يتحدث العميل المزدوج "رمزي" في هذه الحلقة السادسة الأخيرة، عن الصفقة التي قام بها بين حركة "طالبان" والحكومة الأسترالية والتي تضمنت تعهداً بأن الجماعات الجهادية في أفغانستان لن تستهدف أولمبياد سيدني وفي الوقت نفسه تتم دعوتها إلى الحضور في إطار سعي حركة الملا عمر إلى الحصول على اعتراف دولي بها. ويروي "رمزي" أيضاً قصة المزاعم التي روّج لها "القاعدة" عن شرائه ثلاث قنابل نووية بهدف إيجاد توازن استراتيجي مع الولايات المتحدة. ويؤكد أنه غير نادم على تجسسه على "القاعدة" رغم عهد المبايعة الذي أداه لزعيمه أسامة بن لادن، قائلاً إنه لا يمكن أن يقبل أن يحتكر قرابة 400 شخص هم عديد أفراد "القاعدة" في أفغانستان، قرار أمة إسلامية تبلغ ملياراً ونصف المليار نسمة.

Ad

«الريشات الأربع»

• بحكم عملك كمراسل "القاعدة" الدولي هل عملت مع "أبو قتادة"؟

- أعرف "أبو قتادة" جيداً، إذ قابلته مرات عدة عندما كنت أنقل له رسائل من أفغانستان. قابلته أول مرة في منزله في منطقة ويمبلي في لندن، وكان دائم السؤال عن أخبار "طالبان" والقادة الذين يعرفهم، وكنت أزوده بالمعلومات التي يسأل عنها، وكان يرافقه دائماً رفيق دربه أبوالوليد الفلسطيني الذي كان بمنزلة نائبه. وأعتقد أن أبو الوليد موجود الآن في منطقة القبائل الباكستانية، ويكتب بين الحين والآخر لمجلات "القاعدة". مسجد أبو قتادة كان عبارة عن قاعة في نادي في منطقة مارلبون اسمه "فور فذرز كلوب" أو بالعربي نادي "الريشات الأربع". النادي شبه مملوك لبلدية مارلبون، وكان أبو قتادة يستأجره كل جمعة لمدة ساعتين ونصف للصلاة. المسؤولة عن النادي كانت ترفض طلبات الأجهزة الأمنية عدم السماح له بالحديث هناك، وكانت تصر على حرية الرأي. كنت دائم الزيارة لأبو قتادة وأبو الوليد وكان يحيط بهما مجموعة من الشباب أبرزهم شاكر عامر وهو سعودي يحمل الإقامة البريطانية الدائمة، ومعتقل في غوانتانامو منذ أكثر من 12 عاماً. وكانت خطبة أبو قتادة مكان تجمع أسبوعي للجزائريين من كل أوروبا، من شتوتغارت في ألمانيا ومن ميلانو في إيطاليا، ومن بلجيكا، ومن أمستردام وباريس. شبكته كانت شبكة عالمية، بل إنه في 1994 بعد أن حصل على جواز السفر الأزرق لأنه كان لاجئاً في ذلك الوقت، سافر إلى أستراليا وأقام علاقة مع شبكة من الأصوليين، وهذا غير معروف في الإعلام.

• هل أنت متأكد من هذه المعلومات؟

- نعم، الكل في التنظيم يعرفها ولكن لم تنشر من قبل. أستطيع أن أؤكد لك أن أبو قتادة أقام علاقة مع شبكة من الأصوليين في سيدني وبالذات في منطقة لاكيمبا. المسجد هناك كغيره من مساجد أستراليا في ذلك الوقت كان عبارة عن شقة مستأجرة وليس مسجداً رسمياً، وكان أيضاً مسجد "كوبيرج" في حي كوبيرج في ملبورن. في 1994 شكّل أبو قتادة هذه الشبكة وتوسعت، وفي 2005 قبضوا على حوالي 14 مشتبهاً بهم كانوا يخططون لحوالي 13 عملية استشهادية في أستراليا. هذه المجموعات درست المفاعل النووي الأسترالي لمهاجمته لكن الأستراليين كانوا متيقظين لتلك الخلايا منذ عام 1998.

الشبكة الأسترالية

• هل زرت أستراليا مع الجهاز الذي شغلك؟

- نعم، في عام 2000 من أجل تأمين الأولمبياد، وزرت هذه المساجد كلها وأعرفها.

• هل زرتها كعضو في "القاعدة" أم كجاسوس عليها؟

- زرتها بالصفتين، وبحجة أن أفراداً من عائلتي يرغبون في الاستثمار في العقارات الأسترالية قبل الأولمبياد. أنا عقدت صفقة بين حركة "طالبان" والحكومة الأسترالية لتأمين الألعاب الأولمبية وعدم الاعتداء عليها من الحركات الجهادية. قلت لأبو قتادة إن لديّ أعضاء من العائلة يريدون الاستثمار في العقارات الأسترالية، فهل تعرف أي شخص هناك يمكن أن يساعد؟ قال لي: نعم أعرف، وعرّفني إلى مجموعته هناك. هو مكث هناك شهراً كاملاً في 1994 وعقد خلال زيارته ما يقرب من 60 درساً، أي بمعدل درسين في اليوم. وغالبية أعضاء شبكته الأسترالية من الشباب اللبنانيين السنّة المهاجرين.

الذي حصل هو أنه في عام 2000 طلب مني جهاز الاستخبارات الغربي الذي كنت أعمل معه، المساعدة في تأمين أولمبياد أستراليا عن طريق جمع المعلومات، ومعرفة ما إذا كان هناك أي نية للتنظيمات الإسلامية لمهاجمة الأولمبياد، ما يعني تكراراً لعملية ميونيخ عام 1972. كان السفر إلى لبنان وباكستان وأفغانستان قبل الذهاب إلى أستراليا، جزءاً من مهمتي وكان مطلوباً مني مقابلة أبو قتادة، وبالفعل بعد اختلاقي قصة حول زيارتي أستراليا قام أبو قتادة بترتيب لقاءات لي هناك مع الخلايا التي أسسها خلال زيارته لها في عام 1994. وخلال زياراتي لبنان، خصوصاً مخيم عين الحلوة وطرابلس، وباكستان لم أجد أي اهتمام من التنظيمات الإسلامية بمهاجمة الأولمبياد.

بعد وصولي إلى أفغانستان دعاني أحد الشباب لزيارة والي ننغرهار في جلال آباد، وفي مكتب الوالي قابلت هناك وزير الرياضة وشؤون الشباب في حكومة "طالبان". وبعد أن ذكرت له أنني سأقوم بزيارة أستراليا قريباً لزيارة الأقارب، أبدى رغبته بأن يزور هو أستراليا للمشاركة في الأولمبياد، قال لي إن "طالبان" قدمت طلباً للجنة الأولمبية العالمية لتمثيل أفغانستان في الأولمبياد، ولكن بحكم أن مقعد الأمم المتحدة ما زال يمثله التحالف الشمالي بقيادة برهاني ومسعود تم توجيه الدعوة له، على رغم أنه لا يسيطر إلا على خمسة في المئة من أراضي أفغانستان، بينما تسيطر "طالبان" على حوالي تسعين في المئة. وقال لي كان الأجدر بهم توجيه الدعوة إلى "طالبان" وليس للتحالف الشمالي، ولكن للأسف لم توجه لها الدعوة. وقال الوزير الطالباني: "كنا نتمنى المشاركة لتسجيل حضور واعتراف من المجتمع الدولي". في تلك اللحظة خطرت لي فكرة اعتبرتها مجنونة إلى حد ما ولم أتوقع أن يكون لها أي تأثير.

ضمانة الملا عمر

• ما هي هذه الفكرة؟

- قلت له إن لي قريباً في أستراليا من أصل لبناني في اللجنة الأولمبية الأسترالية، أستطيع التحدث إليه وأستطلع إلى أي مدى يمكن الوصول إلى صيغة تفاهم في هذا الشأن. ولكن أريد منك خدمة وهي أن الأستراليين مرعوبون من إمكانية استخدام الحركات الجهادية الـ13 الموجودة في أفغانستان بلادكم كمنطلق للهجوم على الأولمبياد. فقال: "نحن لن نسمح مطلقاً بأن تقوم هذه الحركات بالاعتداء والهجوم على الأولمبياد انطلاقاً من أفغانستان". فقلت له هل أبلغتم الأستراليين بهذا الموضوع؟ فقال لا، لأنه لا توجد اتصالات بيننا وبين الأستراليين. قلت له هل ممكن أن تُحضر تعهداً من الحركات الجهادية في أفغانستان بأن لا تهاجم الأولمبياد في أستراليا؟ قال لي سأرد عليك خلال أسبوع، وفي أقل من أسبوع جاءني مندوب من الملا وكيل متوكل وزير خارجية "طالبان" يخبرني فيها بأن الملا عمر تحدث مع أسامة بن لادن وجميع الحركات والمنظمات الجهادية وأخبرهم بأن الأولمبياد "لن يهاجم ولن يهاجمه أحد من أي طرف في أفغانستان، أو أي طرف حليف لهم من خارج أفغانستان". وقال لي إن الملا عمر تحدث مع الجميع وقال لهم: "إن الأولمبياد خط أحمر لا نريد من أي تنظيم أن يعتدي عليه، لأننا نريد أن نتفاهم مع الحكومة الأسترالية". وطلب مني إبلاغ الحكومة الأسترالية بأن "طالبان" على استعداد للتفاهم معها. بدوري وعدته بأن أفعل ولكن بشرط عدم إخبار أحد بهويتي وبشخصيتي.

في الخامس عشر من أغسطس من عام 2000 وصلت إلى مطار سيدني، وكان في انتظاري فريق عمل مشترك من الاستخبارات الأسترالية واستخبارات الدولة الغربية التي كنت أعمل معها. في اجتماعي معه أخبرته بمبادرتي الفردية والصفقة التي طرحتها على حركة "طالبان"، أعجبته الفكرة كثيراً وفرح بها، وقال لم نكن نتوقع هذه المبادرة، وقال على سبيل المزاح: "الآن أنت قمت بالمهمة على أكمل وجه، وأمنت الأولمبياد يمكنك العودة إلى الدولة التي قدمت منها". رفضت وأصررت على قضاء فترة السبعة أسابيع المحددة في مهمتي. أخبرته (الفريق) بأن هذا تعهد كامل من الملا عمر وجميع الحركات الجهادية ملتزمة، فقال وماذا يضمن لنا هذا التعهد؟ قلت توجيه دعوة إلى وزير الرياضة في حركة "طالبان" لحضور الأولمبياد على رأس وفد صغير من حركة "طالبان" للمشاركة في الأولمبياد كوفد مراقب، وهذا الوفد سيؤكد لكم هذا التعهد فور وصوله إلى استراليا لتأكيد لكلامي. بعدها بحوالي 48 ساعة نشرت الصحافة الأسترالية خبراً مفاده أن أستراليا وجهت دعوة إلى "طالبان" للمشاركة في الأولمبياد وإرسال وفد بصفة مراقبين. وبالفعل جاء الوزير وثلاثة أشخاص من وزارته، وكان سعيداً جداً بهذه المشاركة وحملوا أعلام "طالبان" وأخبر الوزير الأفغاني الحكومة الأسترالية بأن الرسالة التي أبلغتها إياها صحيحة وأن الملا عمر هو ضامن هذا الاتفاق. كانت "طالبان" تعتقد أن المشاركة في أولمبياد أستراليا خطوة أولى للحصول على مقعد في الأمم المتحدة ولو بصفة مراقب.

سرقات رهيبة

• بالعودة إلى نشاط أبو قتادة تقول إن الأموال التي يجمعها مناصروه في بريطانيا كانت حصيلة سرقات أو "غنائم". لكن "طالبان" كانت تقوم بشيء شبيه: تبيع مخدرات لتمويل نشاطها.

- قصة "طالبان" تختلف، لأنها كانت تنتج وتبيع في بلدها وعلى أرضها وفي النهاية أوقفت التجارة كلياً عام 2001. ولكن بريطانيا ليست بلدها وهي تبرر تزوير الجوازات والسرقة من البنوك ومن المطاعم ومن شركات الهواتف. كانت سرقات بمبالغ رهيبة، والأسوأ من ذلك أن تلك الجماعات كانت تعتبر لندن دار حرب.

• هل ساهمت بكشف هذه الجوازات؟

- كان الجهاز الذي أتعاون معه على اطلاع بتلك الجوازات المزورة وكان يكشفها واحداً وراء واحد. وفي الحقيقة الجهاز قد يكون سرّب بعض الجوازات لهم لتعقبهم في سفرياتهم. أبو قتادة كان لديه جوازات سفر جنوب إفريقية جاهزة للتعبئة وأنا رأيتها بنفسي. التزوير كان وراء ابتكار جوازات السفر ذات الشريحة التي تحتوي على المعلومات الحيوية.

قنابل نووية

• ما هي قصة القنابل النووية الثلاث التي يُزعم أن "القاعدة" اشتراها من المافيا الدولية؟

- نعم قصة حقيقية، كان هناك إجماع في أوساط شباب المعسكرات على أن "القاعدة" حصل على 3 رؤوس نووية اشتراها من المافيا الروسية بقيمة عشرة ملايين دولار للرأس الواحد، تُضاف إليها خمسة ملايين دولار كلفة التهريب والتوصيل ليصل المجموع إلى خمسة وثلاثين مليون دولار، وأن هذه القنابل موجودة في أفغانستان. أبو عبدالعزيز الخبير الكيماوي في "القاعدة" وأبو خباب اجتمعا بضباط من الاستخبارات الباكستانية، لأنها سمعت عن هذه القنابل الثلاث. في عام 1997 راج أن هذه القنابل سُلمت إلى أفغانستان. أبو خباب قال لي آنذاك إنه يجب على "القاعدة" الاستعانة بخبير نووي باكستاني للتأكد من أن هذه القنابل نووية فعلاً.

• وهل جاء ذلك الخبير؟

- قيل لنا إن خبيراً نووياً باكستانياً جاء مع أجهزة وفحص تلك القنابل وأكد أنها رؤوس حربية نووية من صواريخ "إس إس 4". في عام 1999، سألت أبو خباب هل صحيح أن هناك قنابل نووية وصلت إلى التنظيم؟ فقال لي: "سمعت ذلك وأن قيمة الصفقة بلغت خمسة وثلاثين مليون دولار وأن أيمن الظواهري هو من أجرى الصفقة من طريق المافيا الشيشانية- الروسية التي توطدت علاقاته بها بعد خروجه من السجون في داغستان.

•  وهل رأيت القنابل النووية بعينك؟

- لا.

•  هل رآها أبو خباب بنفسه؟

- أنا سألته هذا السؤال، وقال لي لا لم أرها، ولكنه أكد لي أن مصادره الخاصة أكدت له أن أيمن الظواهري هو من أجرى هذه الصفقة. عند ذلك سألته، يعني ذلك أننا نملك الآن قنبلة نووية؟ فرد: "جابوها". ولكن حتى لو رغب "القاعدة" في تفجير هذه القنابل فلن تنفجر. لو تم وضع قنبلة تقليدية بالقرب من القنبلة النووية لتفجيرها فلن تنفجر القنبلة النووية، وكل ما سيحصل هو تدمير القنبلة النووية من دون تفجيرها وسيحدث فقط تسرب إشعاعي لأن الصاعق النووي لديه عنصر يسمى "ضمانة عدم الفشل". القنبلة النووية تفجر بصاعق نووي فقط وهذا الصاعق مبرمج للعمل في منطقة الضغط الجوي على ارتفاع عشرة آلاف قدم، وحين يتم إلقاء القنبلة النووية يبدأ الصاعق بالعمل على ارتفاع عشرة آلاف قدم، وتنفجر القنبلة على ارتفاع ألف قدم من سطح الأرض. وبناء على كلام

أبوخباب "لتفجير القنبلة أرضياً- وهو مستحيل- يجب أن تخدع الصاعق وتوهمه بأنه على ارتفاع 1000 قدم لينفجر". وسألته هل لديك هذه التكنولوجيا لعمل ذلك؟ قال لي: "تعال بعد عشرين سنة سأقول لك". سألته مرة ثانية يعني أنه لا يوجد إمكانية لتفجير هذه القنابل أرضياً؟ قال لي "لا، لا يوجد". خلاصة القول إن "القاعدة" روّج لامتلاكه ثلاث قنابل لكنه كان مثل من يملك ثلاث سيارات رولزرويس من دون بطاريات لتشغيلها، ولا يوجد إمكانية لإيجاد هذه البطاريات.

• من أشرف على عملية الشراء ونفذها؟

- أبو عبدالعزيز المغربي هو المسؤول عن هذا الملف وتحت إشراف بن لادن والظواهري.

• وأين هذه القنابل الآن؟

- يتداول مقاتلو "القاعدة" أنها هُربت إلى واشنطن ونيويورك وسياتل. ذلك سهل، فحجم القنبلة النووية بحجم الثلاجة الصغيرة.

• ماذا كان يريد "القاعدة" من الحصول على هذا السلاح؟

- كان يفكر بالحصول على السلاح النووي كضمانة لوضع حد لأميركا، فإذا تجاوز الأميركيون الحدود وضربوا بلداً مسلماً بقنبلة نووية سيرد "القاعدة" بضرب أميركا بقنبلة نووية. أبو خباب هو من أخبرني بذلك، قائلاً: "إن الهدف كان استخدامها كسلاح ردع استراتيجي ضد أميركا".

تحذيرات استخباراتية

• وماذا عن الأسلحة الجرثومية؟

- برنامج الأسلحة الجرثومية لـ"القاعدة" أسطورة لأنه فقط على الورق. لم يستطع الخبراء في "القاعدة" إنتاج أي شيء من الأسلحة الجرثومية سواء الإنتراكس أو البوتولوزم أو الحصبة، لأنها تحتاج إلى مختبرات عالية التقنية وهم يفتقدونها، وكانوا خائفين من عدم القدرة على التحكم بتلك الأسلحة. في أحد الكهوف في الجزائر تم اكتشاف 48 جثة لأعضاء من تنظيم "القاعدة" مصابين بمرض الطاعون، سبب وفاتهم أنهم كانوا يصنعون سلاحاً جرثومياً فماتوا خلال عملية التصنيع. وأبو خباب كان يقول خلال عملية التدريب: "إننا لن نصنع أي سلاح جرثومي، لصعوبة التحكم به"، وكان يقول: "إننا نتعلم النظريات، ولكن عملياً لن نستطيع تطبيقها". ودينياً كان أبو خباب يعتبر الأسلحة الجرثومية من الإفساد في الأرض وهلاك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد.

• ولكنه مستعد لصنع متفجرات وأسلحة كيماوية!

- كان يقول إن الأسلحة التقيلدية والكيماوية يسهل التحكم بها ووضعها في أهداف معينة مخطط لها، لكن الأسلحة الجرثومية عدوى تنتقل من شخص إلى آخر.

• هل استخدم "القاعدة" هذا النوع من السلاح؟

- نعم، "القاعدة" استخدم غاز الكلورين في العراق ثلاث مرات تحت إشراف الزرقاوي وأبو حمزة المهاجر، وتم التوقف بعد ذلك. جاءت التحذيرات من أجهزة الاستخبارات الغربية من خلال طرق سرية تحذر من استخدام سلاح شامل لأنها بدورها- أي الأجهزة الغربية- لم تستخدم هذا النوع من الأسلحة ضده.

• هل هذا نوع من الاتفاق ما بين الأجهزة الاستخباراتية الغربية و"القاعدة" على تحديد نوعية أسلحة الاشتباك؟

- نعم، هو نوع من الرسائل المتبادلة والاتفاق الضمني.

• كيف كانت تتم تلك المراسلات؟

- (يضحك).

• أنت... أليس كذلك؟

- ... هناك طرق للتوصيل.

 •  هل تخاف الموت؟

- لم أخف خلال وجودي في "القاعدة" ولم أخف من العمل الاستخباراتي فهل أخاف الآن؟ الأقدار بيد الله، والرسول يقول مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ. لا الشجاعة تنقص العمر، ولا الجبن يزيد العمر. وهناك فتوى صدرت بقتلي بعد أن كُشف أمري.

• كيف كشف تجسسك على "القاعدة"؟

- أحد الكتّاب الأميركيين كتب عني وعن بعض العمليات التي شاركت فيها، تردد اسمي في العمليات أدى إلى كشفي.

جنون وتلفيق وجهل

خلال عملي كمراسل لـ"القاعدة"، عملت في شكل مباشر مع أبوحمزة وعقدت أكثر من اجتماع معه. وفي بداية حرب كوسوفو كان أبو حمزة يرغب في تشكيل مجموعات جهادية وإرسالها إلى هناك ليتزعمها هو على غرار مجموعة البوسنة. وقال لي إن هناك هيئات إغاثية إسلامية في كوسوفو ستكون هدفنا الأول وعلينا السيطرة عليها وعلى ممتلكاتها. حديثه فاجأني وسألته لماذا تريد فعل ذلك؟ فقال مستشهداً بحديث ملفّق لشيخ الإسلام ابن تيمية يقول فيه إن الجهاد أولوية، بالتالي يجب الإنفاق على الجهاد حتى لو كان هناك جياع وفقراء وأيتام. وهذا حديث ملفق لابن تيمية. لكن أبو حمزة كان يرى أنه من المهم السيطرة على الهيئات الإغاثية ودعم المجاهدين، وقال إنه يجوز قتل مسؤولي تلك المؤسسات إذا قاوموا، لأنه كان يعتقد أن الغالبية العظمى من موظفي تلك المؤسسات جواسيس. نقلت كلامه إلى أفغانستان، ووصفه أيمن الظواهري في ذلك الوقت بالجنون والتخلف. وأتذكر قول أيمن الظواهري بلهجته المصرية "الله دا إنسان مجنون وجاهل"... أما عن رواية فقدان أبو حمزة يدَه خلال تفكيكه الألغام، فهذا كلام عار من الصحة، أبو حمزة فقد يده بسبب عدم التزامه بتعليمات أبو خباب خلال عملية التدريب على المتفجرات. المشكلة أن هذا الرجل كان يعتقد أنه يملك معرفة بكل شيء وهذا كان سبب فشله.

السيد «غنيمة ياكفار»

كانت هناك حالة صراع ومنافسة كبيرة بين أبو قتادة و"أبو حمزة" على استقطاب جنسيات معينة من شمال إفريقيا، لا سيما الشباب الجزائريين المختصين بالتزوير. فالفئة التي كانت تحيط بالرجلين من الجزائريين كانت من الخبراء في تزوير بطاقات الائتمان. فعندما تريد أن تشتري جهاز حاسوب سيبيعه لك هؤلاء الشباب بنصف السعر بعد شرائه ببطاقة ائتمان مزورة. كانوا أحياناً يبتاعون مطابخ كاملة ويبيعونها بنصف السعر. كانوا يملكون مجموعة من الجوازات الفرنسية المزورة وكانت فارغة من دون أسماء، وأحد قادة "القاعدة" في لندن كان بحوزته عبر وسيط مختص بالوثائق المزورة أكثر من 50 جواز سفر جنوب إفريقي أصلياً، طبعاً هذا غير الجوازات الإيطالية والفرنسية المزورة. أحد شباب "القاعدة" في أوروبا فتح حساباً مصرفياً عبر جواز سفر فرنسي ملأه هو بالمعلومات، وقام على مدار فترة طويلة بإيداع وسحب وتسديد فواتير، ففتحوا له خط اعتماد وبطاقة ائتمان. قام بشراء هواتف نقالة عدة بالعقود، وأخذ قرضاً وسدده، وعلى مدى سنة كاملة جعل الحساب نظيفاً، بعد ذلك ضرب ضربته الكبرى ونصب على البنك بحوالي 60 ألف جنيه استرليني من خلال قروض وفواتير وبطاقات الائتمان والتليفونات، وحين اختفى عن الأنظار بدأوا يبحثون عنه، وبعد مراجعة الأوراق والمستندات التي قدمها وجدوا أن اسمه الأول الذي عبأه في جواز السفر الفرنسي المزور هو "غنيمة" أما الاسم الثاني أي عائلته فكانت "ياكفار". فكان البحث عن السيد "غنيمة ياكفار".