حامد المطيري: فيلكا تتعرض لعمليات نهب مستمرة
ناشد الجهات الحكومية سرعة التدخل للحفاظ على الإرث التاريخي
أثار المشاركون في المحاضرة الأثرية عن جزيرة فيلكا مجموعة استفسارات متنوعة عن تاريخ الجزيرة وواقعها.
أثار المشاركون في المحاضرة الأثرية عن جزيرة فيلكا مجموعة استفسارات متنوعة عن تاريخ الجزيرة وواقعها.
دشن ملتقى فيلكا الثقافي موسمه الأول مساء أمس الأول في مطعم الساحة بمنطقة بنيد القار، بأمسية أثرية موزعة على قسمين، الأول تحدث فيه الكاتب محمد السعيد عن أهداف ملتقى فيلكا مستعرضاً جانباً من تفاصيل حكاية «سعد وسعيد وسعيدة» الممزوجة بالأسطورة والإرث الشعبي، وفي القسم الثاني تناول رئيس قسم المسح والتنقيب في إدارة الآثار والمتاحف بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حامد المطيري المكتشفات في المواقع الأثرية الثلاثة «سعد وسعيد وسعيدة»، مشدداً على ضرورة التدخل الحكومي للحد من عمليات السرقة والنهب التي تتعرض لها الجزيرة، وأدارت الجلسة الباحثة نوال الفيلكاوي.بداية، ألقى الكاتب محمد السعيد كلمة الملتقى، عبر فيها عن سعادته بهذا الحضور الثقافي المميز، مشيراً إلى أن الملتقى سينظم جلسة شهرية تتناول موضوعات مهمة تعنى بالجزيرة، وأضاف: «كان الفينيقيون هنا، قبل نحو 4 آلاف عام أو يزيد، ثم رحلوا تاركين قبورهم وأختامهم، مكتسبين خبرة بحرية مكنتهم من الاستقرار على امتداد ساحل البحر الأبيض المتوسط، لكن هزمهم تناحرهم، فأكلهم الرومان».
وبشأن أهداف الملتقى، قال السعيد إن ثمة رغبة حقيقية في إحياء بنيات تاريخية قد طمرها النسيان وضيّعها الاهمال، لافتاً إلى تهيئة المناخ لاستعادة الذاكرة في هذه البقعة التاريخية عبر سرد حكاية «سعد وسعيد وسعيدة» المستوحاة من الحكايات النسائية، وتابع: «تركز الحكاية على مكانة البقرة لأنها تحمي البشر من الأرواح الشريرة، وإذا أردنا التحليل أكثر فإننا نستطيع الإشارة إلى أن اختلال النفس البشرية يضعها في دائرة الوهم وفقد التوازن العقلي فتظهر الاضطرابات السلوكية».وبدوره، استعرض رئيس قسم المسح والتنقيب في إدارة الآثار والمتاحف بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حامد المطيري تجربته الشخصية في المسح الأثري في الجزيرة، مبيناً أن ثمة 25 تلا أثريا تنتظر التنقيب والعمل. وأردف المطيري «تلال سعد وسعيد وسعيدة تختلف في تصنيفها الزمني، إذ أن تل سعد يعود إلى العصر البرونزي، أما تل سعيد فينتمي إلى العصر الثالث قبل الميلاد، وتل سعيدة وهو يعد الأحدث يؤرخ ضمن فترة العصر الإسلامي، واتساقا مع المكتشفات الاثرية ثمة وأساطير وأنثولوجيا لا تتقاطع مع الواقع، واكتشفت البعثات الأثرية قبرا في تل سعيد، وفي تل سعيدة وجدنا عظام الجمال والبقر والحمير والأسماك والثعالب وبعض النباتات». وعن عدد المواقع الأثرية في الجزيرة، أوضح المطيري أن 52 موقعاً أثرياً تم اكتشافها، والعمل مستمر فيها والمكتشفات متنوعة، ومن أهمها العثور على بقايا مسجد في قرية سعيدة، وفقاً لإحدى الوثائق العدسانية التي تشير إلى وجود مسجد في الجزيرة، لكن المفاجأة ان ما تم اكتشافه أقدم بكثير عن المسجد المذكور في الوثيقة.وفي ما يتعلق بالمصادر المكتوبة التي تؤرخ للجزيرة، يأسف المطيري لغياب المعلومات المهمة عن تاريخ فيلكا في المصادر، قائلاً إن «العصر الإسلامي مغيب ومصدرنا الوحيد هي الآثار فقط».وحذّر من تبعات ما يجري من عملية الاهمال الحكومي للجزيرة، مشيرا إلى أن بعض المواقع المهمة في فيلكا أصبحت مكباً للنفايات، والقصور تتعرض إلى عملية نهب مستمرة، متابعاً: «للأسف فإن الوضع في الجزيرة تعيس، فرمالها تتعرض للسرقة من أفراد لا يعون البعد التاريخي، لذلك يجب التدخل من مؤسسات الدولة لإرساء الوعي البيئي لحماية هذه المواقع الأثرية».ثم فُتِح باب النقاش، بعد أن لفت محتوى الندوة الحضور، فطرحوا مجموعة استفسارات عن تسمية الجزيرة وأبرز المكتشفات الأثرية، ومن جانبه، تساءل الباحث فرحان الفرحان عن آثار المسجد التي تم العثور عليها في موقع سعيدة، مستفسراً عن الحقبة الزمنية التي يعود إليها المسجد، وأوضح الفرحان أن مفردة فيلكا أصولها عربية، إذ تم اشتقاقها من كلمة فلك، خصوصا أن الكويتيين درجوا على تصغير الكلمة في لهجتهم المحلية. بدورها، لفتت رئيسة تحرير مجلة العربي الدكتورة ليلى السبعان إلى تناقض بين حديثي المحاضرين في الندوة، مبينة أن الأسطورة موجودة ومتداولة في الإرث الشعبي، وشددت على ضرورة استمرار الأنشطة الثقافية الداعمة للتعريف بالموروث المحلي.أما الكاتبة فطامي العطار فقد استغربت لما يجري لجزيرة فيلكا من اهمال، معتبرة أن مدلول الحكاية التي رواها الكاتب محمد السعيد يرمز إلى ما حدث فيها من تفاصيل تتقاطع مع ما يحدث الآن في الجزيرة، وقال جاسم الجاسم إن عمليات التنقيب يجب أن تركز على «النقع» القديمة للحصول على معلومات مهمة وعدم الاكتفاء بالمواقع الأخرى كالتلال أو المرتفعات أو باطن الأرض.