اجعلوها سرية... إنها فتنة نيابية!
صموا آذانهم عن كل النداءات التي طالبتهم بعدم الانجرار إلى من يريد صبغ المشهد الكويتي بنزاع طائفي في الساحة البرلمانية، وتقدم النائبان عبدالله التميمي وفيصل الدويسان باستجوابهما الذي أعده الأول وأيده ووقع عليه الثاني، على خلفية الفعل المدان والمستنكر الذي استهدف مواقع ذكرى عاشوراء في منطقة الرميثية، وهو الفعل الذي يستطيع أي غر أن يفهم ما وراءه فيما يخص توقيته واستهدافاته، في ظل الظروف السياسية الحالية والمتوقعة في الجلسة القادمة من استجوابات مقدمة إلى رئيس الحكومة وعدد من وزرائه. كنا نعتقد أن حكماء وعقلاء إخواننا الشيعة الذين التقطوا على الفور أسباب ومقاصد ما حدث صباح الجمعة الماضي من جرافات البلدية، وامتنعوا عن المشاركة في تهييج الشارع الشيعي وانخراطه في اللعبة الخبيثة التي تستخدم مكونات المجتمع في المناورات والمواجهات السياسية، كنا نعتقد أن هؤلاء قادرون على لجم مضاعفاته ونزع فتيل من أعد القنبلة الطائفية، ولكن للأسف فإن النائبين التميمي والدويسان صمما على جر المؤسسة البرلمانية إلى ما يريده البعض من المتآمرين على البلد من هيجان طائفي يطغى على تفاعلات سياسية معينة في ظل توتر مذهبي كبير يمزق المنطقة في العراق وسورية ولبنان، ولا يردع هؤلاء عن ذلك أي وازع وطني أو حتى الخوف على ما سيقع على أهلهم وأسرهم لو امتدت -لا سمح الله- تداعيات ما يحدث في المنطقة إلى الكويت.
لا أعلم ما الذي يريده التميمي والدويسان من هذا الاستجواب بعد بيان مجلس الوزراء الذي يتضمن اعتذاراً وتعهداً بعدم تكرار الأمر. هل يريدان أن يحملا الوزير المعني سالم الأذينة المسؤولية السياسية وطرح الثقة فيه؟ لا أعتقد أن النائبين المحترمين بخبرتهما البرلمانية والسياسية لا يعلمان أن استجواباً من نائبين من مذهب معين وبموضوع طائفي لن يؤدي إلى طرح الثقة في الأذينة، بل على العكس سيؤدي ذلك إلى اصطفاف طائفي قبلي إلى جانب الوزير سيقويه ويجعله يمر من تلك المساءلة منتصراً، وكل ما سيحدث فعلياً أن منبر مجلس الأمة سيتحول إلى صراع وصراخ طائفي متبادل، أما فيما يخص إدانة الوزير فإن وسائل الإعلام المرئي والمقروء مفتوحة لعرض الوثائق والمعلومات التي بحوزتهما وتدين الوزير دون أن نحول البرلمان في هذه الظروف الحساسة إلى ساحة صراع طائفي سيتفرع عنه اصطفافات قبلية وفئوية. فهل هناك من يستطيع أن يقنع النائبين بسحب استجوابهما حتى لا تتحول قاعة البرلمان إلى حلبة طائفية، أو على الأقل القبول بسرية استجواب التميمي والدويسان حتى نقلل الأضرار ولا تكون فتنة برلمانية بمضاعفات وطنية مؤذية. المواءمة السياسية والفطنة والحكمة في البلد ولدى سياسيينا أصبحت غائبة، لدرجة أن الكثيرين يعتقدون أن ما يحدث مقصود ومخطط له في توقيته ومضامينه من أجل إغراق الكويت في مستنقع صراع ومواجهات ستفتت البلد حتى يحصل مدبر هذه المصائب التي تحل بالبلد على مبتغاه ويفر بغنائمه دون مساءلة أو حساب، وإلا فما معنى اللعب على وتر المذهب والقبيلة وتكريسه في البلد، وتوزيع المناصب والمميزات على أساس انتماءات فئوية مختلفة تبين كل تجارب الأمم أنها دمرت الدول التي مارستها؟ فمن يريد أن يدمر هذا البلد لا يردعه عن ذلك أي ضمير، سواء كان سنياً أو شيعياً، حضريا أو قبليا؟!