الأسبوع المقبل بداية تطبيق الوحدة الفلسطينية

نشر في 14-05-2014
آخر تحديث 14-05-2014 | 00:01
 صالح القلاب المفترض أن يتم تشكيل الحكومة الانتقالية، حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، خلال الأسبوع المقبل، وستكون هذه الحكومة برئاسة محمود عباس (أبومازن)، الذي يعتبر أنَّ إنهاء الانقسام الفلسطيني، السياسي والتنظيمي والجغرافي، أهم إنجازات هذه الوحدة التي كان من المستبعد جداً أن تكون لولا كل هذه المتغيرات التي حدثت في مصر وأنهت حكم الإخوان المسلمين، الذي كان بمنزلة غيمة ثقيلة الظل، والذي لو استمر لأدى إلى كوارث فعلية في هذه الدولة العربية الرئيسية، وفي المنطقة، وهذا الإقليم بأسره.

لقد واجه "أبومازن" ضغوطاً هائلة لا تتحملها حتى رواسي الجبال من إسرائيل والولايات المتحدة والعديد من الدول العربية، لحمله على عدم الذهاب إلى هذه الخطوة، لكنه صمد أمام كل هذه الضغوط وأصر على إنهاء هذه الحالة الشاذة التي ترتبت على الانقلاب العسكري المشؤوم، الذي نفذته حركة "حماس" في غزة عام 2007، ويومئذ كان هناك ما يسمى: "فسطاط الممانعة والمقاومة"! وكان الإخوان المسلمون لم يصبهم بعد ما أصاب "البرامكة"، وكانت مصر نتيجة الضعف، الذي أصاب نظام حسني مبارك في نهاية مشواره الطويل، عاجزة عن إحباط هذا الانقلاب، ومنع إيران من إقامة جسرها الثاني على شواطئ البحر الأبيض، بعد الجسر الأول الذي أقامه "حزب الله" في لبنان.

إنَّ المعروف أن الوحدة الفلسطينية بقيت تتعرض منذ انطلاقة الثورة المعاصرة في عام 1965 لمحاولات دؤوبة لدق الأسافين فيها، وان هذا النظام السوري، الذي أورثه الأب لابنه، حاول بعد حصار ظالم للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبوعمار) وقواته في طرابلس اللبنانية إطاحة منظمة التحرير وقيادتها، وإنشاء منظمة أخرى بقيادة "مطواعة" جديدة، لكن تلك المحاولة المبكرة قد فشلت فشلاً ذريعاً، لرفضها من قبل الشعب الفلسطيني كله، ومن قبل الاتحاد السوفياتي في ذلك الحين، ومن قبل الكثير من الدول العربية التي كان الأردن في طليعتها باستضافته للمجلس الوطني الفلسطيني في عمان في نوفمبر 1984، الذي كان انعقاده تمتيناً وتثبيتاً لشرعية "المنظمة" وشرعية قيادتها.

لكن أخطر ما تعرضت له هذه الوحدة هو انقلاب عام 2007 الدموي فعلاً، والذي جاء في واحدة من أخطر فترات النضال الفلسطيني، حيث كانت هناك مفاوضات أصعب من خرط القتاد، وكان هناك تشكيك إسرائيلي، كان الأميركيون يسمعون إليه بآذان صاغية بأن الفلسطينيين غير موحدين، وأن منظمة التحرير لا تمثلهم، وحيث كان أيضاً هناك "فسطاط الممانعة والمقاومة"، الذي لم تكن عصفت به الرياح بعد، وكان هناك التمدد الإيراني بكل زخمه لإتمام مشروع الهلال الطائفي الذي يتم استكماله الآن من خلال كل هذا الذي يجري في سورية والعراق ولبنان.

وهكذا فقد مرَّت سبع سنوات عجاف بعد هذا الانقلاب ظن الإخوان المسلمون خلالها أنهم سيملكون الأرض ومن عليها، وأنهم سينتقلون بعد مصر إلى بعض دول الخليج، وأنهم سيبتلعون الضفة الغربية وهي تحت الاحتلال كما ابتلعوا قطاع غزة، ويومها الكل يذكر هذا بادروا إلى حملة تشويهٍ وتخوين ضد "أبومازن"، وقالوا فيه أكثر مما قاله مالك في الخمر، وكل هذا بتمويل من بعض الدول الشقيقة.

وحقيقة، ثبت هذا بالممارسة لا بمجرد الأقوال، أن "أبومازن" يعتبر أن الوحدة الوطنية لها الأولوية، وأن رتق هذا الشرخ الواسع في المسيرة الفلسطينية يستحق تحمُّل كل الإساءات وإهمال كل الردح الذي تعرض له من بعض قادة "حماس" ومن الإخوان المسلمين، وأن هذه الخطوة التي تمت والتي يجب أن تستكمل بدون أي توانٍ أو توقفٍ يجب أن تجُبَّ ما قبلها، وأنه عفا الله عمَّا سلف، وأن قضية فلسطين فوق الجميع ولها الأولوية، لذلك فإنه مصرٌّ على تشكيل الحكومة الانتقالية خلال الأسبوع المقبل، وعلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية على أقصى حدٍّ خلال الأشهر الستة المقبلة.

back to top