من كان يتوقع اندلاع حرب القرم أو كريميا عام 1853 بعد إرساء مؤتمر فيينا 1815 أسس توازن القوى الأوروبية؟ وهل يعني ذلك فشل المؤتمر أم أنه قصور في أدوات التحليل والتنبؤ السياسي آنذاك؟ نطرح السؤال ذاته اليوم ونتساءل عن أوكرانيا اليوم في ظل تصاعد الأحداث.
تاريخياً وفي أجواء مؤتمر فيينا كانت الزعامة أوروبية بنظمها الملكية وأسمائها التي تصدرت القيادة واتخاذ القرار كالرومانوف الروسية وهوهنزلرن البروسية وهابسبورغ النمساوية وستيوارت وهانوفر البريطانية، ولم تكن روسيا دولة ذات تأثير يذكر آنذاك إلا في عهد إيفان "الرهيب" بعد استقلالها عن الإمبراطورية المنغولية، وتوسعها وقيامها بمناورات نجحت في ضم مدن وسواحل بحر قزوين لفترة من الزمن.في الوقت ذاته كانت الدولة العثمانية تعاني صراعات السلاطين وانتشار الفساد الإداري والتخلف عن الثورات العلمية ومشاريع الحداثة، وكانت الشعوب البلقانية آنذاك تعيش فترة الشد والجذب بين منطقتي أوراسيا ببناها السياسية العثمانية المتدهورة والمتمسكة بالهيمنة وروسيا الجاذبة، وبمساعدة أوروبا أدت محصلة الظروف بالمنطقة إلى بدء الحركات الانفصالية، فأصبحت السمة الغالبة في منطقة الكريميا أو القرم الحروب والانفصال الإثني. ودخلت الدول الأوروبية الأزمة بحذر خوفاً من انتقال العدوى الإثنية الانفصالية إليها؛ لذا اتهمت بأنها لم تضع كل ثقلها بتلك الحرب واشتعلت الحرب في القرم أو كريميا، فاستعانت آنذاك الدولة العثمانية بالجيش المصري، ودخلت بريطانيا وفرنسا من ناحية وروسيا من ناحية أخرى، ودارت الحرب دون حسم نهائي أو نتيجة واضحة، وبذلك اعتبرت حرب القرم عقبة نهائية في طريق السلام الذي أرساه مؤتمر فيينا. واليوم تعاني المنطقة ذاتها هيمنة روسيا وجاذبية أوروبا، فبعد انطلاق "الثورات الملونة" كالزنبقية في قرقيزستان والوردية في جورجيا والبرتقالية في أوكرانيا أصبحت تعاني "سوء إدارة" مرحلة ما بعد الثورة، الأمر الذي أدى إلى وقوعها في مثلث الأزمة الاقتصادية والجاذبية الأوروبية والهيمنة الروسية. وتتسابق المراكز البحثية اليوم في تحليل الأوضاع، فيراها "بيرنز" المحاضر في مركز هارفارد للدراسات الدولية امتداداً لمزاج الحرب الباردة بين الشرق والغرب، ويراها البعض الآخر حركة بلعبة الشطرنج وتظاهرة أمنية روسية استغلت تردد الولايات المتحدة في اتخاذ القرار، وعدم استعدادها للخوض في قضايا أمنية بأسلوب تنفيذي في الوقت الحالي.أما ساكاشفيلي رئيس جورجيا الأسبق فيرى الضعف الاقتصادي عنصرا جاذبا لهيمنة الدول الأخرى، وضعف أوكرانيا وفشلها اقتصاديا جذبا روسيا لفرض هيمنتها؛ لذا على العالم والشبكات الاقتصادية في آسيا تحديد خطة اقتصادية لمساعدة الدول الصغيرة للمحافظة على استقلاليتها الاقتصادية والسياسية.وللحديث بقية.كلمة أخيرة: ما سبب غياب مظاهر الاحتفال بالعيد الوطني عن رحلات "الكويتية"؟ أليست الأغاني والأفلام الثقافية والوطنية أفضل من عرض فيلم عن مصارعة السومو؟
مقالات
أوكرانيا والقرم في التاريخ
05-03-2014