رُغم التحذيرات التى أطلقتها أخيرا اللجنة الفنية الكويتية، المختصة بمكافحة الإرهاب وتمويله ومكافحة غسل الأموال، بأن البلاد على مشارف كارثة حقيقية، تتمثل في إدراجها ضمن القائمة السوداء للدول الداعمة للإرهاب، ما لم تتضافر جهود وزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها كافة، وتبذل جهوداً مضنية لتحسين الأوضاع، بحيث تتوافق مع المعايير الدولية في هذا الصدد، نجد أن وزارة الشؤون لم تحرك ساكناً في هذا الشأن، أو تتخذ التدابير أو الإجراءات الكفيلة بتلافي هذه الكارثة التي قد تدخل البلاد في دائرة العقوبات الدولية، في حال أدرجت فعليا ضمن هذه القائمة.

Ad

ووفقا لمصادر إدارية في "الشؤون" فإن الكويت ستكون على موعد مع مراجعة دورية من الاتحاد الدولي لمكافحة الإرهاب وتمويله ومكافحة غسل الأموال التابع للأمم المتحدة (FATF)، خلال سبتمبر المقبل، للتأكد من مدى التزامها بالمعايير الـ9 التي وضعتها المنظمة لمكافحة الارهاب وتمويله، إضافة إلى المعايير الـ40 لمكافحة غسل الأموال، محذرة من أن هذه المراجعة ستكون النهائية والاخيرة، وفي حال أخفقت الكويت في اجتيازها ستدرج ضمن القائمة السوداء للدول الراعية للارهاب.

معايير أكثر تشدداً

وذكرت المصادر أن آخر مراجعة قامت بها "FATF" للكويت كانت في العام 2012، حيث جاء تقييمها متدنيا حينذاك، لكون وزارة الشؤون لم تقدم الردود الشافية والوافية على الاسئلة الموجهة اليها بشأن مدى احكام الرقابة على عمليات جمع التبرعات، أو تورط بعض الجمعيات الخيرية في تمويل الارهاب، او استغلال أموال التبرعات في غير أغراضها كشراء اسلحة لبعض الجماعات على رأسها ما يعرف بالجيش الحُر في سورية، ولاسيما الحملات التي أطلقت أخيرا برعاية بعض المشايخ ورجال الدين تحت مسمى "تجهيز غازٍ"، وما الإجراءات القانونية التي اتخذتها الدولة حيالها والقائمين عليها.

ولفتت إلى أن عجز الوزارة عن الرد على هذه الاسئلة حدا بالقائمين على "FATF" إلى إدراج الكويت ضمن القائمة "الرمادية" للدول الداعمة للإرهاب، على أن تعاود المراجعة في سبتمبر المقبل، وهي مرحلة في منتهى الصعوبة، وذات معايير أكثر تشدداً.

مئات الملايين

وأوضحت المصادر أن الهدف من المراجعة تحديد الدول التي يوجد بها قوانين أو إجراءات تعيق عمليات مكافحة الإرهاب وغسل الاموال، وتشجيعها على اتباع وتفعيل المعايير العالمية المعتمدة بهذا الصدد، مشيرة إلى أنه ما لم يتم تحسين الأوضاع بأقصى سرعة، وفقاً للمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فإن الكويت ستواجه مشكلة حقيقية، ولن يشفع لها مئات الملايين التي تقدمها للدول المتضررة أو المتعثرة في العالم من اقصاه إلى اقصاه.

وقالت: إن اللجنة الفنية الكويتية المختصة بمكافحة الإرهاب وتمويله ومكافحة غسل الأموال، اقترحت خلال أحد اجتماعاتها بعض التدابير والإجراءات التي من شأنها تفادي حدوث هذه الكارثة، على سبيل المثال تعديل بعض مواد القانون 24 لسنة 1962، بشأن جمعيات النفع العام والأندية"، مبينة أن "هذه التعديلات تتمثل في تشديد العقوبات على المخالفين لتصل إلى الحبس 3 سنوات، مع فرض غرامة مالية تعادل ضعف الغرامة في حال ضبط تبرعات مخالفة، فضلاً عن مصادرة ما يتم ضبطه"، إضافة إلى وضع خطة إعلامية متكاملة لتوعية أفراد المجتمع بالآلية السليمة والقانونية للتبرع بالأموال.

وبينت المصادر أنه "للأسف لم يتم حتى الآن الأخذ بأي من هذه التعديلات، رغم اقتراب موعد المراجعة، فمازالت الجمعيات الخيرية تسرح وتمرح بأموال التبرعات، دون حسيب أو رقيب، او اتخاذ موقف رادع من وزارة الشؤون حيالها، ولاتزال تتبع طرقا ملتوية لحصد الأموال بعيدا عن أعين الوزارة، ومازالت تنظم حملات جمع التبرعات لمصلحة سورية أو غيرها دون موافقة الدولة أو إعلامها".