وسط تجاذبات سياسية واتهامات متبادلة بين الفرقاء الليبيين، دعت جماعة «أنصار الشريعة» الإسلامية المتطرفة الليبيين إلى عدم الانضمام إلى حملة «الكرامة» التي يقودها اللواء المنشق خليفة حفتر، وتوعدته بمصير الزعيم الراحل معمر القذافي، بينما طالبت الولايات المتحدة رعاياها بمغادرة ليبيا بعد تهديد الجماعة لواشنطن.

Ad

توعدت جماعة "أنصار الشريعة" الليبية المتطرفة مساء أمس الأول اللواء المنشق خليفة حفتر بأنه سيلقى مصير الزعيم الراحل معمر القذافي، وطالبت الليبيين بعدم الانضمام إلى حملة "الكرامة" التي يقودها، محذرة الولايات المتحدة من التدخل في الشأن الليبي.

ودعا قائد الجماعة، التي صنفتها الولايات المتحدة الأميركية "تنظيما إرهابيا"، محمد الزهاوي، في بيان عبر قنوات تلفزيون ليبية، إلى عدم الاستماع إلى "من يريدون تقسيمنا"، وتوجه إلى القبائل الليبية داعيا إياها إلى عدم "جر أبنائها إلى الفتنة".

واعتبر الزهاوي أن اللواء حفتر "قذافي جديد"، مجددا تصميم جماعته و"حلفائها" على "قتال الطاغية الذي يسعى إلى السيطرة على السلطة فقط وإعادة الدكتاتورية". واتهم دولاً عربية بالوقوف وراء تحركات اللواء السابق في نظام القذافي، محذراً من أنه إذا أصر "على هذه الحرب القذرة فسيفتح أبواب جهنم عليه وعلى المنطقة".

تحذير واشنطن

وحذر الزهاوي الإدارة الأميركية من التدخل في الشأن الليبي ومن دعم حفتر الذي اعتبره "عميلاً للمخابرات الأميركية"، كما اتهمها بدفع بلاده نحو الحرب الأهلية وإراقة الدماء، متوعدا واشنطن بأنها ستواجه ما هو أسوأ من الصراعات التي خاضتها في الصومال أو العراق أو أفغانستان.

وكان حفتر شن في 16 مايو حملة عسكرية أطلق عليها "الكرامة" ضد المجموعات الإسلامية المتطرفة في بنغازي، حظيت بدعم العديد من الوحدات العسكرية والميليشيات كما أيدها عدد كبير من الأهالي.

وظهر تنظيم "أنصار الشريعة" الذي يتهم بالوقوف وراء هجمات ضد المصالح الغربية عامة والهجوم على القنصلية الأميركية في 11 سبتمبر 2012 في بنغازي بعد الإطاحة بنظام القذافي وهو يدعو إلى تطبيق متشدد للشريعة الإسلامية ولا يعترف بالمؤسسات الانتقالية للدولة ويصف أجهزة الأمن بأنها "كافرة".

وفي السياق، أبقت الجزائر على الغموض الذي يلف علاقتها باللواء حفتر، وقال المتحدث باسم الخارجية عبدالعزيز علي شريف إن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة "لم يؤكد ولم ينف" وجود اتصالات مع حفتر.

حفتر يقصف

رد القوات الموالية للواء حفتر لم يتأخر كثيراً، حيث قامت مقاتلة تابعة لسلاح الجو بقصف مقر كتيبة "شهداء السابع عشر من فبراير" التابعة لإسلاميين في منطقة القوارشة عند المدخل الغربي لمدينة بنغازي.

ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا، في الموقع الذي استهدفته قوات حفتر مع انطلاق عمليات "الكرامة" في 16 مايو الجاري.

في المقابل، قال المتحدث باسم غرفة ثوار ليبيا أحمد الجازوي، إن "الثوار تعاملوا بالمضادات الأرضية مع الطائرة حتى غادرت محيط المنطقة".

وكانت كتيبة "أنصار الشريعة" حاصرت مقر مديرية أمن بنغازي ليل الثلاثاء- الأربعاء، لكن قوات الصاعقة التابعة للجيش تمكنت من فك الحصار.

مغادرة الرعايا

في المقابل، سارعت الولايات المتحدة إلى مطالبة رعاياها بمغادرة ليبيا "على الفور" بسبب الوضع "الطارئ وغير المستقر" الذي يخيم على البلاد، بعد ساعات من تهديد جماعة أنصار الشريعة لواشنطن.

وقالت الوزارة في تحذير جديد بشأن السفر: "تحذر وزارة الخارجية المواطنين الأميركيين من السفر مطلقا إلى ليبيا، وتوصي المواطنين الأميركيين الموجودين حاليا في ليبيا بالرحيل على الفور".

وجاء في التحذير أنه بسبب "المشاكل الأمنية" التي تشهدها ليبيا، لم يعد لوزارة الخارجية سوى طاقم محدود في السفارة بالعاصمة طرابلس، وليس لها سوى وسائل محدودة جدا لنجدة المواطنين الأميركيين في ليبيا.

وفي سياق متصل بالمخاوف الأميركية المتصاعدة من الوضع المتدهور في ليبيا، قررت واشنطن إرسال بارجة هجومية برمائية على متنها ألف جندي من مشاة البحرية "مارينز" إلى السواحل الليبية لتكون على أهبة الاستعداد لإجلاء محتمل لطاقم السفارة الأميركية في طرابلس.

وأعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي على هامش لقاء عقد أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي، انه لا يرى "أي احتمال للتدخل العسكري في ليبيا".

هجوم ليلي

على صعيد آخر، أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة، في وقت مبكر أمس، أن قوة معارضة لتولي رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق مهامه ومكلفة حماية الفريق الحكومي المنتهية ولايته برئاسة عبدالله الثني تعرضت لهجوم ليلا ونددت بالمساس بسلطة الدولة.

وقالت الحكومة في بيان إنها "تشجب وبأشد العبارات ما تعرضت له القوة التابعة لوزارة الداخلية والمكلفة تأمينَ مبنى رئاسة مجلس الوزراء من اعتداء من قبل عناصر خارجة على القانون".

وأرغم المهاجمون الوحدة على مغادرة المكان الذي تسلمت مسؤوليته قبل ساعات فقط من ذلك.

وذكر شهود أن ميليشيا موالية للإسلاميين شنت الهجوم على وحدة تابعة لوزارة الداخلية يتحدر عناصرها من الزنتان ويعارضون تولي رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق المدعوم من قبل جماعة "الإخوان" مهامه. وكان معيتيق تعرض لهجوم أيضا في منزله ليل الاثنين الثلاثاء.

ومن المفترض أن تسلم حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الله الثني هذا الأسبوع السلطة إلى أحمد معيتيق الذي نال الأحد ثقة المؤتمر الوطني العام وسط توترات حادة وتشكيك في مشروعية المؤتمر العام نفسه.

ووصل معيتيق، خامس وأصغر رئيس حكومة منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، والمدعوم من الإسلاميين، إلى الحكم، في وقت تتعثر العملية الانتقالية وتنتشر الميليشيات المسلحة.

وهو يرأس حكومة من 18 وزيرا اقسموا اليمين الاثنين أمام رئيس المؤتمر الوطني العام "البرلمان" نوري أبوسهمين.

علي زيدان

إلى ذلك، انضم رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان إلى المشككين في مشروعية رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، معتبرا أن انتخابه من قبل المؤتمر العام كان مخالفا للقانون الأساسي للمؤتمر.

وجدد زيدان وقوفه ضد الميليشيات المسلحة ودعمه لعملية "الكرامة" بقيادة اللواء حفتر.

(طرابلس، بنغازي -

د ب أ، أ ف ب)