلوك بالنسبة إلى الصائم، وتتحدث عن أفضل الأطعمة على مائدتي الإفطار والسحور، وضرورة تجنب المثيرات الانفعالية والعصبية الزائدة، وغيرها من نصائح مهمة في اللقاء التالي.
كيف ترين العلاقة بين الصيام وعلم السلوك؟
يجب الإشارة أولاً إلى أن السلوك هو كل نشاط جسمي أو عقلي أو انفعالي، ويصدر نتيجة لعلاقات دينامية، وتفاعل الشخص مع البيئة المحيطة من حوله، ويعتبر هذا العلم من أركان علم النفس. ويدرس {السلوك} الإنساني والحيواني لمعرفة مسبباته وضبطه والتحكم والتوقع بممارساته. من جهة أخرى، يسعى الإنسان دائماً إلى إشباع حاجاته، وتجنب الألم والإحساس بالتوتر سواء في شهر رمضان أو سائر العام، ويستطيع الشخص السوي أن يعدل ويبدل سلوكه والتأقلم مع كل ما هو جديد في حياته، وثمة سلوك توافقي لحل المشاكل، واللجوء إلى الحيل الدفاعية كالإسقاط والارتداد والتبرير. ما أبرز الفروق بين السلوك الإرادي واللاإرادي؟السلوك الإرادي سلوك متعلم من خلال التنشئة الاجتماعية للإنسان وتفاعله مع البيئة، وهنا يؤدي العقل الواعي دوراً مهماً في تكوين الخبرات الإنسانية، بينما السلوك اللاإرادي سلوك معقد نتيجة تداخل عوامل كثيرة مثل الوراثة، والتكوين الجسدي، والخبرات المؤلمة التي يمر بها الإنسان، خصوصاً في مراحل الطفولة المبكرة.ما هي قواعد فن قواعد السلوك في رمضان؟ثمة قواعد كثيرة لآداب السلوك في دعوات الإفطار، وأهمها أن يصل الضيف قبل آذان المغرب بخمس دقائق فقط كي تكون ربة البيت جاهزة لاستقبال ضيوفها، وذلك مع أخذ هدية بسيطة تناسب الأسرة، وعدم التدخل في أحاديث شخصية، وتذكر قول الرسول (صلى الله عليه وسلم(: {من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه}.ماذا عن السلوك الأمثل أثناء زيارات الأصدقاء في رمضان؟ تختلف مواعيد الزيارات في شهر رمضان، ويفضل أن تكون بعد صلاة التراويح من نصف ساعة إلى ساعة، والمغادرة قبل منتصف الليل كي يتثنى لأهل البيت أخذ قسط من الراحة قبل السحور، مع ضرورة عدم النظر في الساعة أو التثاؤب لأن هذا دليل الرغبة في انصراف الضيوف.ما هي الأخطاء الشائعة عن {فن الإتيكيت؟{الإتيكيت} منهج حياة، وله قواعد كثيرة وآداب، ويظن البعض أنه التفوه بكلمات أجنبية أثناء الحديث، أو تناول الطعام باليد اليسرى، وترقيق الصوت واتباع أحدث الصيحات والموضة، وهذا خطأ شائع لأن مفهومه أعم وأشمل بكثير، ويعني حسن التصرف والكياسة والتهذيب. ماذا عن فن توجيه الأبناء إلى الصيام؟للآباء دور كبير في توجيه أبنائهم إلى الصوم وأداء الصلاة، وتكوين عادات غذائية سليمة. يمكن للطفل أن يشارك الكبار فرحة الصوم، وعند بلوغه الخامسة يصوم من العصر إلى المغرب، ومن عمر ست إلى سبع سنوات يتناول وجبة الفطور، وبعد ساعتين بعض الفواكه وكوب لبن، وعند آذان الظهر يمسك عن الطعام. أما في الثامنة فيستطيع أن يصوم شهر رمضان كاملا. ما تأثير تناول الطعام من دون ضوابط سلوكية على الصحة؟ تناول الطعام من دون ضوابط يسبب متاعب صحية بالغة، ويرجع إلى عوامل نفسية مثل التوتر واضطرابات المشاعر، وقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم):{المعدة بيت الداء}، وأوضح: {ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للهواء}، ومن يفعل ذلك سيشعر دائماً بنشاط وحيوية وتزيد قدرته على التركيز.هل ثمة أغذية مسببة لاضطرابات السلوك؟ لا شك في أن الغذاء الصحي يساعد الإنسان على الاستقرار النفسي والسلوكي، وثمة علاقة بين الطعام وبين ممارسة السلوك العدواني، مثلاً الأطعمة الغنية بالبروتينات، خصوصاً اللحوم الحمراء، تسبب الخمول والكسل، والأطعمة المعلبة تزيد النزعة العدوانية، فيما يسبب نقص المعادن سرعة الانفعال، ويؤدي تناول الشاي والقهوة بكثرة إلى التوتر والعصبية. ما هي الأطعمة المثالية خلال شهر الصوم؟تساعد الخضار والفاكهة على تحسين الحالة المزاجية والتفكير الجيد، ويقاوم العسل الأبيض والأسود فقر الدم. كذلك يجب شرب العصائر الطازجة، مع الامتناع عن المواد الحارة والتقليل من إضافة الملح وعدم الإفراط في أطباق الحلوى، إضافة إلى التخلص من عادة النوم مباشرة بعد وجبتي الإفطار والسحور.هل ثمة أمراض سلوكية تحول دون الصيام؟ثمة أمراض عصبية ونفسية لا يصح معها الصوم، مثل {الشيزوفرينيا} نتيجة الأدوية التي يتناولها المريض، والتي تشعره بجفاف الفم والعطش الشديد، وتوقفها يؤدي إلى نوبات عنف مع النفس والآخرين. كذلك مرضى الصرع والمصابون باضطرابات نفسية حادة، تنخفض لديهم نسبة السكر في الدم. أما من يعاني من القلق غير المزمن والاكتئاب البسيط فالصيام لا يؤثر على حالته الصحية.