تنامي التوتر في المحيط الهادئ ينذر بصدام محتمل جداً

نشر في 02-03-2014
آخر تحديث 02-03-2014 | 00:01
نظراً إلى غياب أي حل دبلوماسي قريب، تحتاج الصين واليابان إلى إنشاء قنوات للتواصل خلال الأزمات، هذا إذا لم يتبين أن تشبيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أخيراً المرحلة الراهنة بالفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى صحيح.
 واشنطن بوست راح خبير عسكري صيني يوضح خلال مؤتمر عُقد في شنغهاي أخيراً ما يعتبره حتمية تنامي قوة بكين في المحيط الهادئ، تلك الحتمية التي وصفها بـ"الحميدة". فقد ذكر بحماسة: "يجب أن تثقوا بالصين. ففي غضون عشر سنوات، سنكون أقوى، وستشعرون بأمان أكبر".

لكن هذا التوقع الصيني لم يطمئن، على ما يبدو، معظم الخبراء الاثني عشر الأوروبيين والأميركيين المجتمعين في ذلك المؤتمر. فقد برز إجماع، حتى بين معظم المشاركين الصينيين، على أن تنامي قوة بكين العسكرية تقلق جيرانها وتقود إلى صدامات مع اليابان، والفلبين، وفيتنام بسبب الحقوق البحرية والجزر المتنازع عليها.

تابع الخبير العسكري الصيني قوله: "تظنون أننا نهوى الاستفزاز. لكننا نعتبر أنفسنا ضحية". لكن لا أحد من الحاضرين ينكر واقع أن التوتر في المحيط الهادئ يتفاقم، وأن الصين وجيرانها تعجز عن التوصل إلى حل. نتيجة لذلك، تجد الولايات المتحدة نفسها واقعة على نحو غريب في الوسط بين هذين الفريقين، محاولة دعم حلفائها التقليديين (مثل اليابان) من دون أن تشجعهم على اتخاذ خطوات متهورة.

لا شك في أن تطرق الوفود في هذا المؤتمر إلى احتمال اندلاع حرب في المحيط الهادئ يشكل إشارة بارزة إلى الخطر المحدق. فما شهدناه خلال هذا المؤتمر مختلف كل الاختلاف عن لهجة التجمعات المماثلة التي عُقدت قبل بضع سنوات، حين كان المسؤولون الصينيون يحاولون غالباً طمأنة الخبراء الأجانب إلى أن الصين الناشئة لن تتصادم مع الولايات المتحدة أو القوى الإقليمية. لكن اليوم، يبدو هذا التصادم محتملاً جداً في بحرَي الصين الشرقي والجنوبي.

قبل أسبوعين تقريباً، حذر جيمس فانل، نقيب في البحرية الأميركية، في مؤتمر في سان دييغو من أن الصين تنفذ تدريبات لخوض "حرب قصيرة وخاطفة" بهدف تأكيد هيمنتها في الجزر التي تطلق عليها اليابان "سينكاكو" والصين "دياويو".

أشار فانل إلى أن حديث بكين عن "حمايتها حقوقها البحرية" ما هو في الواقع إلا "تلطيف صيني لاستيلائها بالقوة على حقوق جيرانها البحرية". وأضاف: "لا أظن أن نوايا الصين قد تصبح أكثر شفافية". يشكل هذا الخلفية الآسيوية الحقيقية للمناظرات الأميركية بشأن الإنفاق العسكري. فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل في واشنطن أخيراً أن وزارة الدفاع "ستواصل تحويل تركيزها العملاني وقواها نحو منطقة المحيط الهادئ الآسيوية". ولكن هل يشعر الحلفاء، مثل اليابان والفلبين، حقا بالدعم الأميركي في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة تخفيض عدد جنودها وطائراتها الحربية على نحو واضح؟ وهل يشكل رادعاً فعلياً لخصوم محتملين مثل الصين؟

شكلت الخارطة السياسية-العسكرية المتبدلة في آسيا الإطار العالم للقاء الأخير لمنتدى الصين في استوكهولم، وهو لقاء سنوي ترعاه معاهد شنغهاي للدراسات الدولية و"صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة" (أنا أمينه). صحيح أن المناقشات، التي يُفضل عدم تحديد هوية المشاركين فيها، كانت صريحة جداً، لكنها بددت كل أمل (بالنسبة إلي على الأقل) بأن تواصل الصين تجاوبها مع دولة أميركية قوية. بدلاً من ذلك، يبدو جلياً أننا ندخل مرحلة ستعمد خلالها الصين إلى تأكيد نفوذها بحزم أكبر، خصوصاً في المسائل البحرية.

سلطت محادثات شنغهاي أيضاً الضوء على ما ينتظر الولايات المتحدة في ما يعتبره الخبراء الاستراتيجيون دوراً "يوازن قوة الصين في الخارج". فالولايات المتحدة ملزمة، بموجب معاهدةٍ، الدفاع عن سيطرة اليابان الإدارية على جزر سينكاكو. وقد وضعت واشنطن خططاً لوقف أي "حرب سريعة خاطفة" تنفذها الصين هناك. ولكن لا ترغب الولايات المتحدة أيضاً في الانجرار إلى حرب بسبب كتل صغيرة من الصخور. لذلك تحض طوكيو على توخي الحذر.

يُعتبر وضع سينكاكو شديد التوتر لأن سفن خفر السواحل الصينية وطائراته تحيط بهذه الجزر كل يوم. وقد اتخذت هذه المضايقة نمطاً محدداً يمكن توقعه، حتى باتت أحد العوامل الثابتة في هذا الصراع. ولكن نظراً إلى غياب أي حل دبلوماسي قريب، تحتاج الصين واليابان إلى إنشاء قنوات للتواصل خلال الأزمات، هذا إذا لم يتبين أن تشبيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أخيراً المرحلة الراهنة بالفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى صحيح.

تشمل طموحات الصين في بحر الصين الجنوبي ما تدعوه "خط النقاط التسع"، الذي يؤكد على نحو مبهم ادعاءات الصين البحرية التي تصل إلى مشارف سواحل فيتنام، وماليزيا، والفلبين. لا أساس قانونيا لهذا الخط من وجهة النظر الأميركية. حتى الصينيون أنفسهم لا يحددون ما يمثله هذا الخط، لذلك عمدت الحكومة الفلبينية إلى التقدم بدعوى تحكيم دولية تتحدى فيها هذا الخط على أمل أن يؤدي ذلك إلى فرض حدود قانونية على توسع الصين البحري.

عندما يشارك المسؤولون الصينيون في مؤتمرات دولية مثل مؤتمر شنغهاي، يتحدثون عادة عن "تعاون لا خاسر فيه". وقد تحول هذا المفهوم المطمئن إلى النغمة المعتادة في كل لقاء دولي. ولكن عندما نتأمل منطقة المحيط الهادئ، نلاحظ أن من الصعب رؤية روح التسوية هذه.

* ديفيد إغناتيوس | David Ignatius

back to top