«الدستورية»: إلزام «القصّر» من أبناء المذهب الجعفري بإخراج الزكاة يتوافق مع الدستور

نشر في 15-12-2013 | 00:01
آخر تحديث 15-12-2013 | 00:01
No Image Caption
«الدستور أخذ بأحكام الشريعة دون الالتزام بمذهب فقهي معين»
أكدت المحكمة الدستورية ان الدستور أخذ بأحكام الشريعة دون الالتزام بمذهب فقهي معين، ورأت أنه لا يمكن إلزام المشرع بإصدار قانون يوجب إخراج الزكاة على الجميع لأن وظيفة المحكمة قضائية وليست تشريعية، وبينت أن الرأي الراجح في الشريعة وجوب إخراج الزكاة على الولي أو الوصي، لذلك فإن إلزام «القصّر» من المذهب الجعفري بإخراج الزكاة لا يتعارض مع الدستور.

قطعت المحكمة الدستورية بإلزام المواطنين من المذهب الجعفري من القصر الذين هم تحت رعاية الهيئة العامة لشؤون القصر بإخراج زكاة الأموال وفق القرار الوزاري رقم 35 لسنة 1980، الذي يلزم جميع القصر بإخراج زكاة للأموال عبر اقتطاع جزء من أموالهم من قبل إدارة الهيئة العامة لشؤون القصر من أي مذهب كانوا.

وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها البارز الذي كان ردا على إحالة بعدم دستورية اللائحة الصادر بها قرار وزير العدل رقم 35 لسنة 1980 بشأن اخراج زكاة اموال المشمولين برعاية ادارة شؤون القصر الى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستوريتها ولمخالفتها المواد 2 و7 و35 من الدستور، ان القرار المطعون عليه لا يخالف احكام الشريعة الاسلامية ولا يتضمن مساسا بحرية الاعتقاد، كما ان المشرع الكويتي عندما قرر إلزام القصر باخراج زكاة اموال القصر المشمولين برعايتها اخذ بالرأي الراجح في المذاهب الفقهية الاسلامية الذي اوجب الزكاة في اموالهم وألزم الولي او الوصي بإخراجها.

 

وقائع القضية

 

وترجع وقائع القضية الى قيام مواطنة برفع دعوى ضد الهيئة العامة لشؤون القصر لبيان قيمة المبالغ التي خصمت من حساب نجلها الذي كان برعاية هيئة شؤون القصر، خاصة انها اصبحت وصية عليه بعد حصولها على حكم من محكمة الاحوال الجعفرية، وان ادارة الخبراء في دعوى تصفية الحساب للأموال التي صرفت من حساب نجلها القاصر انتهت الى ان قيمة المبالغ المستقطعة من اموال القاصر يزيد على مبلغ 45 الف دينار.

وقامت المواطنة برفع دعوى بطلب الزام هيئة شؤون القصر برد المبالغ التي تم استقطاعها من حساب نجلها القاصر، وانتهت المحكمة الابتدائية إلى رفض الدعوى فقامت باستئناف الحكم، ولدى تداول الدعوى امام محكمة الاستئناف قررت الاخيرة وقف نظر الاستئناف واحالة اللائحة الصادر بها قرار وزير العدل رقم 35 لسنة 1980 بشأن اخراج زكاة اموال المشمولين برعاية ادارة شؤون القصر الى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستوريتها، بعد ان ارتأت من تلقاء نفسها مخالفة تلك اللائحة لأحكام الدستور.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها ان القرار الوزاري رقم 35 لسنة 1980 الصادر من وزير العدل بشأن اخراج زكاة اموال المستثمرين برعاية ادارة شؤون القصر قد نص في المادة 1 منه على أن تقوم ادارة شؤون القصر باخراج زكاة الاموال من القصر والمحجور عليهم المشمولين برعايتها، وذلك طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية ونصوص هذا القرار، وأورد في باقي مواده الاحكام المتعلقة بالاموال التي تجب فيها الزكاة وشروط اخراجها وتحديد النصاب الشرعي وكيفية اداء الزكاة من الاموال المختلفة ومصارفها.

 

فرض الزكاة

 

وحيث إن مبنى النعي على قرار وزير العدل سالف الذكر ـ حسبما يبين من حكم الاحالة ـ انه قد خالف المواد 2 و7 و35 من الدستور، اذ فرض الزكاة على كل القصر الكويتيين الذين لا وصي عليهم دون مراعاة الاحكام الخاصة بالزكاة في المذاهب الدينية المختلفة بالمخالفة لمبدأ حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وترتب عليه وجوب اخراج الزكاة من اموال القصر الكويتيين من أتباع المذهب الجعفري رغم انهم غير مخاطبين اصلا بهذه الفريضة في المرحلة العمرية السابقة على البلوغ طبقا لأحكام مذهبهم، كما ترتب على ذلك القرار إلزام القصر الكويتيين من غير المسلمين بالزكاة رغم انها ليست من اصول دينهم، وذلك بالمخالفة للمبادئ العامة للشريعة الاسلامية التي تقضي بألا يخاطب غير المسلمين بفرائض الدين الاسلامي، فضلا عن ان اخراج الزكاة جبرا من اموال القصر الكويتيين دون اصدار تشريع مماثل بفرض الزكاة على غيرهم من المواطنين الكويتيين يعد إخلالا بمبدأ المساواة.

 

أحكام الشريعة

 

وحيث ان هذا النعي ـ في جملته ـ مردود، ذلك ان النص في المادة «2» من الدستور على ان «دين الدولة الاسلام، والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع» يدل على ان الدستور بموجب هذا النص يحمل المشرع امانة الاخذ باحكام الشريعة الاسلامية ما وسعه ذلك، إلا انه لم يلزمه باتباع مذهب فقهي معين، بل يسوغ له ان يتخير ايا من المذاهب الفقهية، حتى يجمع الناس على رأي واحد يرفع به الخلاف ويحقق الصالح العام.

 

الوصاية على القصر

 

لما كان ذلك، وكان القانون رقم «67» لسنة 1983 في شأن انشاء الهيئة العامة لشؤون القصر ـ والذي حل محل القانون رقم «4» لسنة 1974 في شأن ادارة شؤون القصر ـ قد ناط بهذه الهيئة تولي الوصاية على القصر الكويتيين الذين لا ولي أو وصي عليهم، واجاز لها ادارة اموال القصر وناقصي الاهلية وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية، واذ صدر القرار الوزاري رقم «35» لسنة 1980 بشأن اخراج زكاة اموال القصر المشمولين برعايتها، اخذ بالرأي الراجح في المذاهب الفقهية الاسلامية الذي اوجب الزكاة في اموالهم والزم الولي او الوصي باخراجها، فإن القرار بذلك لا يكون قد خالف احكام الشريعة الاسلامية او تضمن مساسا بحرية الاعتقاد، ولا محل للنعي عليه بانه فرض الزكاة على غير المسلمين من القصر الكويتيين، إذ لا اثر لهذا النعي على النزاع الموضوعي والذي أقيم ممن ينتمي الى المذهب الجعفري، ومن ثم يضحى الادعاء بمخالفة ذلك القرار للدستور على غير اساس صحيح، اما عن القول بان اخراج الزكاة جبرا من اموال القصر الكويتيين يقتضي اصدار تشريع مماثل بفرض الزكاة على غيرهم من المواطنين الكويتيين تحقيقا لمبدأ المساواة، فإن هذا القول مردود بأن دور هذه المحكمة لا يتجاوز وظيفتها القضائية ـ بمعاييرها وضوابطها ـ إلى وظيفة التشريع، وبالترتيب على ما تقدم فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى.

back to top