لا تقف يا صاحبي... تحرك!

نشر في 28-01-2014
آخر تحديث 28-01-2014 | 00:01
 د. ساجد العبدلي أحرص دائما في كل الدورات والورش والمحاضرات التنموية التي أعقدها، على أن أشدد في بداية البرنامج وكذلك في نهايته، على أن كل المعلومات والمعارف التي سأقدمها للمشاركين في هذا البرنامج وغيره ستنتهي إلى أن تكون هباء منثورا ما لم تتحول إلى مهارات، ثم تصبح من بعد ذلك سلوكا متكررا يترسخ في منظومة ممارسات المشارك.

وهذا الكلام ليس بدعا من عندي، بل هو قاعدة تنطبق على كل علم ومعرفة تطبيقية يتلقاها الإنسان، فإن لم يبدأ الإنسان بتفعيلها سريعا والتدرب على ممارستها بشكل متواصل حتى تستقر في وعيه وأبعد من ذلك، فإنه سرعان ما سينساها، أو على الأقل ستظل مجرد معلومات نظرية في عقله بلا فائدة فعلية، ناهيك عن أن يصبح من المتميزين في مجالها ويتفوق.

ومن خلال متابعتي المستمرة لمن يتوقف اندفاعهم لطلب هذه المعارف والعلوم والاستزادة بها عند حدود المشاركة في البرامج التدريبية وقراءة الكتب لا أكثر، يمكن لي أن أقول إن من أهم العقبات التي تعيق هؤلاء وتمنعهم من التقدم؛ الخوف من الفشل عند مواجهة التطبيق الفعلي، وأزيد أيضا لأن الواحد فيهم قد استكان في دائرة المألوف والمعتاد المريح الذي كان يعيش فيه، وصار ثقيلا ومخيفا كذلك على نفسه وهمته أن يخرج من هذه الدائرة الأليفة.

كل تجربة جديدة وغير مألوفة هي تجربة مخيفة بقدر ما، وقليل من الناس من يجترح المخيف غير المألوف طوال الوقت ولا يهابه، لكن التجارب تثبت لنا في كل يوم أن أغلب، إن لم يكن كل، ما كنا نخافه ونخشاه بالأمس لم يكن بتلك الضراوة ولا بذلك الفتك الذي تخيلناه عند المواجهة.

الأمر شبيه بقيادة الدراجة الهوائية، وإن من يعتلي الدراجة ويظل واقفا خائفا من التقدم سيسقط على جانبه لا محالة، ولكن من يتحرك ولو ببطء سيستقيم أمره ولن يسقط وسيجد أن الأمر يسيرا هينا.

كل واحد منا بحاجة إلى أن يقهر تردده في مواجهة تحديات حياته ومشاريع أحلامه، وقصارى ما يتطلبه الأمر فكرة مميزة ورؤية واضحة وخطة جيدة إلى حد ما، وتوظيف رشيد للموارد المتاحة، ومن ثم الانطلاق بقدر معقول من السرعة دون استعجال. وبالطبع فإن الوقود اللازم لتحريك محرك النجاح هذا هو الهمة العالية والحماسة المتواصلة، فدون الوقود لا فائدة من أغلى المحركات وأفضلها.

النصيحة هنا أن يتحرك الإنسان وينطلق في تنفيذ أحلامه وطموحاته ومشاريعه المؤجلة، ولكن دون استعجال؛ لأنه إن انطلق بسرعة كبيرة فقد يصطدم بمفاجآت الطريق بعنف فتتكسر أحلامه وينتهي إلى الإفلاس أو الإحباط.

يجب أن تكون انطلاقة المرء في تنفيذ أحلامه وطموحاته ومشاريعه أسرع من البطيئة وأبطأ من المستعجلة، وذلك حتى يتسنى له تصحيح مساره وتعديل أموره كلما تكشفت له المجريات أكثر وأكثر على أرض الواقع.

بقاء المرء متسمرا في مكانه دون حركة، بذريعة استكمال التخطيط والتجهيز والاستعداد للانطلاق إنما هي مبالغات ضارة وتسويف وهروب من المواجهة الفعلية.

لنتسلح بالثقة بالله يا سادة، ولننطلق جميعا نحو تحقيق أحلامنا مؤمنين بأن النجاح حليف المجتهدين المثابرين، وأن العثرات والعقبات والإخفاقات في حال وقوعها لن تكون إلا خطوات على سلالم النجاح.

back to top