يؤكد سياسيون لبنانيون التقوا السفير الأميركي في بيروت دايفيد هيل بعد الزيارة الخاطفة لرئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري الى بيروت الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأميركية حرصت ولاتزال تحرص على إبلاغ المسؤولين اللبنانيين أن انتظار تسوية إقليمية – دولية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يمكن أن يجدي نفعا، لأن واشنطن ليست في وارد الدخول في أي تفاوض أو صفقة مع أي جهة إقليمية ولا سيما إيران في شأن النفوذ في الشرق الأوسط عموما ولبنان تحديدا.

Ad

وينقل السياسيون اللبنانيون عن السفير الأميركي في لبنان دايفيد هيل قوله لمن يلتقيهم إن صفقة أو تسوية إقليمية أو دولية في شأن رئاسة الجمهورية اللبنانية تبدو مستحيلة في الظروف الراهنة لاعتبارات عدة أبرزها:

1- إن الولايات المتحدة الأميركية تحصر محادثاتها مع الجانب الإيراني في الجانب التقني من الملف النووي الإيراني بحيث تقطع الطريق على أي احتمال لاستخدام البرنامج النووي الإيراني في المجالات العسكرية وغير السلمية. وتحرص واشنطن على عدم الدخول مع طهران في أي تشعبات او مسائل جانبية من شأنها إزاحة المفاوضات على جدول أعمالها الحصري والمحدد وفقا لمفهوم الولايات المتحدة الأميركية.

2- إن الجهات الإقليمية المؤثرة في الوضع اللبناني ليست جاهزة بعد لتسوية شاملة في ما بينها في شأن الوضع اللبناني مادامت الأمور لم تستقر بعد على المستوى الإقليمي، لاسيما في سورية والعراق وغيرها من الدول التي تشهد تجاذبات بين إيران من جهة وكل من المملكة العربية السعودية ودول خليجية عدة ومصر من جهة مقابلة. وأقصى ما يمكن أن يتوصل اليه الأطراف الفاعلون إقليميا هو التسوية التي أدت الى تشكيل الحكومة الحالية التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في انتظار انتخاب رئيس جديد.

ويلفت السياسيون اللبنانيون أنفسهم الى أن عدم حماسة طهران للقاء إيراني – سعودي كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أعرب عن أمله في انعقاده من خلال دعوة نظيره الإيراني لزيارة المملكة، خير دليل على أن لا جدوى من انتظار اللبنانيين تسوية إقليمية لانتخاب رئيس للجمهورية.

ويبدو ان الإدارة الأميركية قد وجهت عبر وزير خارجيتها النصيحة الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام والبطريرك الماروني بشارة الراعي، وعبر سفيرها في بيروت الى قيادات سياسية وحزبية من ألوان ومشارب مختلفة بضرورة تدبر أمورهم الرئاسية إذا ما أرادوا فعلا الحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الدولة، لأن أصحاب القرار الإقليميين والدوليين لا يضعون الشؤون اللبنانية الداخلية على جدول أعمالهم في المرحلة الراهنة وفي المدى المنظور، وكل ما يعنيهم من الوضع اللبناني هو الحد المقبول من حالة الاستقرار الأمني.

ويخلص السياسيون اللبنانيون الى تأكيد أن واشنطن ليست في وارد إحداث أي تغيير على سياستها في لبنان، وبالتالي فإن رهان أي من الفرقاء السياسيين على جر الولايات المتحدة الاميركية الى اللعب في ساحات لا تريد اللعب فيها هو سراب، لأن واشنطن ليست مستعدة للتعامل مع شروط طهران الإقليمية الهادفة الى تكريس توسيع نفوذها السياسي خارج حدودها الجغرافية وانتزاع اعتراف دولي بهذا النفوذ، ولا مع شروط الرئيس السوري بشار الأسد الساعي الى انتزاع اعتراف دولي بشرعية بقائه في السلطة، واستطرادا مع شروط حزب الله لفرض رئيس للجمهورية في لبنان يغطي سياسة الحزب في الداخل اللبناني وفي سورية.