يقول الطبيب المناوب في أحد المشافي الريفية النائية في منطقة تيراي في نيبال "لم أسمع عن أي وفيات ولادة في المجتمع خلال السنتين أو الثلاث الماضية. وأظن أن السبب يرجع إلى توافر الدواء والخدمات المجانية، ووجود خدمة توصيل طوال 24 ساعة".

Ad

كان التحسن بارزاً ومتميزاً في صحة التوليد في نيبال. وكان ذلك البلد في مطلع التسعينيات من القرن الماضي واحداً من أفقر الدول في العالم. ولاتزال نيبال الدولة الأفقر في جنوب آسيا، وقد ارتفع دخلها بشكل جيد، ولكن ليس بسرعة، كما أنها عانت حرباً أهلية. لكن من خلال مضاعفة الإنفاق على الصحة والتركيز على المناطق الأكثر فقراً، تمكنت نيبال من خفض معدلات وفيات المواليد إلى النصف في الفترة ما بين 1998 و2006، كما خفضت معدلات الحرمان والبؤس بقدر يفوق ما يوفره دخلها وحده. وبحسب مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد شهدت نيبال منذ سنة 2006 أشد هبوط في معدلات الفقر على ذلك المؤشر الذي وضعته "مبادرة أوكسفورد للفقر والتنمية البشرية".

ويظهر هذا ما تتوق وكالات التنمية إلى رؤيته ينتشر على صعيد عالمي. وفي الفترة ما بين عامي 1990 و2010 كانت نسبة السكان الذين يعيشون دون 1.25 دولار في اليوم في الدول النامية قد وصلت إلى النصف أو 1.2 مليار نسمة (أنظر الشكل البياني)، ومكن ذلك 189 حكومة- من الحكومات التي وقعت تعهداً يقضي بأن تخفض إلى النصف نصيبها من عدد الأشد فقراً بين 1990 و2015- للزعم أنها تمكنت من تحقيق هدفها في وقت مبكر.

ليس من الواضح مدى ما حققه ذلك التعهد من خفض في مستويات الفقر- ويعتقد أنه ليس كثيراً، نظراً لأن الصين، حيث تحقق الهبوط الأكبر، لم تلحظ الهدف. ولكن التداخل كان قوياً بما فيه الكفاية بشكل تقريبي في كل الدول التي رغبت في مجموعة جديدة من أهداف التنمية الدولية بعد انتهاء حزمة أهداف 2015.

وتظهر نيبال أن خفض معدلات الفقر لا يقتصر على تحسين الدخل، لأن الحرمان يتخذ أشكالاً متعددة- بما في ذلك النقص في عدد المدارس والمياه النظيفة والأدوية وتخطيط العائلة.

وقد تمكنت دول عديدة من خفض معدلات الحرمان الاجتماعي الذي يتعرض له الفقراء (سوء التعليم والصحة وغير ذلك) بقدر يفوق تحسين الدخل لدى الأشخاص الأشد فقراً. وكانت نيبال أول دولة وتبعتها بنغلادش، التي حققت واحداً من أفضل النتائج تطوراً على صعيد تقليص معدلات وفيات المواليد رغم النمو المتواضع في مستويات الدخل... لكن الدولتين تعدان مجرد استثناء.  

على المستوى العالمي كان من الصعوبة بمكان تحسين الجوانب الاجتماعية المرافقة للفقر مقارنة بالجانب الاقتصادي المجرد المتمثل في مؤشر الدخل على سبيل المثال، الذي تحقق من بين حزمة أهداف التنمية التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة قبيل الموعد المستهدف له بنحو خمس سنوات.  

ومن بين المشكلات الحرجة المرافقة لقضية الفقر، مسألة تفاوت الدخول وعدم المساواة، وهي من القضايا التي يصعب التأثير فيها وتغييرها، فالأغنياء الأقوياء لديهم من الحوافز ما يجعلهم غير راغبين في حدوث أي تغيير كبير في هذا الأمر، وقد تكون المنافع المحققة في هذا الشأن هامشية على أية حال.

وقد أظهرت دراسة جديدة من البنك الدولي أن أربعة أخماس التحسن في الدخل، الذي طرأ على نسبة الـ40 في المئة من الدول الأشد فقراً من بين 118 دولة جرى عليها الدراسة، ينسب إلى التحسن في "متوسط الدخل"- أي أن ذلك يرجع إلى النمو الاقتصادي العام لا إلى إعادة التوزيع.