استرح قبل استئناف الرياضة

نشر في 25-01-2014
آخر تحديث 25-01-2014 | 00:02
تسعى إلى تحقيق أهداف الرشاقة هذه السنة؟ لا تبدأ في مرحلة مبكرة أكثر من اللزوم! تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن أخذ استراحة هو عامل أساسي لتحسين الأداء.
لا شيء أفضل من السنة الجديدة لاستعادة النشاط واستئناف الرياضة بهدف تقوية العضلات قبل الصيف المقبل أو التدرب على الركض السريع استعداداً للمشاركة في سباق خلال الربيع. لكن بعد سنوات من الأبحاث والخبرة، حصل إجماع جديد ومفاجئ بين المدربين والرياضيين ويمكن اختصاره بعبارة {ليس بهذه السرعة!}.

 تبين الإجماع أن واحدة من أفضل الخطوات التي يمكن القيام بها لتحقيق الطموح الرياضي المقبل تقضي بأخذ فترة استراحة وتجربة نشاط مختلف جداً: الاستمتاع بأنواع رياضية جديدة والاكتفاء بالتمارين القصيرة، أو حتى تفويت الذهاب إلى النادي الرياضي حين لا نكون بمزاج جيد. يقول جو فريل، مؤلف {دليل التدريب}: {يكفي أن نمارس الرياضة حين نرغب في ذلك. ويجب أن نقوم بما نريد فعله مثل المشي لمسافات طويلة مع أفراد العائلة أو التزلج. نشجع الجميع على أخذ أيام عطلة}.

يدرك المدربون هذا الأمر منذ فترة طويلة، فهم يوصون العدائين ولاعبي الرغبي وراكبي الدراجات الهوائية ولاعبي كرة السلة بأخذ استراحة طويلة قبل بدء كل موسم، وذلك للسماح بتعافي العقل والجسم. في الفترة الأخيرة، حدد المتخصصون بالفيزيولوجيا الرياضية مؤشرات محتملة للتعب المتراكم الناجم عن تدريب طويل الأمد (مثل ارتفاع مستويات الأنزيمات المرتبط بالالتهابات وتضرر العضلات). لكنّ العودة إلى التمارين في مرحلة أبكر مما يجب، أي قبل التخلص من التعب المتراكم، يضمن أداء دون المستوى المطلوب في مرحلة لاحقة. لذا يتوجه عدد كبير من اللاعبين في {دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين} إلى شواطئ مثل بورا بورا وتينيريفي كل صيف. ولهذا السبب أيضاً يخصص اللاعب أنطونيو براون من فريق {بيتسبرغ ستيلرز} عطلته خارج الموسم لممارسة تمارين البيلاتس. لكن لا داعي لأن يكون الشخص محترفاً كي يحتاج إلى استراحة. يستفيد الجميع من الاسترخاء بين فترة وأخرى، وذلك عبر تفويت الذهاب إلى النادي الرياضي ووقف التمارين الرياضية للعودة بقوة.

لا يتعافى فعلياً

لفهم وضع الجسم، لا بد من معرفة حقيقة جوهرية بشأن جميع أنواع التدريب الرياضي: لا تزداد رشاقتنا في النادي الرياضي أو على الطريق أو في حوض السباحة. ما نفعله خلال حصص الرياضة المكثفة هو بث حافز يزيد معدل قلبنا ويفكك ألياف العضلات ويجعل الغدد الكظرية تفرز هرمونات الضغط النفسي، الأدرينالين والكورتيزول، فيتبلّغ الجسم أن وضعه الراهن لن يفيد بعد الآن.

أما {تحقيق الرشاقة} (تفاعل الجسم مع ذلك الحافز)، فيحصل في مرحلة لاحقة. أثناء الأكل والاستراحة، يحصل الجسم على الوقت اللازم لإصلاح الأضرار في الأنسجة وتقوية القلب وعضلات أخرى، فضلاً عن استعادة احتياطي الطاقة بعد استنزافه، وتحسين نقل الأوكسجين إلى مختلف الأعضاء، ما يجعل الجسم أقوى وأكثر فاعلية من أي وقت مضى. ثم نخرج مجدداً ونكرر المسار نفسه.

من خلال التدرب بحذر واعتدال (إجهاد الجسم لإحداث التغيير ثم تركه يتعافى ويتكيف مع الوضع)، نضمن تراكم تلك التعديلات واحدة تلو الأخرى إلى أن نجد أنفسنا رشيقين بما يكفي للمشاركة في ماراثون أو رفع أوزان أثقل أو لعب كرة السلة بأداء أفضل من أي وقت مضى. تكمن المشكلة في واقع أننا لا نتعافى بالكامل بين مختلف الحصص الرياضية. بعض التعب يلازمنا وهو يتراكم تدريجاً خلال فترات طويلة من التدريب المكثف الذي نخصصه للرياضة المفضلة لدينا. حتى لو زادت رشاقتنا، تبدأ آليات التعافي والتكيف بالتداعي، ما يجعل الجسم معرضاً للإجهاد المزمن ومشاكل النوم ونقص الحوافز، ويتضح ذلك جزئياً عبر تراجع مستويات التستوستيرون وزيادة معدل كيناز الكرياتين واليوريا.

يقول آلن كوزنز، مدرب على ركوب الدراجات والترياتلون في موقع endurancecorner.com في بولدر، كولورادو: {يشمل الجسم رصيداً معيناً من الطاقة التكيفية. يتابع التجاوب مع التمارين لفترة معينة من الوقت قبل أن يُستنزف ذلك الرصيد بالكامل}.

تخلَّص من آخر ذرة تعب

يهدف العداؤون وراكبو الدراجات الهوائية ولاعبو الترياتلون إلى بلوغ أعلى درجات الرشاقة قبل أسبوعين من المشاركة في حدث كبير. عندما يستعد أي رياضي للسباق، تتراجع حدة معظم الخطط التدريبية في مرحلة معينة، ثم تظهر معالم الضعف مع اقتراب المرحلة النهائية. أظهرت الأبحاث أن التعب المتراكم يتلاشى سريعاً خلال أول أسبوعين بينما تتلاشى الرشاقة بنسبة قليلة، ما يعني أن الفرد يستطيع المشاركة في يوم السباق وهو يتمتع برشاقة ممتازة وراحة تامة، ما يسمح له بتقديم أفضل أداء. إذا كنت تمارس ركوب الأمواج أو كرة المضرب (أو بكل بساطة رفع الأثقال في النادي الرياضي)، فلن تحصل على فرصة تنظيم جدول التمارين للمشاركة في أحداث كبرى. لكن حتى لو أخذت يوم راحة بعد كل حصة من ركوب الأمواج أو بعد مباراة في كرة المضرب أو حصة لتمرين العضلات، لا مفر من تراكم بعض التعب في الجسم.

إذا كنت تريد التخلص من التعب كله، لا تكون فترة الاستراحة التي تمتد على أسبوعين كافية لضمان التعافي الكامل. جرت دراسة على السباحين الأولمبيين في عام 2005 ونُشرت في مجلة {القوة وبحوث التكيّف}، وقد لاحظت أن مؤشرات التعب لا تزال موجودة عند الرياضيين الذين استراحوا بعد ستة أشهر من نهاية الموسم. في حال الضغط على الجسم قبل أن يكون جاهزاً، تستمر رواسب ذلك التعب في الأشهر اللاحقة، ما يرفع احتمال الانهيار خلال التمرين الحاد المقبل.

لذا يكمن سر الأداء الأمثل خلال الربيع والصيف في أخذ استراحة طويلة بما يكفي لضمان اختفاء جميع مؤشرات التعب. يوضح كوزنز: {إنها فترة أساسية بالنسبة إلى آليات التكيف لإعادة شحن طاقة الجسم}. لكن يجب ألا تكون المدة طويلة بشكل مفرط لتجنب خسارة كامل الرشاقة الراهنة. في ما يخص المدة المناسبة، يتوقف الأمر على حدة التمارين. لكن تُعتبر فترة شهر أو شهرين كافية لمعظم الأشخاص غير المحترفين.

بغض النظر عن الأهداف، من الأفضل عدم التمرن وفق نمط واحد لفترة طويلة من دون أخذ استراحة. نُشرت أبحاث منذ عام 1997 في {مجلة علوم الرياضة} وهي تشير إلى أن التدرّب على رياضة معينة لفترة أطول من خمسة أشهر قبل المنافسة له أثر ضئيل على الأداء. كذلك، لا يمكن أن يتحمّل الجسم إجهاداً متكرراً من هذا النوع (التدريب والتكيف تزامناً مع تراكم التعب). إذا كنت تخطط للركض في ماراثون خلال شهر يوليو مثلاً، ستؤدي ممارسة تمارين لاهوائية قبل ستة أشهر إلى ضمان أداء مبهر في مرحلة مبكرة من السنة. لكن يوضح كوزنز: {نادراً ما يكون اللاعبون بالجهوزية اللازمة عند الضرورة}. حتى لو كنت تلعب نوعاً رياضياً واحداً على مدار السنة (كرة السلة، إسكواش، كرة القاعدة)، من المفيد أن تنظم حصصاً متنوعة خلال المواسم المتلاحقة، مع الالتزام بالتمارين طوال أربعة أو خمسة أشهر ثم تخصيص شهر أو شهرين من الراحة.

الاستفادة القصوى من الاستراحة

الاستراحة الطويلة لا تعني الكسل المفرط: يجب ألا تفقد رشاقتك بالكامل أو تكسب كيلوغرامات إضافية يصعب التخلص منها لاحقاً. بل يجب أن تبتعد عن كل ما يشبه خطط التدريب وألا تفكر بالتمارين الطويلة، والأهم هو أن تبقى بعيداً عن الرياضة الأساسية التي تهمّك. في المقابل، ابحث عن نشاط يوفر لك منفعة تفيدك في الرياضة التي تمارسها أو تحافظ على رشاقتك لكن مع تغيير وجهة التركيز العقلي.  

إذا كنت عداء أو دراجاً مثلاً، تعلّم حركة القرفصاء بالطريقة المناسبة وقم ببعض تمارين القوة الشتوية لتحصين نفسك ضد الإصابات. إذا كنت تحب سباق الحواجز، يمكنك الانضمام إلى نادٍ يشمل أنواعاً  مختلطة من الفنون القتالية طوال شهرين، وذلك لتشغيل كامل الجسم لكن بطريقة مختلفة. وإذا كنت تلعب كرة السلة أو كرة المضرب، يمكنك ممارسة ركوب الدراجات الجبلية لتشغيل القلب والرئتين مقابل إراحة المفاصل. يعتبر نيك وايت، مدرب بارز في {أنظمة كارمايكل للتدريب}، أن حرمان الذات هو المغزى الحقيقي: {يمكن أن يؤدي حرمان الذات من نشاط نحبه إلى تعزيز حبنا له، ما يساعدنا على تنشيط حوافزنا. وإلا قد يصبح التدريب أشبه بوظيفة}. وإذا كانت زوجتك تحاول إقناعك مجدداً بالانضمام إلى حصص تمارين البيلاتس، تذكّر أنطونيو براون وجرّب هذا النشاط الجديد!

back to top