رغم تزايد الانتهاكات على حقوق الأفراد، التي كفلها الدستور ونظمتها القوانين والقرارات الموجبة للتنفيذ، فإن سياسة ضرب نصوص الدستور والقوانين عرض الحائط مازالت مستمرة من بعض الأجهزة الأمنية، وتحديدا المعنية بضبط الجريمة أيا ما كانت.
تنتهك حقوق المواطن والمقيم الطبيعية، وتخضع أجهزته واتصالاته للرقابة دون أدنى احترام لنصوص القانون الموجبة باتباع الإجراءات التي رسمها القانون، وعندما تقضي المحاكم ببطلانها يكون الرد أن المحاكم هي التي تبرئ الجناة، وهي التي تسمح بإفلاتهم من العقاب!عندما يستدعي الدفاع عن المتهم الضابط أمام المحكمة، ويوجه أسئلته إليه عن طريق المحكمة عن مصدر تحرياته يكون رده أن مصادره السرية هي التي دلت على نشاط المتهم، أو أن المضبوطات تعود إليه، وعن سؤاله عن أي تفاصيل تخص المعلومات التي وردته من المصادر السرية يكون رده بأنه لا يمكنه البوح عن أي تفاصيل تخص مصادره السرية، رغم أهمية تلك التفاصيل، فتصدر المحاكم أحكامها بالبراءة لعدم جدية تلك التحريات التي رفض الضابط الكشف عن تفاصيلها، خشية افتضاح أمر تلفيقه للقضية أو قصور تحرياته!لا يقتصر الأمر على «فيلم» المصادر السرية التي يرتكن إليها بعض ضباط المباحث للهروب من الإجابة عن أي من التساؤلات المطروحة من المحامين، بل المصيبة الأكبر هي ما تكشف عنه إجراءات ضبط الجرائم على المتهمين في العديد من القضايا، والتي يستخدم فيها الضباط عددا من وسائل الاتصال في تتبع المتهمين بالتنسيق مع شركات الاتصال، لتحديد مكان المتهمين أو إخضاع اتصالاتهم للرقابة دون الحصول على اذونات من النيابة العامة لذلك!لا يعي الضباط أن كل مراقباتهم لأجهزة اتصالات المواطنين، ولو حدث ذلك بتواطؤ مع بعض شركات الاتصالات الهاتفية، أو حتى استحداثهم أجهزة خاصة يملكونها، وتحديدا في قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية، لمتابعة بعض الحسابات في شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»، تعد باطلة ومخالفة للقانون إن لم يتحصلوا في سبيل تلك الرقابة أيا ما كانت نوعيتها على اذونات من النيابة العامة، حتى لو كانت الجرائم التي يتولون التحقيق فيها تعد من جرائم الجنح التي لا تختص حتى النيابة العامة بالتحقيق فيها!فوفقا للائحة التنفيذية الخاصة بالقانون رقم 9 لسنة 2001، وبحسب المادة الأولى منه، «لا يجوز وضع أي هاتف تحت المراقبة أو تزويد أي جهة ببيانات عن المكالمات الصادرة أو الواردة على الهاتف إلا بناء على إذن من النيابة على مراقبة هاتف التحري عنها، ويكون الإذن صادرا من النائب العام أو المحامي العام إذا كانت القضية تخضع للتحقيق من قبل الإدارة العامة للتحقيقات».كم من قضية أحيل بها المتهمون إلى القضاء، سواء مغردين أو متهمين بجرائم مخدرات أو سرقة أو أي من الجرائم، بعد أن تمت الاستعانة بحركة الأبراج لهواتفهم، وأدت تلك الرقابة المخالفة للقانون إلى ضبطهم وتحديد أماكنهم، ولم يحصل الضباط فيها على اذونات من النيابة العامة، ومازال البعض مستمرا منهم في تلك المخالفة.الكشف عن خصوصيات الناس والاطلاع على حياتهم الخاصة أو حتى مراسلاتهم عناها الدستور بالمادة 39 بكثير من الضمانات، وربط الكشف عنها وبحسب القوانين المنظمة بأوامر تصدر من الجهات القضائية دون سواها، والتوسع في أمر الكشف عن تلك الاتصالات ومن دون مسوغ قانوني يجعل منها إجراءات باطلة، هي والعدم سواء، ولا يمكن الاستناد إليها أو الأخذ بها كدليل لإدانة المتهم، أو حتى التعويل عليها في أي من إجراءات المحاكمة.
محليات
مرافعة : مراقبتكم لاتصالاتنا باطلة!
23-03-2014