مرافعة : إلى مكافحة الفساد؟
زادت في الآونة الاخيرة العديد من التساؤلات حول أسباب تأخر اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد بإصدار اللائحة الداخلية لهيئة مكافحة الفساد والتي استلزم قانونها إصدارها قبل العمل بقانونها الداعي لمراقبة الذمة المالية للقياديين والمسؤولين في كل الأجهزة الرسمية والرقابية في البلاد إلى إصدارها.ومثل تلك اللائحة لا يمكنها أن تصدر وقانون الهيئة الحالي معيب من الناحية القانونية ويحتاج الى تعديلات جذرية تتطلب إعادة النظر في بعض مواده لانه ومن دون تلك التعديلات الضرورية للقانون لا يمكن الحديث عن ضمان قيام هذا الجهاز بالدور المراد منه، وإلى أن تصدر تلك اللائحة الداخلية من قبل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد فإن هناك العديد من الضوابط يجب على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والقائمين عليها وهم من الشخصيات المشهود لهم بالكفاءة ونظافة اليد والمسلك الوظيفي الالتزام بها، وفي مقدمتها مسألة التعيين او حتى الاستعانة بالخبرات البشرية التي تعمل مع الهيئة الوطنية والتي يجب ان تكون وبحسب القانون متفرغة وغير مرتبطة باي من الاجهزة الرسمية وغير الرسمية ضمانا لحسن تطبيق القانون.
اذ لا يمكن بأي حال من الاحوال الاستعانة وعلى سبيل المثال بوكيل وزارة مساعد بمنصب أمين عام مساعد ولو بالوكالة، بذريعة أن الهيئة تتبع بحسب القانون تلك الوزارة، وذلك لأن مثل تلك الاستعانة وإن كانت على نحو مؤقت تمهد الى إمكانية التجاوز على نحو مستقبلي في العديد من القضايا ذات الطبيعة الادارية وهو ما يستلزم على القائمين على الهيئة التنبه له، خصوصا أن تجربة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لا يمكن لها ان تصلح وتنجح إذا تم الالتفات على بعض الضوابط التي استلزم القانون اتباعها وأراد لها أن تتحقق على أرض الواقع ضمانا لنجاح فكرة الجهاز حتى لو كانت ذات طبيعة إدارية، إلا أن لها أساسا مرتبطا بشكل الجهاز وبضمان نجاح المأمورية الموكول لها القيام بها!إن كانت استعانة الهيئة الوطنية لرجال القضاء من انتداب لديها يمثل مخالفة لنصوص قانون انشاء الهيئة والتي تشترط تفرغ من يعملون في هذا الجهاز كأصل عام وفي مادة أخرى تسمح بانتداب عدد من أعضاء النيابة في تناقض صارخ مع أساسيات وقواعد القانون ورغم أن تلك تمثل مخالفة للقانون ونحن نتحدث عن إشراك أعضاء من السلطة القضائية على سبيل الانتداب لهيئة مكافحة الفساد فكيف الحال إذا تمت استعانة هذا الجهاز ولو بشكل مؤقت بقيادي من إحدى الوازات الحكومية وهو بالتأكيد يشكل مخالفة أعظم حتى لو كانت الغايات هي أن دواعي تأسيس هذا الجهاز تستلزم تلك الاستعانة والرد برأيي أن تلك الدواعي لا تكون على حساب مخالفة القانون لأن القانون أعطى للهيئة الحق بالتعيين أو التعاقد شريطة تفرغ هؤلاء العاملين للعمل لديها وعدم ارتباطهم بأي من الجهات الرسمية في الدولة.في الختام، فإن آمال الكثيرين وأنا منهم معقودة على الدور الذي ستلعبه هيئة مكافحة الفساد في الكويت للحد من تفشي كل مظاهر الفساد الاداري في الدولة والعمل على القضاء عليه، فالناس لا تريد توصيات ولا أوراقا ولا مؤتمرات وانما تريد اقرارات ما في الذمة لكل من بيدهم القرار في هذا البلد وبما يسمح الدستور بمساءلتهم قانونا، فالحقبة التي عاشتها البلاد في المرحلة الماضية وما صاحبتها من قضايا الايداعات والتحويلات ومن قبلهما الناقلات هي ما دعت الى ضرورة إصدار مثل هذا القانون.