يقدم بعض القنوات المصرية الجديدة مضموناً منوعاً بين البرامج والمسلسلات والأفلام مثل {الغد العربي، أونست، مصر البلد، أهل مصر}، فيما بعضها الآخر مخصص للأفلام مثل {هريدي، سيما مترو، اخترنا لك، موجة سينما}، وثالثة مخصصة للأفلام الهندية أحدثها: {بوليود}، ورابعة لعرض الأفلام العربية والأجنبية بتقنية ثلاثية الأبعاد مثل Majestic1، Majestic2، بالإضافة إلى قنوات الدراما مثل {المحور دراما}، وCRT.
ينفي محمد سميح، المسؤول الإعلامي في {نايل سات} أن تكون هذه القنوات حصلت على ترخيص من الشركة، مؤكداً أن الأخيرة لم تمنح قنوات ترفيهية تراخيص، وأن هذه القنوات سلكت طريقاً أخرى في البث، وهي حصولها على تردد من القمر الفرنسي، لأنه الوحيد الذي ييسر شراء الترددات وسرعة البث، من دون البحث عن الأهداف والمضمون المقدم في هذه القنوات.قرصنة علنيةيوضح رئيس غرفة صناعة السينما سيد فتحي أن زيادة هذه القنوات الترفيهية لا علاقة لها بحرية الإعلام التي تتوافر في بث برامج الحوارات على سبيل المثال، بل بكونها سرقة حرة علنية.يضيف: {قنوات الأفلام الجديدة قائمة بغالبيتها على قرصنة الأفلام من خلال شراء نسخ DVD من دون استئذان أصحابها، أو التعاون مع قراصنة آخرين يذهبون معها إلى الشهر العقاري لتوثيق الشرائط بحجة أنها ملكهم وبالتالي لا يمكن لأي شخص مقاضاتهم}.يشير إلى أنه تقدم بشكاوى إلى لجنة المشاكل في وزارة الإعلام لحل هذه الأزمة بأقصى سرعة، لأنها تؤثر على صناعة السينما عموماً، خصوصاً أنها تعرض أفلاماً مطروحة في دور العرض، لافتاً إلى أنه لا يمانع ذلك شرط أن يحصل القيمون على هذه الأفلام على جزء من إيرادات المشاهدة التلفزيونية، لكن في ظل امتناع أصحاب هذه القنوات عن هذا التعاون فيجب التصدي لهم.يذكر فتحي أن هذه القنوات تؤثر على حق المنتج في منح بعض القنوات حق العرض الحصري، {منذ سنوات كان المنتجون يبيعون أفلامهم لقنوات ART، Orbit، وShow Time، لكن قرصنتها في قنوات أخرى تحرق العرض الأول وتخفض دخل المنتج، ما يؤثر على استمراريته في دفع عجلة الإنتاج السينمائية.تكمن خطورة هذه القنوات على الدولة أيضاً، برأيه، لأنها تبث من دون ضرائب أو عقود، وربما يصل عقد إحداها إلى 500 دولار، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالملايين التي تحققها الأفلام المعروضة عليها من خلال الإعلانات، وتساعدها في ذلك الترددات التي حصلت عليها من بعض الدول مثل الأردن والبحرين.يكشف فتحي أن ثمة سعياً إلى حل هذه المشكلة من دون إغلاق القنوات، من خلال الطلب إلى الملحق التجاري في كل دولة بالبحث عن صاحب كل قناة والشركة التي منحته التردد، وإرشاده إلى الطرق الصحيحة للبث.يتابع: {في مصر ثمة شخص في الصورة مسؤول عن كل قناة، وإذا رفعت دعوى ضده يثبت أنه غير مسؤول عنها ويتقدم ببلاغ ضد الهيئات الفنية التي اتهمته، ما يؤكد أهمية التحرك الديبلوماسي في التعامل مع هذه القنوات وبشكل شرعي}.مزايا للمنتجينيلاحظ الدكتور صفوت العالم، اختصاصي في الإعلام في جامعة القاهرة أن هذه القنوات الترفيهية تضم مزايا للمنتجين، منها أنها لا تحملهم أعباء إنتاج ترددات كثيرة، ولها حق بث أفلام جديدة وقديمة، كذلك لا تحملهم إنشاء ستوديو أو تأجيره، وغيرها من تكاليف باهظة للإنتاج البرامجي، ولا تتطلب كوادر بشرية، فيما القنوات غير الترفيهية تحتاج إلى مديرين تنفيذيين وشبكة مراسلين ومذيعين.يضيف أنه إذا اختيرت أفلام جيدة وسُوّقت بشكل جيد وأدرجت إعلانات تفصيلية لكل نوع مثل: الرومنسية والأكشن والإثارة وأفلام للكبار فقط، فإن معدل المشاهدة سيكون عالياً لتحقق مكاسب مرتفعة مقارنة بمحدودية الكلفة.يلفت إلى أن الظروف وكثرة المحطات التي تعتمد على القضايا السياسية قد تكون دافعاً قوياً لرفع نسبة مشاهدة هذه القنوات ومن ثم زيادة عددها، مشيراً إلى أنه يهرب أحياناً من هذا الصخب ومعارك الآراء إلى الأفلام الرومنسية لتغيير حالته المزاجية.بدوره يقول مدير ملتقى الإعلام العربي د. عادل اليماني إن زمن القناة الواحدة مضى وتحول إلى شبكة قنوات، وهذا غير مُكلف للمالك لأنه قد يستغل العمالة الموجودة نفسها ويوزع مهامها على المحطات. يعزو انتشار قنوات الدراما خصوصاً، إلى أنها غير مكلفة ولا تحتاج إلى فريق عمل كبير من معدين ومذيعين، بل مجرد تبديل لشرائط الحلقات التي تتخللها فواصل إعلانية، فيما القنوات الإخبارية والرياضية تتطلب كلفة إنتاجية عالية لحاجتها إلى شبكة مراسلين، وإستوديوهات تحليلية، ونجوم الإعلام الإخباري والرياضي، وبالتالي لا يقدم هذه القنوات إلا القادر على الإنفاق عليها.يصف اليماني كثرة الفضائيات بـ {الفوضى الإعلامية}، كونها تخرج من دون دراسة، وتلبية لرغبة المالك في أن تكون لديه شبكة قنوات لا نشعر بفلسفتها ولا رسائل محددة فيها.يضيف: {أصبحت القنوات تشبه بعضها البعض للأسف، ما أدى بالتبعية إلى انتهاء عهد المتعة الإعلامية؛ قديما كنّا نعتمد على قناة أو اثنتين في التلفزيون المصري، وننتظر الأعمال الدرامية بشوق وشغف، لكن حالياً تعدد قنوات أفقدنا متعة التذوق الإعلامي}.ينتقد اليماني وضع الإعلام الحالي ويقول إنه ينقسم إلى قسمين: الأول يتحدث لغة واحدة لا تعبر إلا عن منطق واحد ورأي واحد، ويضغط فيه الإعلاميون على متخذي القرار ليتخطوا حدود التعريف بالأحداث إلى التنظير، والثاني يعاني من قيود المسؤولين ومن بعض مالكي القنوات الذين يضعون هذه القيود على أنفسهم، خوفاً من الوقوع تحت طائلة القانون، في ظل عدم الاستقرار السياسي، فيبتعدون عن المهنية والموضوعية والتوازن.
توابل
إنشاء قنوات ترفيهية وإغلاق سياسية... حرية أم فوضى إعلامية؟
20-11-2013