العُقَد الحكومية تضع سليمان وسلام بين خيارَي أزمة سياسية أو دستورية

نشر في 06-02-2014 | 00:01
آخر تحديث 06-02-2014 | 00:01
تسود الأوساط السياسية اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة حالة من الإرباك والضياع في التعاطي مع الخيارات المتاحة للخروج من حالة المراوحة التي تتمثل في ترحيل تشكيل الحكومة من أسبوع الى أسبوع ومن مهلة يومين الى مهلة لاحقة في انتظار جولة جديدة من المشاورات الدائرة منذ عشرة أشهر في حلقة مفرغة.

ويرى المراقبون أن الشروط والشروط المضادة وضعت عملية تشكيل الحكومة أمام أفق مسدود لا يمكن اختراقه بقرارات تقليدية، بل بخطوات استثنائية تخرج عن إطار المألوف من دون أن تخرج عن الهوامش الدستورية للنظام السياسي اللبناني.

فبعدما وضع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام خيار الحكومة الحيادية جانبا في ظل توافق تيار المستقبل مع كل من حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي على تشكيل حكومة سياسية جامعة يغيب عنها الثلث المعطل ويخضع توزيع الحقائب فيها لقاعدة المداورة على أن يؤجل البحث في بيانها الوزاري الى ما بعد تشكيلها، بدا أن تيار المستقبل فشل حتى الآن في إقناع القوات اللبنانية بالتخلي عن شرط التفاهم المسبق على البيان الوزاري للمشاركة في هذه الحكومة، وأن حزب الله فشل في اقناع العماد عون بالتخلي عن تمسكه بوزارة الطاقة وبحقيبة سيادية للمشاركة في الحكومة، مما أفرغ «الاتفاق الرباعي» من مضمونه.

وإزاء هذه الحالة المستجدة تنقسم الآراء حيال سبل التعاطي مع الواقع الجديد: فالرئيس تمام سلام يعتبر أن الحل يكون بتشكيل حكومة متوازنة وفقا للاتفاق، وعندها فليخرج منها من يريد الخروج... فإذا فقدت أكثر من ثلث أعضائها بالاستقالة تصبح بحكم المستقيلة وتكتفي بتصريف الأعمال الى أن تتشكل حكومة جديدة.

أما حزب الله وحلفاؤه فيرون أن عدم قبول العماد عون بالمشاركة يعني أنهم سيبقون هم أيضا خارج الحكومة، وهو ما سيدفع بالنائب وليد جنبلاط الى عدم المشاركة بدوره، وبالتالي فإن وزراء «8 آذار» والنائب وليد جنبلاط لن يقبلوا مجرد تصريف الأعمال.

من هنا يرى قريبون من رئيس الجمهورية وجهات سياسية حيادية أن تشكيل حكومة أمر واقع سياسية جامعة سيضع البلاد أمام أزمة سياسية – دستورية، لأن «8 آذار» ستعتبر أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي التي يجب أن تواصل تصريف الأعمال في ظل مراسيم صادرة عن رئاسة الجمهورية بقبول استقالتها وتشكيل حكومة جديدة. ولذلك يعتبر هؤلاء أن العودة الى صيغة الحكومة الحيادية تبقى أقل ضررا فهي في أسوأ الاحتمالات يمكن ألا تحل الأزمة السياسية القائمة أصلا، ولكنها تقطع الطريق على أزمة دستورية لأن وزراءها لن يكونوا مرتبطين بجهات سياسية وحزبية وبالتالي فإنهم سيكونون مستعدين لتصريف الأعمال في انتظار نتيجة الحكومة أمام مجلس النواب لنيل الثقة، أو في انتظار عملية تكليف جديدة واستشارات جديدة وتشكيل حكومة جديدة.

وفي اعتقاد المراقبين أن إقدام رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف على تشكيل حكومة أمر واقع سياسية – حزبية سيزيد حالة الفراغ القائمة أصلا في البلد في ظل عدم توافر ظروف التفاهم السياسي على حكومة جديدة، في حين أن الحكومة الحيادية يمكن أن تشكل حافزا للفرقاء الحزبيين على تفاهم سياسي على سلة من الاستحقاقات الدستورية المتمثلة بتشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية، لأن عدم التوصل الى مثل هذا التفاهم سيبقيهم جميعا خارج دائرة القرار، في حين أن أي تنازلات يقدمون عليها من أجل إيجاد تسوية في ما بينهم سيبقى ضررها على مصالحهم ومواقعهم أقل من استمرار الخلاف الذي أخرجهم جميعا ونهائيا من دائرة القرار السياسي والخدماتي.

back to top