مسطرة الحكومة "عوجة" في الكثير من مواقع المسؤولية، ويزداد هذا الاعوجاج عند تنفيذ القانون رغم التصريحات المتكررة بأن القانون "سوف" يطبق على الكبير قبل الصغير.

Ad

الحكومة على محك حقيقي في ترجمة مصداقيتها بشأن تطبيق قانون مهم وحساس، وهو ما يتعلق بالقياديين وفق ضوابط الخدمة المدنية، حيث تمارس قمة المتناقضات في ترحيل من استكملوا السن القانونية، فبينما يلجأ بعض الوزراء إلى ممارسة ما أسميناه من قبل أسلوب الإبادة الجماعية بحق قياديي وزاراتهم، لا يزال الكثير من القياديين "الشيّاب" في وزارات وجهات أخرى يسرحون ويمروحون، بل إن وجودهم على رأس عملهم يأتي "غصباً" عن الوزير نفسه، فهل نحن في ظل حكومة واحدة، أم هناك حكومات في بطن الحكومة؟ وهل قانون الخدمة المدنية يطبق كسائر قوانين الدولة على ناس ناس؟

في الواقع نحن نقدّر سنوات خدمة وعطاء أي موظف ممن أفنى شبابه وطاقته وجهده في خدمة البلد، وفي نفس الوقت يجب أن نحترم مفهوم ضخ الدماء الشابة وتحميلها المسؤولية قبل فوات الأوان عليهم أيضاً، فبعض القياديين الذين تم إقصاؤهم هم في قمة عطائهم، بل لم يستكلموا حتى المدة الزمنية لمناصبهم القيادية، وأعمار بعضهم لم تتجاوز منتصف الخمسينيات، ومع ذلك وبجرة قلم وجدوا أنفسهم محبوسين في بيوتهم، والسبب في ذلك أنهم انتظروا فرصتهم في تولي المناصب القيادية سنوات طويلة وحرموا منها ظلماً وجوراً، وعندما أخذوا حقهم فإذا بمقصلة الإحالة إلى التقاعد في انتظارهم!

وفي المقابل هناك من أمضوا أكثر من أربعين سنة في الخدمة ولا يجرؤ أحد على زحزحتهم من الكرسي في دليل واضح أنهم أقوى من الحكومة نفسها، والأدهى من ذلك والأمرّ أن بعض القياديين يتم تكريمهم بحزمة مالية دسمة "ولا بالأحلام"، حيث تصل مكافأتهم إلى مليون دينار بينما يخرج البعض الآخر على "طلق المعاش"، وقد يكون مديناً أحياناً، أوليس هؤلاء القياديون خدموا ذات الحكومة وذات البلد وقاموا بذات المسؤوليات الإدارية والوظيفية؟ فلماذا هذا التناقض العجيب وغير المبرر في نظام المكافآت والأجور؟

فضائح الإحالة إلى التقاعد، خصوصاً بالنسبة إلى القياديين، تتطلب أن تأخذ الحكومة وكذلك النواب قانون التعيين في الوظائف العليا ومعايير اختيارها وتحديد مددها الزمنية كإحدى الأولويات؛ لأنه محبوس في لجان مجلس الأمة منذ عام 1996، ونتيجة هذا التقاعس يتفرع من المقولة الكويتية الشهيرة "ناس وناس" تطبيق جديد هو "شيّاب وشيّاب"!