• دعنا نتعرف من خلالك على أحوال المسلمين في رومانيا؟

Ad

عدد المسلمين في رومانيا يصل إلى مليون، ويعيش المسلمون في أغلب مدن رومانيا، وعلى رأسها المدن الساحليَّة المُطِلّة على البحر الأسود، ومنها مدينة "مُجيدية"، التي أسَّسها السلطان العثماني "عبدالمجيد الثاني" وسمِّيت باسمه، ومدينة "المحمودية"، وإقليم "دبر وجيه" الشمالي، بينما يتمركز بعض المسلمين في عدة أحياء في العاصمة بوخارست ومدن تولستا وكونستانتا، ويُهيمن المذهب السني على الأغلبيَّة الساحِقة من المسلمين، لكونهم يَنحدِرون من أصول تتريَّة، وتُركيَّة أو ألبانية، ويشكل المسلمون نحو 2.5 في المئة من إجمالي سكان رومانيا، شأنهم شأن أغلب مسلمي أوروبا الشرقية الشيوعيَّة السابقة، ويُعاني مسلمو رومانيا حزمة من المشكلات، أهمها ضعْف الوعي الديني؛ نتيجة العقود الطويلة التي قضوها تحت راية الشيوعية الحمراء، إذ حُرِموا من إلقاء الدروس أو إقامة الندوات في المساجد، التي اقتَصر النشاط فيها على إقام الصلاة فقط، ما أَسهم في تجفيف منابع التديُّن، وخروج أجيال لا تعرف عن الإسلام شيئاً، ولم تكتفِ الشيوعية بحصار الدعوة، بل قامت كذلك بمُصادرة أغلب الأوقاف الإسلاميَّة؛ مما حرَمها من رِيع هذه الأوقاف، باختصار أهم هذه المشكلات وأبرزها عدم وجود دعاة متخصصين من أهل البلد في المجالات المختلفة، وعدم وجود عمل مشترك بين المؤسسات الإسلامية لمكافحة بعض الأمراض الاجتماعية كالبطالة والفقر، كما أن الشباب المسلم يعاني كثرة الفتن، والحل هو تكوين بيئة مسلمة وخلق مناخ مناسب، وإشراكهم في العمل الدعوي، وخلق أنشطة تشغل وقت فراغهم.

• بعد سقوط الاتحاد السوفياتي هل تغير الوضع؟

- بالفعل تغير الوضع بعد سقوط الشيوعية في رومانيا في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، شهِدت البلاد ما يُشبِه الصحوة الإسلاميَّة؛ حيث امتلأت المساجد بالمصلِّين، وكان هناك إقبال ملحوظ على الدروس الدينيَّة، ولكن المشكلة جاءت من نقْص عدد الدعاة القادرين على محو الأمية الدينيَّة، وخلْق حالة جَذْب حقيقية في صفوف المسلمين لدِينهم، والعمل بقوة لاستعادة هويَّتهم، التي تعرَّضت للتآكُل والضعف؛ بفعل عقود الشيوعية الحمراء.

• هل حقَّقت هذه الجهود ما كنتم تَصبون إليه من استعادة هويَّتكم الإسلامية؟

- نجحنا بدعم العديد من الهيئات الخيريَّة العربية والإسلامية في الحصول على عشرات المِنح لشبابنا للدراسة في الجامعات الإسلامية في عدة دول، مِثل: مصر، والسعودية، والأردن، وسورية، وتركيا، والجامعة الإسلامية في سراييفو البوسنيَّة، وأَسهم هؤلاء في سدِّ الفراغ، وإن كان بشكلٍ نسبي، والقيام بدور دعوي إيجابي في أغلب تجمُّعات المسلمين في الأراضي الرومانية، ونأمُل في تصاعُد هذا الدور في السنوات المقبلة.

• لكننا سمعنا عن انتشار جماعات التنصير في أوساط المسلمين في أوروبا، فما صحة ذلك؟

- بالفعل يوجد التنصير، وتتركز جهوده في معظم الدول التي خضعت للاحتلال الشيوعي، وهو يلعب دوراً كبيراً وينتشر بمشروعاته في مختلف المجلات، حتى بلغ إلى أبعد الحدود، فهم يفكرون ويعملون بجد ونشاط حتى كانت آخر أعمالهم وأفكارهم، أن توجهوا لدور الأيتام التي تملكها الحكومة وتحوي عدداً كبيراً منهم،  فيأخذونهم في رحلات إلى سويسرا أو ألمانيا مدة شهر أو شهرين، يغيرون فيها اسمهم وعقيدتهم، وكل شيء يعرفونه عن دينهم، ويأتون وقد نسوا كل شيء عن الإسلام، بل الأسوأ أن هؤلاء الأيتام حينما يتخرجون في دورهم لا يجدون من يساعدهم ويفتح لهم ذراعه سوى هذه المؤسسات التنصيرية، أما الجمعيات الإسلامية فلا تستطيع ذلك لضعف إمكاناتها ومواردها.

• ماذا عن جهودكم لتطوير العمل الدعوي في رومانيا؟

- العمل الدعوي لدينا في تطور مستمر، ومؤخراً أنجزنا ترجمة حديثة لمعاني القرآن الكريم باللغة الرومانية، وقد ساهمت هذه الترجمة في التعريف الصحيح بأحكام وتعاليم وهدايات الدين الإسلامي الحنيف، وبدأت المؤسسات الإسلامية الرومانية في تصحيح التاريخ الإسلامي هناك، وتنقيته من الشوائب، كما بدأ الاهتمام بالآثار الإسلامية وحصرها، حيث تم حصر (108) آثار إسلامية نادرة في مختلف المدن والقرى، بالإضافة إلى عدد كبير من اللوحات الرخامية والحجرية المدوّنة عليها كتابة إسلامية نادرة، ولوحات الخط العربي، وعدد لا بأس به من منابر المساجد والسجاجيد، وبعض السيوف ذات النقوش الإسلامية، كما أسس الكونغرس العديد من المدارس القرآنية الملحقة بالمساجد، وبلغ عددها (72)، كما تكوّنت اللجان الإسلامية التابعة لنا في مختلف المدن والقرى التي يوجد بها عدد من المسلمين، لنشر الوعي الديني بينهم والرد على استفساراتهم، بالإضافة إلى ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الرومانية.

• وما الذي تستهدفونه في الوقت الحالي؟

- هدفنا نشر عقيدة التوحيد الخالص، والبعد عن الشرك والانحرافات الفكرية، وتعميق التدين العملي المبني على الفقه في الدين، والدعوة إلى الالتزام بالأخلاق الإسلامية في حياة الفرد والمجتمع، والدعوة إلى تزكية النفس وبث روح الثقة والاعتزاز بالدين الإسلامي، ونحن في ديار الغربة تقوم المرأة المسلمة بدور مؤثر في الجانب الشرعي والعملي وإصلاح الأسرة المسلمة، والتنسيق مع المؤسسات الإسلامية وعلى رأسها دار الإفتاء، والعمل على تحسين الوضع المعيشي لأبناء البلد (من المسلمين وغير المسلمين) ونشر المفاهيم والمبادئ القيمة لروح الدين الإسلامي، وتمكين أبناء البلد (المسلمين) من التوطين والتعريف بالإسلام، والتواصل مع أصحاب الفكر والثقافة من أهل البلد، والاهتمام بتدريس القرآن الكريم وحفظه وتعليمه.

• كيف تتواصلون مع قضايا العالم الإسلامي؟

- تواصلنا يسير في شقين: إنساني عبر المشاركة الوجدانية مع مشاكل الأمة من خلال شرح ما تمر به الأمة الإسلامية من مشاكل، والثاني من خلال التجاوب في إغاثة المسلمين عبر تقديم المساعدات الإنسانية لأي بلد يتعرض لكارثة.