تمكن الجيش العراقي أمس من استعادة ثلاث مناطق في محافظة صلاح الدين، التي تفصل شمال العراق عن وسطه، كما تمكن من وقف زحف المسلحين في محافظة ديالى الحدودية مع إيران، في وقت حصل رئيس الحكومة نوري المالكي على صلاحيات غير محدودة من حكومته وأعلن انطلاق حرب التحرير على يد الجيش والمتطوعين.

Ad

بدأت القوات العراقية أمس تجاوز صدمة فقدان السيطرة على مناطق واسعة في شمال ووسط البلاد، حيث تمكنت من استعادة ثلاث نواح في محافظة صلاح الدين (وسط)، ونجحت في صد زحف المسلحين في محافظة ديالى (شمال شرق) المجاورة.

وبينما تواصل تدفق آلاف المتطوعين لحمل السلاح، تلبية لنداء المرجعية الشيعية، اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي ان الحكومة منحته «صلاحيات غير محدودة» بصفته القائد العام للقوات المسلحة، بينما اكدت السلطات في بغداد أن العاصمة تشهد عمليات استباقية.

وفي التفاصيل الميدانية، قال الفريق الركن صباح الفتلاوي، قائد عمليات سامراء (110 كلم شمال بغداد)، إن «القوات العراقية استعادت السيطرة على ناحية الاسحاقي صباح اليوم (السبت)»، والتي تقع على بعد حوالي 20 كلم الى الجنوب من مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين.

واكد ضابط برتبة عقيد في شرطة صلاح الدين أن «القوات العراقية سيطرت ايضا على الطريق الرئيسي بين بغداد وسامراء»، بينما اعلن ضابط برتبة مقدم العثور في الاسحاقي على 12 جثة محترقة تعود لعناصر في  الشرطة.

وفي وقت لاحق، اعلنت مصادر امنية ان القوات العراقية تمكنت من استعادة السيطرة ايضا على ناحية المعتصم التي تقع في المنطقة الجغرافية ذاتها.

وجاءت استعادة السيطرة على هاتين الناحيتين بعد ساعات قليلة من قيام عناصر من الشرطة المحلية بمساعدة السكان بطرد مسلحي تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق الشام» (داعش) من ناحية الضلوعية القريبة.

عملية تكريت

الى ذلك، اعلن ضابط برتبة عقيد في الجيش بسامراء أن القوات العراقية في المدينة تستعد للتحرك باتجاه مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، وقضاءي الدور الواقع بين تكريت وسامراء، وبيجي (40 كلم شمال تكريت).

واضاف العقيد: «ننتظر الاوامر العسكرية»، مشيرا الى ان قرار شن الهجوم المضاد ضد المسلحين في المحافظة جاء «بعدما وصلت تعزيزات كبيرة من جيش وشرطة اتحادية لمدينة سامراء خلال زيارة نوري المالكي»، في اشارة الى زيارة رئيس الوزراء مساء أمس الأول لسامراء.

وقالت قيادة العمليات المشتركة أمس إنها تمكنت من قتل ما يزيد على 50 مسلحا في القتال بمحافظة صلاح الدين، بينما ذكرت مصادر أمنية مطلعة لـ»سكاي نيوز عربية» أن القصف على مسجد في تكريت خلف 90 قتيلاً وجريحاً.

ديالى

وفي محافظة ديالى، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن «قوات الجيش العراقي تسيطر بشكل كامل على ناحية المقدادية»، الواقعة شمال شرق بعقوبة مركز المحافظة، بعدما تمكنت من صد هجمات المسلحين التي تواصلت ليومين.

ولايزال المسلحون يتواجدون في بعض مناطق المحافظة، الواقعة شمال شرق بغداد، بينها أحياء في ناحية السعدية المتنازع عليها بين العرب والاكراد، واحياء في جلولاء المجاورة على بعد حوالي 150 كلم من بغداد.

وافادت مصادر أمنية مطلعة من داخل المحافظة لـ«سكاي نيوز عربية» بأن قيادة عمليات دجلة شنت هجمات عديدة لاستعادة السيطرة على نواحي جلولاء والسعدية، متابعة ان قيادة العمليات تمكنت من قتل أكثر من 40 مسلحا بعد توجيه ضربات جوية في وقت متأخر أمس الأول لمواقعهم وأرتال من السيارات كانوا يستخدمونها للتنقل في محافظة ديالى.

المالكي

وقام المالكي، الذي يحكم البلاد منذ 2006، ويسعى للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، بزيارة سامراء التي تضم مرقدي الإمامين العسكريين أمس الأول بعد وقت قصير من دعوة المرجعية الشيعية للعراقيين لحمل السلاح ومقاتلة التنظيمات المسلحة وحماية الاماكن المقدسة.

واعلن المالكي في سامراء، حسبما نقل عنه بيان نشر أمس، أن مجلس الوزراء منحه «صلاحيات غير محدودة» للتحرك، وهي صلاحيات كان ليحصل عليها ايضا لو نجح البرلمان في التصويت الخميس على طلب اعلان حال الطوارئ.

واشار المالكي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، إلى انطلاق عملية «تطهير المدن» من المسلحين «لو تحولت رؤوسنا الى قنابل لما توقفنا حتى ننهي وجود هؤلاء الارهابيين في العراق».

وقال لضباط في مدينة سامراء إن متطوعين في طريقهم لمساعدة الجيش في التغلب على المسلحين، مضيفا ان سامراء لن تكون آخر خط دفاع، ولكن نقطة تجمع وانطلاق، مؤكدا انه «خلال الساعات المقبلة سيصل كل المتطوعين لدعم قوات الأمن في حربها ضد المسلحين».

عمليات استباقية في بغداد

ولا تزال بغداد تشهد توترا وتعيش حالة من الصدمة جراء الانهيار العسكري المفاجئ في شمال البلاد، وسط مخاوف من إمكان بلوغ المسلحين العاصمة، ما دفع الى بروز بعض المظاهر المسلحة العلنية في بعض مناطقها.

واعلن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن، في مؤتمر صحافي أمس، ان «قيادة عمليات بغداد تقوم بعمليات تعرضية استباقية بإسناد من كل قدرات وزارة الداخلية»، مؤكدا أن الأمن في بغداد تحت السيطرة. وكان معن ابلغ أمس الأول أن السلطات الامنية وضعت خطة جديدة لحماية العاصمة من هجوم محتمل للمسلحين الذين اعلنوا الزحف على بغداد لـ»تصفية الحساب» مع المالكي.

روحاني

الى ذلك، دخلت إيران الجارة الشيعية وحليفة المالكي مجددا على خط المستجدات العراقية، واكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس أن بلاده مستعدة لمساعدة العراق اذا طلبت «حكومته الشرعية» ذلك، وانها لا تستبعد تعاونا مع الولايات المتحدة ضد «الإرهابيين».

وقال روحاني، في مؤتمر صحافي، «اذا رأينا أن الولايات المتحدة تتحرك ضد المجموعات الإرهابية، فعندئذ يمكننا التفكير»، مشددا في الوقت ذاته على ان «تدخل القوات الايرانية لم يناقش» مع حكومة المالكي.

ورأى ان المسلحين في العراق اتوا من سورية، مضيفا ان بلاده حذرت من هذا الأمر، موضحا ان إيران «مستعدة لمساعدة العراق اذا ما طلبت منا الحكومة العراقية الشرعية ذلك، على قاعدة القانون الدولي وارادة الشعب والحكومة العراقيين».

واضاف: «من الممكن ان يطلبوا منا المشورة لقتال الارهاب»، موضحا ان «هناك فارقا بين المساعدة والتدخل» نافيا انتشار قوات إيرانية في العراق، مشيرا الى أن «العراقيين يستطيعون صد الارهاب بأنفسهم»، واستبعد ارسال قوات إيرانية الى العراق، لكنه حذر من ان بلاده سترد بقوة في حال اقترب المسلحون من حدودها.

حرب الفتاوى

وبعد بيان المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني أمس الأول، الذي دعا العراقيين الى حمل السلاح وقتال «داعش» واعتبر على نطاق واسع تغطية للمالكي، اصدرت جماعة «علماء العراق» أمس فتوى تدعو فيها المواطنين الى «حمل السلاح ضد داعش والمرتزقة المأجورين». وكانت «هيئة علماء المسلمين في العراق» اصدرت بيانا دافعت فيه عن المسلحين، ووصفتهم بـ»ثوار العراق»، متهمة وسائل الإعلام بـ»شيطنة الثورة وتشويه صورتها».

وكان مفتي الديار العراقية للسنة العلامة رافع الرافعي أبدى استغرابه «اتهام الثوار الأحرار» بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، مثل «تنظيم داعش الإرهابي»، بهدف «الإيقاع بين الثوار وأبناء المدن التي يحررونها».

ووصف المفتي، في بيان عن الأحداث الجارية في العراق، ما يجري هناك بـ«عملية تحرير للشعب العراقي خاصة السنة، ورفع الظلم الذي لحق بهم من جيش المالكي».

(بغداد - أ ف ب، رويترز، د ب أ)