نضحك أم نبكي على الخيبة؟
هل هي "جناسي" أم أكياس "قرقيعان" رمضانية وُزِّعت على أطفال في منتصف الشهر الكريم... التعليق هنا يخص تصريح النائب صالح عاشور عن قيام الحكومة بتجنيس 200 ألف مواطن منذ التحرير، والذي تصدَّر "مانشيتات" صحيفتي القبس والوطن أمس، هل مثل هذا الرقم المخيف (أو ما يقاربه) صحيح أم أنه من وحي خيالات وأوهام النائب؟! وأين نحن اليوم، هل نستظل بطمأنينة ويقين أكيدين تحت غطاء راسخ لدولة تحتكم إلى سيادة القانون، أم أننا في جاخور أغنام يتاجر أربابه بقطعان الغنم كما يحلو لهم؟!تصريح خطير، يفترض أن يُحاسَب عليه سياسياً كل المسؤولين السابقين والحاليين، في ما لو صحت معلوماته، دون أن ننسى المساءلة القانونية، هذا إذا كان لدينا قانون ومؤسسات!
ما مناسبة مثل هذا التصريح الفضيحة؟ وإلامَ يرمي من ورائه النائب عاشور؟ ربما وُفِّق في تصريحه، عند أصحاب القرار، إذا كان يقصد أن "يبرد" للسلطة، ويسوِّغ ما يجري الآن في "شو" حفلات سحب "الجناسي" من معارضيها، وكأنه يقول إن آلاف الجناسي مُنِحت لمن ليس له حق فيها، وهذا ليس بأمر جديد في الثقافة السياسية، وما يتم هذه الأيام من عمليات السحب هو "تصحيح" لوضع قديم منحرف، كانت الحكومات السابقة ووزراء الداخلية المتعاقبون تسببوا فيه، والآن يتم تعديل المعوج، بسحب "الجناسي" من مواطنين اغتصبوها على خلاف القانون، لذلك يطلب (عاشور) الصمت وغلق الأفواه من جميع المعترضين على أفعال السلطة، حين تسحب جناسي البعض، أم يريد النائب، "القريب" من مؤسسة الحكم، أن يضع الأمور في نصابها الصحيح، وبالفعل يريد كشف حقائق مؤلمة كي تتم محاسبة مَن تسبب في تلك الجريمة، ويصعب عليّ أن أبتلع مثل تلك "النخوة" المفاجئة لحكم القانون من حضرة النائب، ويا ليتني على خطأ في تقديري.مهما كانت مرامي النائب، فسنجد أنفسنا مفجوعين بما حدث ويحدث، فإذا صحت معلومات النائب، فهذه جريمة كبرى تضرب خاصرة "المصالح العليا" للدولة، كما تتكرر تلك العبارة، دون كلل، في الخطاب السلطوي حين يبطش أصحابه بحريات الناس وحقوقهم تحت أي ذريعة يجدونها في نصوص قانون يتوسع ويضيق في تفسيره كما يريد فقهاء السلطة، وإن لم تكن تلك المعلومات صحيحة، بل كانت مختلقة، أو مبالغاً فيها، فهذه مسؤولية النائب وناخبيه.ما مشاعر آلاف "البدون" من المنسيين والمستحقين للجنسية وهم يطالعون مثل هذا الخبر عن الاتجار الحقيقي أو الوهمي بوثائق الانتماء إلى الوطن؟ وكيف لنا أن نطمئن إلى مستقبلنا ومصير أبنائنا، في ظل هذا الفكر السائد في الدولة.