كم نشعر بالأسى لتراكم السنين على مشاريع الوطن حتى كاد غبار الزمن يدفنها، لماذا؟ لماذا وصلنا إلى هذا القدر من اليأس والإحباط والجمود في تحريك الحياة بكل المجالات مع توافر الإمكانات المادية والشركات المحلية والعالمية، وبنوك تنافس أكبر المصارف الدولية، وشباب وطني طموح لا سقف يحد منه، مع مقدرة على التحدي والابتكار؟

Ad

بعد المقال الأول بعنوان "تعبنا من التحلطم" تلقيت عدداً من الاتصالات والرسائل لعل أغلبها أجمع على أننا "ننفخ في جربة مقضوضة" و"عمك أصمخ"، و"يا مطوطي بجليب"، ثم "لا حياة لمن تنادي"، كم هالني هذا الكم من فقدان الأمل، هل يعقل أننا وصلنا إلى هذا المقدار من اليأس والإحباط؟ هل وصلنا إلى مرحلة أننا نغسل أيدينا من حدوث أي تغيير "إيجابي" أو إنجاز مشاريع أو حتى إتمام ما أقر منها؟

 وتبرز على السطح بعض الأمور التي تشعرك بصدق هذه الحكم الشعبية ومطابقتها للواقع الذي نعيشه، فجامعة الشدادية تم تأجيل افتتاحها خمس سنوات، وربما سنوات أخرى، أما مستشفى جابر فتاريخ الانتهاء منه في علم الغيب، وكذلك الحال بالنسبة إلى جسر جابر واستاد جابر، ومدينة الحرير وتطوير جزيرة فيلكا، وتعمير جزيرة بوبيان ومشروع "شوبيز" على شارع الخليج العربي، والمشروع الملاصق لمبنى التأمينات الاجتماعية في منطقة غرب مشرف، والذي تم إنجاز الأعمدة ثم توقف العمل فيه منذ تسعينيات القرن الماضي، ومشروع المترو، ومحطة الزور و... و... وقائمة طويلة نعتذر إن نسينا بعضها.

 ثم الطرق وما أدراك ما الطرق؟! والتي أصبحت غولاً يلتهم البشر فضاعت حياتنا ما بين حفر لا حصر لها، وحجر متطاير وسيارات تحولت إلى قذائف صاروخية وحفنة من المستهترين، فتحولت شوارعنا إلى معارك لحرب استنزاف يومي، فهل غدت حياتنا رخيصة لهذه الدرجة؟ إنه واقع مؤلم.

 كم نشعر بالأسى لتراكم السنين على مشاريع الوطن حتى كاد غبار الزمن يدفنها، لماذا؟ لماذا وصلنا إلى هذا القدر من اليأس والإحباط والجمود في تحريك الحياة بكل المجالات مع توافر الإمكانات المادية والشركات المحلية والعالمية، وبنوك تنافس أكبر المصارف الدولية، وشباب وطني طموح لا سقف يحد منه، مع مقدرة على التحدي والابتكار، ومجتمع استهلاكي بامتياز، والأهم من ذلك حياة اجتماعية سياسية ديمقراطية مترسخة في الوطن منذ نشأته؟

 لكم سعدنا بإقرار قانون دعم المشاريع الصغيرة، ومع أهمية هذا القانون إلا أنني أعتقد أن هناك أموراً لها أهميتها مثل تحديث القوانين البالية، إويصال الماء والكهرباء، وشق الطرق لمواقع المشاريع، مع إقرار الأولوية لمنتوجاتها، والأهم توفير الأرض ليس بأسعار رمزية، بل أحياناً مجانية حسب أهمية المشروع الاقتصادية.

من ناحية أخرى وأثناء كتابة هذا المقال قرأت في إحدى الصحف المحلية جدالاً بين أحد كتابنا المتميزين ورد إدارة الطيران المدني، ولكم شعرت بالحزن والأسى والألم وكل الكلمات التي يمكن إيرادها في هذا المجال، فهل يتخيل أحد أن يكون موضوع الجدال الذي أخذ أكثر من نصف صفحة هو "النظافة في دورات المياه في مطار الكويت الدولي"؟

وما آلمني أكثر ما جاء في رد الإدارة بتبرير غياب النظافة نتيجة لعدم قيام الشركة التي رست عليها المناقصة من لجنة المناقصات بواجباتها نتيجة لعدم الكفاءة.

وتمت ترسية المناقصة عليها فقط لأنها قدمت أرخص الأسعار، ترى هل غياب النظافة في دورات المياه هو السبب في ما وصلت إليه الأوضاع المأساوية في مطار الكويت الدولي؟

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.