إشكاليات كثيرة اكتنفت الاتفاقية الأمنية أبرزها متعلق بحرية التعبير وإجراءات ملاحقة المتهمين التي تخالف ما جاء بالمواثيق الدولية والدستور الكويتي، وكذلك ضبابية المادة المتعلقة بسيادة المياه الإقليمية وغيرها من المواد المبهمة؛ مما ساهم في تشكيل جبهة رفض من شرائح المجتمع الكويتي المختلفة.

Ad

مبررات الرفض كثيرة ومتعددة، وتختلف من مكون اجتماعي لآخر، لكنها كونت مزاجاً عاماً لرفض الاتفاقية، حيث إن هذا المزاج بدأ يتزايد لدى المواطن الكويتي من خلال برامج الرصد الإحصائي إلى أكثر من ٧٥٪، وهو مؤشر مهم لمتخذ القرار، وبالتحديد لمجلس الأمة إذا ما قرر المضي قدماً بالتصويت على الاتفاقية.   من الملاحظ أن القنوات الرسمية وغير الرسمية بدأت بالترويج سواء في الدفع باتجاه الرفض أو الموافقة من خلال استضافة الناشطين السياسيين والحقوقيين، وهو عمل جيد ساهم في شرح بنود الاتفاقية مما أدى إلى تفاعل الشارع معها بعد أن كشفت عن ضعف كبير في صياغة الاتفاقية الأمنية من حيث مواءمتها لنصوص الدستور الكويتي.  

هناك محاولة من بعض الأطراف بتصوير الاتفاقية على أنها ستكون الدرع الواقي لأي تحولات أو امتدادات للربيع العربي، وبالتحديد من جماعة "الإخوان المسلمين" أو من أولئك العائدين من ساحات القتال السورية والعراقية!   

هذا التخوف في محله لكن التعامل معه يجب أن يمر من خلال تطبيق القانون الخاص في كل دولة لا من خلال السماح بدخول قوات من أي دولة حتى لو كانت محل الجفن من العين، كما أن الترويج للاتفاقية يجب ألا يخوض في النوايا بل من خلال تطبيق القانون.

ما شهده مجلس الأمة من تغير في المواقف باتجاه رفض الاتفاقية كان متوقعاً، فالكلفة على النواب أكبر مما هو متوقع، ومن تسرع بالموافقة لم يكن يعي خطورة هذا الموقف، ولم يفهم مزاج الشارع الكويتي، ولم يستطع فهم أبسط قواعد اللعبة السياسية بين الأقطاب البرلمانية، فراح ضحية النوايا... وفي ما بين الفهم الحقيقي للدستور والديمقراطية الكويتية فخسر الاثنين. بعض المواقف تصنع خارج قبة "عبدالله السالم" ومنها هذه القضية، فبعد أن كانت سهلة صارت أكثر من صعبة، بل أقول من المستحيل تمريرها، فالشعب تحرك بشكل مسؤول وهو من أخذ المبادرة، وهو من تكفل فيها، وهو موقف صلب لا أنصح أحداً بالمراهنة على عكسه، والترحيل إلى دور الانعقاد القادم لن يغير من ثبات الموقف.  

نقاط أخيرة:

هناك حالة من التشفي من موقف البعض أثناء أزمة البحرين عندما هددوا باستجواب سمو رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد فسر على أنه موقف ثابت يمكن التعويل عليه، وهي قراءة غير سليمة.  

المبادئ لا تتجزأ وهناك من رفض الاتفاقية لأنها تعارض الدستور الكويتي، وما تراجع البعض إلا عودة إلى جادة الحق؛ لذا الاتهامات الجانبية يجب أن تقف فليس من مصلحة أحد الاستمرار في ذلك إلا إذا كان المقصود أكبر من الاتفاقية.  

الحكومة من جانبها أعلنت سلامة إجراءاتها القانونية نحو الاتفاقية بعدم مخالفاتها لمواد الدستور، لذا نود أن نعرف الرأي القانوني لإدارة الفتوى والتشريع بعد ما عرفنا رأي وزارتي "الداخلية" و"الخارجية"، وذلك لرفع الحرج عنها في حالة ما نوقش القانون داخل مجلس الأمة.

 ودمتم سالمين.