مستقبل فقد مفاتيحه
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
من هذه المقتحمات الجديدة شبكة التواصل الالكتروني بكل أبوابها من يوتيوب وغوغل وانستغرام وفيسبوك وتوتير وفايبر وتانغو وسكايب وبلوجرز إلخ، هذه الشبكات ولدت حرية في الكشف والتعري النفسي أمام الآخر خارج عن طبيعة الفرد الخليجي المتزمت والمتحفظ على أسرار حياته وبيته، نحن الآن نتواجه مع إنسان جديد بات منفتحا بشكل غير عادي مخالفا لطبيعة أسلافه ولطبيعته، فمن سنوات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة فقط، كانت حياة الخليجي والكويتي بالذات مسيجة بغموض قدس الأسرار، والآن باتت الحياة مكشوفة ومطروحة للمعرفة والتواصل بشكل عام مفتوح للدخول والتفرج يوماً بيوم على حياة وأسرار صاحبه من ساعة صحوه إلى ساعة نومه، يعني مثل تلفزيونات الواقع التي تنقل حياة المشاهير أو المشاركين في المسابقات الفنية وغيرها، الفرق هنا في أنهم ناس عاديون وشباب غير معروفين وليس لهم أي تميز سوى أنهم قد أدخلوا المتابعين لهم في حياتهم المصورة بأخبارهم وما يقومون به من أعمال وأنشطة تروج لهم أو لغيرهم، مثل المطاعم ومحلات الملابس وغيرها التي يتلقون الدعوات والملابس والحقائب والأحذية والعطور المجانية منها، ليرتدوها ويروجوا لها في مواقعهم، والغريب هو التوجه الشبابي الكبير لممارسة هذا الدور في طرح تفاصيل حياتهم للعامة، والأغرب هو تحولهم إلى نجوم يتابعهم الناس في دخولهم وخروجهم في الحياة اليومية وينبهرون بهم رغم عدم إتيانهم بأي شيء له تميز وقيمة حقيقية في حياتهم، سوى عرضهم لتفاصيل حياتهم على العامة، أين ذهبوا وأين أكلوا وماذا لبسوا وماذا شاهدوا وهكذا يتم هدر وقتهم بما لا يفيد وهدر وقت متتبعيهم فيما لا يفيد أيضا. التغيرات الطارئة باتت يومية وكلها تسرق وقت الناس الثمين وتهدره في ضياع زمن وعمر كان يمكن أن يُستغل في بناء حياة وأوطان.شبكات التواصل هذه شغلت الأغلبية فيما لا يفيدهم ولا يمنحهم إلا الوهم وإضفاء شهرة زائفة لمن لا موهبة له، وأيضا سرقت الوهج الذي كانت تتمتع به الصحف اليومية، وبدأت تغلق أبوابها واحدة بعد الأخرى، وسيلحقها في الزمن القريب محطات البث التلفزيوني بعد انتشار القنوات الخاصة بالأفراد على يوتيوب، وهو ما حصل لشركات الإنتاج الغنائي الفني التي أقفل معظمهم أبوابه بعد الغزو الالكتروني لهم.كل يوم يتعرض المجتمع العربي والخليجي على وجه الخصوص لهجمات تغييرية لكل نواح الحياة فيه، ولا ضير في التغير فهو سنة الحياة ومحركها، بس لو كان هذا التغير يأتي بما يفيد ويدفع مجتمعاتنا إلى الأمام وإلى الأفضل، مثل التغيرات العلمية والاكتشافات المفيدة، وليست تلك التي تروج لمزيد من الهدر والاستهلاك.