فجر يوم جديد: الأفلام العربية مئة أفضلها {المومياء}!
نجحت إدارة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في إقناع أكثر من 475 من نخبة النقّاد، والمخرجين، والكتّاب، والروائيين، والأكاديميين، وخبراء صناعة السينما من أرجاء العالمين العربي والغربي، بالمشاركة في اختيار عشرة أفلام هي الأهم، من وجهة نظرهم، في مسيرة السينما العربية، ثم أخضعت اختياراتهم لعملية فحص ودراسة دقيقة أسفرت عن قائمة فريدة لأهم 100 فيلم في تاريخ السينما العربية. القائمة سيضمها الكتاب المرجعي الأول من نوعه في العالم العربي، الذي يصدره المهرجان ضمن فعاليات دورته العاشرة (6 - 14 ديسمبر 2013)، بدعم من هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة)، بعنوان {شغف السينما: قائمة مهرجان دبي السينمائي لأهم 100 فيلم عربي}.
يأتي إطلاق المرجع التاريخي الفريد في المكتبة العربية، بمثابة تكريس للوجه الثقافي والحضاري للمهرجان، وتكريم لمبدعي السينما العربية الراحلين، وأولئك الذين يتابعون رحلة العطاء؛ فأسفرت الحصيلة النهائية عن احتلال عشرة أفلام المراكز الأولى في قائمة أهم 100 فيلم عربي؛ على رأسها «المومياء» (1969) للمخرج المصري الراحل شادي عبد السلام، بينما حلّ «باب الحديد» (1958) للمخرج المصري الراحل يوسف شاهين في المرتبة الثانية، «وقائع سنين الجمر» (1975) للمخرج الجزائري محمد لخضر حامينا في المركز الثالث، «الأرض» (1969) للمخرج يوسف شاهين في المرتبة الرابعة، «صمت القصور» (1994) للمخرجة التونسية مفيدة التلاتلي في المركز الخامس. أما «أحلام المدينة» (1983) للمخرج السوري محمد ملص فاحتل المركز السادس، وتبعه «يد إلهية» (2001) للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان في المركز السابع، «الكيت كات» (1991) للمخرج داود عبد السيد في المرتبة الثامنة، «بيروت الغربية» (1998) للمخرج اللبناني زياد دويري في المرتبة التاسعة، بينما حل الفيلم السوري «المخدوعون» (1972) للمخرج المصري الراحل توفيق صالح في المركز العاشر. كان الكاتب الراحل سعد الدين وهبة قاد مبادرة، إبان رئاسته لـ «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (1995)، لإجراء استفتاء بين النقاد والمبدعين المصريين، لاختيار أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، لكن يُحسب لإدارة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» حرصها البالغ على التوجه العربي، وإدراكها الواضح لأهمية إلقاء الضوء على التجارب الإبداعية التي غيرت مسار السينما العربية، والاحتفاء بمبدعيها، فضلاً عن ردّ الاعتبار لبعضها، الذي لم يلق النجاح والتقدير الواجبين في العروض الأولى، والإسهام بشكل غير مباشر في التأكيد على عراقة السينما العربية، وتقديم البرهان العملي على أنها صاحبة إرث كبير، ومن ثم النظر إليها بوصفها القدوة للأجيال اللاحقة من السينمائيين.يذكر أن إدارة المهرجان لم تكتف بطبع خلاصة الاستفتاء في كتاب «سينما الشغف: قائمة مهرجان دبي السينمائي لأهم 100 فيلم عربي»، وإصداره باللغتين العربية والإنكليزية، وطرحه في المكتبات العربية والعالمية، بوصفه مرجعاً أساسياً لدراسة السينما العربية، إنما أضافت إليه دراسة تاريخية ونقدية للسينما العربية كتبها الناقد والكاتب زياد عبد الله، تناولت بالتحليل والتأريخ ملامح السينما العربية من خلال الأفلام التي تم اختيارها ضمن قائمة أهم مئة فيلم، عبر مقاربتها فنياً وسياسياً واجتماعياً، بالإضافة إلى معالجة نقدية لكل فيلم من أفلام القائمة، فضلاً عن بيانات تاريخية حول الإنتاج والخلفيات الإبداعية للأفلام، والأسباب التي جعلت منها علامات مضيئة في التراث السينمائي العربي، وواحدة من «الكلاسيكيات» الخالدة.بالطبع ستحتاج النتيجة النهائية، التي ستصدر في كتاب «سينما الشغف: قائمة مهرجان دبي السينمائي لأهم 100 فيلم عربي»، إلى دراسة متأنية ومستفيضة، بحيث يخضع الاستفتاء، وما أسفر عنه، للتحليل والتمحيص والتعرض لإيجابيات التجربة، وسلبياتها، وهو ما نعد به في المستقبل القريب، لكن شيئاً من هذا لا يحول دون الثناء على «المشروع» أو «الدراسة المطولة»، حسب وصف مسعود أمر الله آل علي، المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، كونه خطوة مهمة في ما يتعلق بالتأريخ للسينما العربية، وتثمين عظيم لمبدعيها الذين حفروا بكاميراتهم في الصخر، وامتلكوا إرادة التحدي، في ظل إمكانات فقيرة، وظروف اقتصادية صعبة، والنظرة الرجعية التي سادت عالمنا العربي في فترة ما، ونجحوا في قيادة قطار تغيير الواقع، وتهذيب الوجدان، وكان من الواجب إنصافهم، بعدما جعلوا من «الشغف بالسينما» طقساً محترماً، ومن «حب الأطياف» فضيلة مقدسة!