الإرهاب... هذا هو أساس البلاء!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
حتى عمر عبدالرحمن، الضرير المصري المعتقل الآن في الولايات المتحدة بتهمة إرهابية، وحتى أبوحمزة المصري، (أبو الشناكل) ما غيره، الذي سلمه البريطانيون للأميركيين ليحاكموه بتهم الإرهاب... وحتى باقي ما تبقى من وُعاظ "الجهاد" الأميركي والأوروبي فإن من جنَّدهم وأرسلهم إلى أفغانستان لمحاربة القوات السوفياتية الغازية هو هذه الدول التي "تدُبّ الصوت" الآن وتبالغ جداً في التخوف والتحذير من ظاهرة ذهاب متطوعين، من أبناء المهاجرين إليها من دول عربية وإسلامية، إلى سورية للقتال في صفوف "داعش" و"النصرة" وباقي التنظيمات الإرهابية. ولعل ما لا يعرفه المسؤولون في هذه الدول بعد كل هذه السنوات الطويلة من رحيل القوات السوفياتية عن أفغانستان، وانهيار الاتحاد السوفياتي، الذي أدى إلى كل هذه الاختلالات في معادلة القوى الكونية، أن دولهم، إن ليس كلها فبعضها، قد "فتحت" معسكرات لتدريب متطوعي الجهاد الأفغاني، وأنها فرضت فرضاً على بعض الدول العربية تمويل هذا الجهاد، الذي نبتت "القاعدة" في حاضنته، والحجة بالطبع هي ضرورة اعتراض مد الشيوعية العالمية قبل أن يصل إلى هذه الدول وإلى المنطقة كلها.إن هذا هو أساس البلاء... وأما في ما يتعلق بذهاب بعض الشبان والشابات من الصغار من ذوي البشرة "الشقراء" من الأوروبيين والأميركيين إلى سورية فإن الدافع بالتأكيد هو الفضول وحب الاطلاع، وهو أيضاً الهروب من الملل ورتابة الحياة في بلدانهم، وليس الجهاد في سبيل الله ولا نصرة المظلوم ضد الظالم... وحقيقة إن هذه ظاهرة قديمة عرفتها المقاومة الفلسطينية في نهايات ستينيات وبدايات سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت هناك مجموعة من المراهقين من الجنسين انضمت إلى الجبهة الديمقراطية بقيادة "الرفيق" نايف حواتمة "أبو خالد" أُطلق عليها تماشياً مع أدبيات تلك المرحلة اسم "الكتيبة الأممية".وبالطبع ومقابل ظاهرة الشبان والشابات الذين يفرون من الدول الغربية هروباً من السأم والملل ورتابة الحياة والبرد القارس والبحث عن الدفء والمغامرات سواء في هذا الشرق المعذب أو في إفريقيا وأميركا اللاتينية فإن هناك من تركوا بلدانهم والتحقوا بثورة من الثورات القديمة والجديدة انسجاماً مع قناعاتهم السياسية والتزاماتهم الأممية، ومن بين هؤلاء الثائر الأممي تشي غيفارا، الذي غادر بلده الأرجنتين للقتال إلى جانب فيدل كاسترو بعد انتصار الثورة الكوبية، ثم انتقل إلى بوليفيا حيث قتل هناك بمساندة المخابرات الأميركية، ومن بينهم أيضاً راميريز سانشيز (كارلوس) الذي يقضي الآن حكماً طويلاً بالسجن في فرنسا، والذي ترك بلده فنزويلا والتحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل أن يُستدرج إلى الخرطوم في السودان في بدايات تسعينيات القرن الماضي، ويجرى تسليمه في مؤامرة دنيئة شارك فيها أحد الذين يَحسبون أنفسهم على الثورة الفلسطينية، ونفذها كما يُقال، والعلم عند الله، بعض رموز هذا النظام الذي اعتقل قبل أيام الصادق المهدي الرجل الذي يحظى باحترام وتقدير من غالبية أبناء شعبه، ويحظى باحترام مثله وربما أكثر في الوطن العربي بأسره.