أعلنت الحكومة بشكل رسمي التعبئة العامة بالمال والنفس للجهاد لكل من "إيدو إلوه" من خلال الرد على السؤال البرلماني بشأن الدعوة إلى إعداد جيش شعبي للقتال في سورية! وزاد رد وزير الداخلية بأن دعوات النفير والتحريض عليها، وإن كانت بشكل علني من أجل تهييج مشاعر وعواطف الناس البسطاء، وكذلك جمع الأموال لهذا الغرض، ليست من اختصاص وزارة الداخلية، ولا يقع المروجون لها تحت طائلة القانون، بل لا يمكن ملاحقتهم وفق التشريعات الكويتية لأن ذلك لا يعد وفق القانون تهديداً لأمن الكويت!

Ad

هل هناك كارثة قانونية وفضيحة سياسية أكبر من هذا؟ بل هل من الحكمة والمواءمة أن يتم التصريح العلني بوجود هذه الثغرات التشريعية في ظل تنامي الفتن والانقسامات الحادة بين الكويتيين والإضرابات الإقليمية العنيفة والمتواصلة، وانتشار الفكر التحريضي ووسائل إعلامه على الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي؟

وهل باتت سياسة الحكومة مجرد التفرج على مثل الدعوات بعد إعطائها الضوء الأخضر؟ وهل يراد منا كشعب أن نستدرج في خدمة التجنيد الإلزامي، التي ألغتها الحكومة، ولكن تحت إمرة مجموعة من دعاة التطرف والتحريض لنجدة الشعوب في شرق العالم وغربه؟ وهل هذه إشارة إلى تشغيل خدمة الطوارئ الكويتية لنصرة المظلومين متى ما وردت إلينا نداءات الاستغاثة؟ وهل الضوء الأخضر هذا إيذان للتطوع في الجهاد في سورية أم يشمل ذلك الأمم المستضعفة المستغيثة في مصر واليمن وليبيا وتونس؟ وهل هذا الجهاد محصور بالدول العربية أم يشمل إفريقيا الوسطى، حيث يفتك بالمسلمين أو في بورما حيث المذابح الجماعية، أو لدعم مجموعات أبو سياف في الفلبين، أو للانضمام إلى بوكوحرام في نيجيريا؟ وهل رد الحكومة سيكون نفسه لو كان السؤال موجها إلى دعوة بعض الشيعة للتطوع في جيش حزب الله أو لدعم انتفاضة البحرين أو الجهاد مع الحوثيين في اليمن؟ وهل كانت الحكومة تعطي الإجابة ذاتها لو طلبت قيادات اليساريين إعداد المتطوعين للقتال مع الجيش الأيرلندي أو لنصرة نمور التاميل في سريلانكا، أو للانخراط في مجموعات الألوية الحمراء اليابانية وهي حركات شعبية يسارية تقاوم السلطات المستبدة، وتطالب بالتحرير والاستقلال؟

أخيراً، هل كانت الحكومة تتجرأ بالإجابة المفتوحة هذه لو كانت دعوة الجهاد موجهة للتطوع في القتال في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا، وتعتبر أن ذلك ليس من اختصاصها، ولا يشمل الجهاديين عندها طائلة القانون؟!

قد تكون هناك فراغات تشريعية خطيرة في ظل التطورات السريعة والمتلاحقة، ولكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة ومجلسها المدلل؛ لسدها وفق مقتضيات المصلحة الوطنية وأمن البلاد وحماية شبابنا من الغسيل الدماغي، وقذفهم في أتون نيران الفتنة، فها هي المملكة العربية السعودية أصدرت مراسيم ملكية لتجريم مثل هذه الأفعال ولحقتها البحرين والإمارات، وهي بلاد شبيهة بواقعنا السياسي وتأثيرات الإقليم الملتهب حولها، فأين مفاهيم السيادة والبلد في حال ضياع في كل شيء.فلا يعاقب اللصوص ولا يحاسب سراق المال العام، ولا يساءل تجار الأغذية الفاسدة لقصور التشريعات، واليوم يجند أبناؤنا للقتال والتعبئة وهم لا يعرفون من أجل ماذا يجاهدون، والحكومة تتفرج بحجة "ماكو قانون"؟!