انتقد صديق سعودي أسلوب تعامل وسائل الإعلام المصرية مع "الإخوان المسلمين"، لافتاً النظر إلى محدودية تعاملها مع التطورات الحالية، وعدم تأصيل الأفعال المنسوبة للإخوان بتاريخها المحقق، الأهم أنه ذكرني بموقف الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي الراحل، الذي قال منذ ما يقرب من أحد عشر عاماً إن "الإخوان المسلمين" هم "أصل البلاء"، أرسل إلي صديقي تصريحات الأمير نايف التي يظن أن التذكير بها واستخدامها في هذه المرحلة مهم، لتأكيد الكشف المبكر عن خطورة "الإخوان" في البنية السياسية والاجتماعية والفكرية في مجتمعات الخليج.

Ad

ويذكر الأمير نايف في تصريحاته التي أشير إليها "من دون تردد أقولها إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها جاءت من الإخوان المسلمين"، وأضاف: "الإخوان لما اشتدت عليهم الأمور، وعلقت لهم المشانق في دولهم، لجأوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم وجعلتهم آمنين، وإخواننا في الدول العربية الأخرى قبلوا هذا الوضع، لكن بعد بقائهم سنوات بين ظهرانينا، وجدنا أنهم يطلبون العمل، فأوجدنا لهم السبل، ففيهم مدرسون وعمداء، فتحنا أمامهم أبواب المدارس والجامعات، لكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فأخذوا يجندون الناس، وينشؤون التيارات، وأصبحوا ضد المملكة!".

ولم ينس أن يذكر بموقف "الإخوان المسلمين" المناور في بداية غزو العراق للكويت، والكشف عن أنفسهم عندما أصدروا بيانا، لدى زيارتهم بغداد، يؤيد الغزو العراقي.

تجربة "الإخوان" في دول الخليج تبدو متشابهة إلى حد كبير، في العهد الناصري هاجر "الإخوان" من مصر بعد صدامهم مع النظام ومحاولاتهم القفز على الحكم والانقلاب عليه، وتوسّط الملك سعود عند جمال عبدالناصر في أزمة "الإخوان" الأولى، واستجيب له نسبيا، لكن "الإخوان" عادوا إلى محاولاتهم الانقلابية فعاد الصدام من جديد.

وجد أعضاء الجماعة الهاربون في الدول التي هربوا إليها سماء آمنة فنشروا وانتشروا، واستطاعوا التواجد خاصة في منطقتي التعليم والاقتصاد، سيطر المنتمون للإخوان المسلمين على المناحي التعليمية في الجامعات، تحديداً في عقدي السبعينيات والثمانينيات، وكذلك على العديد من المنابر الإعلامية ومنابر الدعوة.

انتشر أعضاء الجماعة وكونوا تنظيمهم وشعبهم تحت أعين الحكومات الخليجية في معظم الأحيان، ولم يدركوا وقتها أنهم يربون ثعباناً داخل ثيابهم، اعتقدوا أن مزيجاً من الدعم والاستيعاب يمكن أن يضمن لهم مناخاً مستقراً، لم يدركوا وقتها أنهم يحولون الخليج إلى منطقة تمركز وانطلاق جديدة لتنفيذ مخططاتهم.

بعد الصفقة السياسية في عهد السادات مع "الإخوان" زار الهضيبي السعودية، وعقد عام 1971 اجتماعاً موسعاً للإخوان، تَشكّلت فيه ملامح التنظيم الإقليمي، الذي ضم إخواناً آخرين من البحرين والإمارات والكويت، ورغم هذا التوسع الجغرافي في التنظيم اعتقد عديدون أن دور الإخوان الخليجيين لم يزد على جباية الأموال، لكن الحقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين الخليجية لم تعد تلك التي تجمع التبرعات والصدقات في الشوارع العامة والجوامع والمساجد، ولا يقتصر عملها على كفالة الأرامل والأيتام، لكن اليوم أصبحت ذراعاً سياسياً واقتصادياً للجماعة الأم في مصر، والأخطر أنها تبنت الفكر الانقلابي في دول مجلس التعاون، كما صرح وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.

جماعة الإخوان المسلمين في الخليج العربي لها ارتباط بالتنظيم الأم في مصر، وتحمل نفس الفكر الانقلابي في مصر، ويتعجب البعض من الارتباط العضوي مع الجماعة الأم والتنظيم الرئيسي، فجماعة الإخوان المسلمين تحمل نفس الفكر للتنظيم الرئيسي، بل إن تحركاتهم الأخيرة في المنطقة بلغت الخطوط الحمراء إلى درجة التحذير العلني من قبل وزير خارجية الإمارات، ويعد إلقاء القبض في الإمارات على شبكة انقلابية إخوانية تسعى للإطاحة بالحكومات الخليجية دليلاً قاطعاً على نوايا "الإخوان" تجاه من أواهم عندما كانوا مطاردين.

يحكي الأمير نايف، في حديثه الذي أشرت إليه في البداية، عن قصة لرجل دون تسمية صاحبها: "أذكر أن أحد الإخوان البارزين تجنس بالجنسية السعودية، وعاش في المملكة 40 عاماً، ولما سئل عن مثله الأعلى، قال: مثلي الأعلى هو حسن البنا".