لم تكن صورة كارين سلامة الأخيرة بالكدمات على وجهها وحدها التي صدمت كل من شاهدها بل العبارة التي كتبت تحتها أيضاً: {هذه حال كارين بعد تعرضها للضرب المبرح من زوجها}. دفعت المفاجأة  الناس إلى التسابق للدفاع عن امرأة وقعت ضحية عنف زوج متوحش لا يعرف الرحمة، حسب تعبيرهم، وسرعان ما تحوّل الأمر إلى قضية دفاع عن حقوق المرأة في وجه السلطة الذكورية المسيطرة على مجتمعنا، خصوصاً بعدما حاول البعض الغمز، بأنه لو لم يكن ثمة سبب وجيه لما قام زوج سلامة بهذا الفعل.

Ad

إلا أن الصدمة الحقيقية كانت لحظة اكتشاف الجمهور أن الصورة ليست سوى الترويج لإحدى حلقات برنامج كارين الجديد، فاستاء البعض واتهم سلامة باستخدامها حالة إنسانية للترويج لبرنامجها، فيما اعتبر البعض الآخر أن الرسالة التي أرادت نقلها وصلت بشكل صحيح، والدليل ردات الفعل على صورتها المضرجة بالدماء.

لا لتعنيف المرأة

تؤكّد كارين سلامة أنها لم تندم على هذه الخطوة لأنها وضعت من خلالها الإصبع على الجرح وتقول: {ما حصل ليس تسويقاً للبرنامج ككلّ، ومن سيتابع الحلقة الأولى يلاحظ أنه تسويق لها لأنها تتمحور حول العنف الأسري}.

تضيف: {في كل حلقة أستقبل ضيفاً في الميادين الفنية الاجتماعية الإعلامية ويركز الحديث على  قضايا مهمة حدثت خلال أسبوع، ويعبّر الضيف عن رأيه فيها، من دون أن نتحدث عن أعماله بتاتاً}.

 توضح أنها تستضيف في الحلقة الأولى الإعلامية نضال الأحمدية، ويتمحور الحديث حول فاطمة، المرأة التي تعرضت للضرب من زوجها وعائلته إلى درجة إجهاضها لجنينها، مشيرة إلى أن الصورة التي ظهرت فيها مع كدمات ودم على وجهها تندرج ضمن مجموعة من الصور تبرز الحالة التي تتناولها في كل حلقة،  وبما أنها تتحدث عن المرأة المعنفة في الحلقة الأولى فستظهر بهذا الشكل طيلة الحلقة.

تتابع: {استفزني الموضوع، فاقترحت الإعلامية نضال الأحمدية نشر الصورة  مذيّلة بتعليق بأن زوجي ضربني لإيصال الرسالة المطلوبة إلى المشاهد. كنت أعرف أن هذا الأمر ستكون له تداعياته، لذا سألت زوجي وشجعني على الفكرة}.

لا تستغرب كارين أن تتباين ردات الفعل حول الصورة، فالبعض رأى أنها إيجابية والبعض الآخر لم يستلطفها، وألصقت فئة ثالثة بها تهمة الاستغلال، {لكني تحضّرت لتقبل الأصداء كافة، إيجابية كانت أم سلبية، المهم أن رسالتي وصلت}.

تتساءل: {لأنني امرأة معروفة وزعمت أنني تعرضت للضرب من زوجي قامت الدنيا ولم تقعد، فما هو مصير النساء المعنفات اللواتي لا صوت لهن ويتعرضن لهذا النوع من التعذيب يومياً؟ وردتني مئات الاتصالات من أنحاء لبنان والعالم العربي للتضامن معي، فيما لا تجد نساء كثيرات من يطيّب لهن جروحهن... لست نادمة على توجيه رسالتي بهذا الشكل الصادم، علّ ضمائر الناس تتحرك ونصرخ بصوت واحد، لا للتعنيف ضد المرأة ولينل كل معنّف جزاءه بالقانون}.

تجربة ورد

خاضت ورد الخال تجربة من هذا النوع للترويج لشاشة {أل بي سي دراما} من خلال  كليب يصورها جالسة في مطعم، وفجأة تنقضّ عليها امرأة تصرخ في وجهها وتتهمها بأنها تقيم علاقة مع زوجها. حول هذه التجربة توضح ورد: {حين قبلت بهذا العرض كنت على ثقة بنجاحه، فهذه النوعية من الترويج سبقنا الغرب إليها منذ فترة طويلة، وكانت المؤسسة اللبنانية للإرسال أول من اعتمدها، ورغم تباين الآراء بين مؤيد ومعارض، فإن اعتماد مبدأ الصدمة في الترويج صحيح بشكل تام}.

تضيف: {الصدمة في هذه الحال ليست سلبية. من الطبيعي أن يحتار المشاهد في البداية ويتساءل، وهذا هو الهدف لهذا النوع من الترويج، أي لفت النظر، خصوصاً أننا في عصر كثرت فيه الوسائل الإعلامية والتكنولوجيا، وبات التجديد على الشاشة ضرورة ملحّة لتجنب التكرار}.

حول ردّة فعل الناس على تجربتها تقول إن البعض أحبها والبعض الآخر أخذها بشكل شخصي وفئة ثالثة تعاطفت معها ورابعة تعمدت إيذاءها بالكلام... مؤكدة أن  ردات الفعل هذه دلت على أن الرسالة وصلت وأن الإعلان أثر بالناس، ولافتة إلى أنها اكتشفت الناس على حقيقتهم من خلال اتصالاتهم، لا سيما أولئك الذين حكموا عليها مسبقاً من دون التأكد من القضية.

حول ما حصل مع الإعلامية كارين سلامة توضح ورد أنها عندما رأت الصورة صدقتها وأرسلت لها على الفور رسالة تضامن وتعاطف، {حين اكتشفت أن الصورة مجرد ترويج لحلقة من برنامجها اعتبرت أنها أوصلت هدفها إلى المشاهد، وأن الفكرة خدمت برنامجها، وعليها تحمل ردات الفعل التي قامت ضدها، لأنها مرحلة بسيطة ومتوقعة. ما قامت به خطوة جريئة ولدي قناعة بأن  برنامجها سيكون جديداً ومميزاً}.

أسلوب مقبول

لا تعارض الإعلامية ريما صيرفي هذا النوع من التسويق لأنه يواكب عصرنا الذي يحتاج إلى صدمة لجذب المشاهدين أو القرّاء أو حتّى المستمعين وتضيف: {إنه الأسلوب الذي يعتمد عادة في الصحافة الصفراء، وهو مقبول ضمن نطاق محدود كما هي الحال بالنسبة إلى الممثلة ورد الخال، مثلا، التي أطلت من خلال كليب قصير ترويجي لقناة {أل بي سي دراما}، وبرهنت عن حرفية في التمثيل، وهذا غير مستغرب، فأقنعت الناس، لأن ورد في الأساس ممثلة والإطار الذي وضعت فيه أتقنته}.

حول أسلوب كارين سلامة في الترويج لبرنامجها تقول صيرفي: {لم أصدّق ما حكي وما رأيت، لعلمي اليقين بالعلاقة الجيدة التي تجمعها بزوجها، واعتبرت الصورة خدعة إعلامية وكنت على حق}.

تضيف أن الماكياج المنفذ على وجه كارين كان مقنعاً إلى حدّ كبير، ومن الضروري أن تحقق هذه الصدمة، لأنها ستقدّم حلقة عن العنف المنزلي الذي يتعرض له بعض النساء في العالم العربي، لافتة إلى أن ما قامت به كارين أتى في إطاره الصحيح والمناسب للترويج لحلقة من هذا النوع، ولم يكن مبالغاً أو خارج الإطار المقبول في الإعلام.

مبدأ الصدمة

الإعلامية راغدة شلهوب ليست ضد هذه السياسة الترويجية، سواء كانت للشاشات أو البرامج، {بل هي شكل جديد للإعلان في عالمنا العربي يعتمد مبدأ الصدمة بهدف التسويق للمادة، لا غبار عليه في حال وضع في إطاره الصحيح}.

تضيف: {ما قامت به ورد الخال كان شكلا جديداً لم يعتد عليه المشاهد العربي، بالتالي من الطبيعي أن تكون ردات الفعل متنوعة، لا سيما أن ورد أدّت مهمتها بشكل مناسب}.

أما بالنسبة إلى كارين فتوضح راغدة أنها لم تصدق الخبر حين قرأته، {وشعرت  بأن ثمة لعبة في مكان ما، رغم أنني كنت أجهل تحضيرها لبرنامج جديد، وحين تأكدت أن خبر تعرضها لاعتداء من زوجها هو تسويق لإحدى حلقات برنامجها الجديد التي تعالج العنف الأسري، لم أنزعج بل اعتبرت أنها طريقة جديدة ومختلفة في التسويق، أي تتقمص الشخصية المحورية التي  تتناولها}.

تتفهم شلهوب ردات فعل الناس الذين غضبوا من أسلوب كارين في الترويج لبرنامجها {لأننا في بلد نعيش فيه توتراً نفسياً بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان وبعض الدول العربية، بالتالي لا يساعد هذا الوضع على تقبل هذا النوع من الإعلان الذي يؤثّر سلباً على الجمهور، خصوصاً أن البعض يحب كارين وتأثر بما تعرضت له، ليكتشف في ما بعد أنه مجرد إعلان فأغضبه هذا التصرف}.

ترى  شلهوب أن ما قامت به كارين لا يخرج عن إطار التهذيب واللياقة، وأن رسالتها أخذت طريقها الصحيح، وكان إعلاناً جيداً لبرنامجها، باعتبار أن شاشة {المستقبل} ليست قادرة على أن تحقق لها نسبة الانتشار نفسها.