أجمع المشاركون في ندوة «صورة المشهد الأدبي الفارسي في العالم العربي» على تراجع الترجمة بين الثقافتين العربية والفارسية.

Ad

قال رئيس تحرير مجلة "شيراز" المهتمة بتعريب الأدب الفارسي المعاصر موسى بيدج، إن واقع الترجمة بين اللغتين العربية والفارسية يكتنفه القصور، لاسيما بسبب ندرة المترجمين المحترفين، مقترحاً وضع خطط حديثة تؤسس لمرحلة مزدهرة من الترجمة.

جاء ذلك ضمن الندوة الأدبية الذي نظمتها رابطة الأدباء الكويتيين مساء أمس الأول لبيدج وجمعٍ من الأدباء والمثقفين للحديث عن مكانة الأدب الفارسي لدى أقطار العالم العربي، إضافة إلى موضوعات أخرى تهم المشهدين الثقافيين العربي والإيراني. أدار الجلسة د. عباس الحداد الذي قدّم لمحة ذاتية عن الضيف، مبيناً أنه شاعر ومترجم، وهو نتاج ثلاث حضارات، الفارسية والكردية والعربية، وفي رصيده الإبداعي العديد من المؤلفات والترجمات من العربية إلى الفارسية.

وأكد بيدج عمق العلاقة بين الثقافتين الفارسية والعربية لتوافر قواسم مشتركة بينهما، مستعرضاً بعض النصوص لشعراء الفرس المعروفين منهم حافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي وجلال الدين الرومي الذين نظموا الشعر باللغتين الفارسية والعربية. وأضاف أنه "في إيران لا يتم التعامل مع اللغة العربية كلغة أجنبية بل يتم تدريسها في كلية الآداب، إضافة إلى الفارسية، ونظرا لهذا الانصهار اللغوي فإن الكثير من المفردات العربية تجاوزت الحدود الإيرانية، وأصبحت ضمن اللغة الفارسية، وإن طرأ بعض التغيير على معانيها، والأمر نفسه حدث مع اللغة العربية حيث عبرت 1600 مفردة فارسية الحدود إليها.

جسور التواصل

وحول واقع الترجمة بين اللغتين، اعتبر بيدج أن ثمة قصوراً كبيراً يكتنف هذا المجال، مبيناً أن هناك حاجة إلى بناء جسور للتواصل وبناء الثقة الموجودة والمتجددة، مقترحا وضع خطط ومناهج للاستمرار في ترجمة الأدبين، إذ تغيب الآلية التي تنظم الترجمة لتعتمد الأخيرة على الجهد الفردي، والأهواء الشخصية للمترجم، ولذا اختفت اسماء مهمة عن الترجمة.

وتابع بأن هناك "الكثير من كتب الفارسية ترجم في العالم العربي"، موضحاً أن مصر تحتل المرتبة الأولى في هذا المقام، حيث ترجمت ضمن المشروع القومي للترجمة 60 كتابا، وبعدها تأتي الكويت من خلال المجلس الوطني، وبعض دور النشر مثل دار سعاد الصباح.

وعن عقبات ترجمة الأدب العربي إلى الفارسية، قال إن "الإيرانيين ترجموا الكثير من كتب الأدب العربي خلال العقود الأربعة الأخيرة"، مبيناً أن الشعر احتل المكانة الأهم، حيث تمت ترجمة أكثر من 100 كتاب، مقابل ندرة ترجمة الرواية بسبب عدم إتقان المترجمين للغة العامية المنتشرة في الروايات العربية، وبسبب احتوائها على بعض المواطن التي تمس الآداب والعقيدة.

وانتقد بيدج مستوى الفضائيات الإيرانية الناطقة بالعربية، معتبراً أن عملها لا يرتقي إلى الاحترافية، كما أن العاملين فيها ليسوا من أصحاب الخبرة في الترجمة من الإيرانية إلى العربية، لافتاً إلى أن ثمة فضائيات متنوعة تركز على البث باللغة العربية على مدار اليوم، لكن عملها يشوبه القصور لأن المترجم المحترف أصبح اليوم عملة نادرة.

تراجع الترجمة

وعند فتح باب النقاش، شدد الكاتب عبدالمحسن مظفر على أهمية الأعمال المترجمة من الفارسية إلى العربية، لاسيما الأعمال المنتقاة من عيون الأدب الفارسي، ومنها الشاهنامة ورباعيات الخيام المتوافرة بنحو 70 ترجمة عربية، بينما أكدت الإعلامية أمل عبدالله ان الثقافة هي الوسيط الأوثق لتوطيد العلاقات بين الشعوب، مشيرة إلى أن العرب أنتجوا قديما ترجمات متنوعة من كنوز الأدب الفارسي، مستفسرة عن تراجع الترجمة راهناً في ظل توافر التقنيات الحديثة.

ثم تطرق الحضور إلى مجموعة قضايا، منها عدم وجود فضائية إيرانية ناطقة باللغة العربية تساهم في تعريف الشعب الإيراني بالأدب العربي.