كشف تقرير حكومي أعده المجلس الأعلى للتخطيط عن الواقع المعيشي للاسرة الكويتية انه بناء على النتائج النهائية لمسح الدخل والانفاق الاسري بالاضافة إلى المتغيرات التي طرأت والمتمثلة في قيام الدولة بزيادات سخية شملت كل مصادر الدخل للمواطنين. وساهمت في نمو الدخل الاسري بمعدلات عالية لم تشهدها أي دولة على الصعيد الاقليمي والعالمي، بلغ متوسط دخل الاسرة الكويتية 3040 د.ك في الشهر، ومتوسط دخل الأسرة غير الكويتية 883.5 د.ك، في حين بلغ الحد الادنى للاسرة الكويتية الذي تعد من لا تحصل عليه من الاسر ذات الدخل المحدود مبلغ 1286 د.ك في الشهر، وعلى هذا الاساس فإن نحو %10.5 من الاسر الكويتية تقع تحت خط الدخل الادنى أي 1300 أسرة من اصل 127331 اسرة كويتية في بداية عام المسح، وهذا العدد اقل بكثير من اجمالي عدد الاسر التي تحصل على مساعدات اجتماعية قدمتها الدولة إلى 29455 اسرة كويتية حتى عام 2010.

Ad

دعم الخدمات

وقال التقرير ان هناك اوجه دعم ومساعدات اجتماعية متعددة تقدمها الدولة، وتمثل مصادر دخل حقيقية للمواطنين، من اهمها الدعم السلعي والخدمي للعديد من الخدمات كالكهرباء والماء والوقود والاتصالات، لكن من جهة اخرى واستنادا لبيانات المؤشرات الكلية، نستنتج ان متوسط نصيب الفرد من الناتج الاجمالي يعادل 38.7 ألف دولار للفترة ذاتها، ولمقارنة ذلك بالمعايير الدولية نلاحظ ان هذا المؤشر يمثل اكثر من خمسة امثال المتوسط العالمي.

وفيما يتعلق بمتوسط الانفاق للاسرة الكويتية فقد بلغ نحو 1835.5 د.ك في الشهر، في حين بلغ الحد الادنى للانفاق الاستهلاكي للاسرة الكويتية، الذي تعد من لا تحصل عليه من الاسر ذات الإنفاق الإستهلاكي المحدود، 793.7 د.ك في الشهر.

 

ارتفاع مديونية الأسرة

وكشف التقرير عن ارتفاع مديونيات الاسرة الكويتية، قائلا: "لا شك في ان مظاهر الشعور بالاقصاء الاجتماعي وتنامي النزعة الاستهلاكية لدى شريحة كبيرة من المواطنين ترتب عليه ارتفاع في مديونية الكثير من الاسر الكويتية حيث ارتفع حجم القروض الاستهلاكية والمقسطة خلال السنوات الماضية، وبلغ عدد المواطنين المقترضين نحو 317 الفا، الامر الذي ساهم في تنامي ازمة الديون الاستهلاكية في المجتمع الكويتي، ما حدا بالحكومة الى تأييدها للمساعدة في حل هذه الازمة".

وتحدث عن ضياع فرص الاستثمار البشري، لافتا الى ان زيادة معدلات الدخل للمواطنين من خلال المدفوعات التحويلية المالية والعينية كتوفير الرواتب والكوادر المالية المجزية والمساعدات والاعانات المالية وجميع جوانب الرعاية الاجتماعية من سكن وصحة وتعليم والدعم السلعي والخدمي من الدولة للمواطنين بأسعار تكاد تكون شبه مجانية ادت الى تقليل حوافز العمل المنتج لدى المواطنين، والاستمرار فيه الى نهاية العمر الانتاجي للفرد، مع الاعتماد على العمالة الوافدة في ادارة الكثير من الامور، ومن ثم عزوف المواطنين عن الانخراط في العمل المنتج في القطاع الخاص والتراكم في القطاع الحكومي الذي بات يحتض 90% من قوة العمل الوطنية.

الترف الاجتماعي

وحول سيادة النمط الاستهلاكي قال التقرير انه مع تراكم تحويل الثروة لدى المواطنين (من خلال سياسة التثمين والدعم) وارتفاع مستوى المعيشة ساد في المجتمع الكويتي النمط الاستهلاكي، وبرزت مظاهر الترف الاجتماعي بين المواطنين، وتغلغت هذه القيم لدى الأجيال الجديدة وعلى المستويات الاقتصادية المختلفة في الاسرة الكويتية بفعل أثر المحاكاة ما ادى الى ارتفاع مستويات الاستهلاك على المستوى الخاص والنهائي، ومن ثم الطلب المتزايد على المتطلبات السلعية والخدمات لمقابلة احتياجات المواطنين.

تحسين المستوى المعيشي

وبشأن تهيئة المناخ اللازم لتفعيل عملية النمو، أوضح التقرير أن عملية تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وخاصة من ذوي الدخل المحدود تتطلب أن تتواصل جهود الدولة الاقتصادية بوتيرة مستمرة لتفعيل عملية النمو ومعالجة الاختلال في الموازنة وايجاد مصادر بديلة للدخل، اضافة الى معالجة الاوضاع الفنية والادارية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وفقا لمعايير تضمن اداءها لرسالتها التنموية وترشيد سبل الانتفاع من انشطتها وخدماتها الاجتماعية والعمل نحو وضع سياسة وطنية فعالة لشبكة الامان الاجتماعي وحماية استثماراتها وتحقيق القبول الاجتماعي لها.

 وشدد على أهمية مقابلة الاحتياجات الاجتماعية المتجددة للمواطنين، حيث اشار الى انها تتطلب عملية استدامة مكاسب التنمية البشرية والحفاظ على مستوى عال من الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين العمل على رفع مستويات المعيشة وتحسين القدرة الشرائية، وان تتفوق معدات الانتاج والموارد المالية مع النمو المطرد في زيادة السكن التي تتطلب انتهاج سياسات اقتصادية قادرة على توسيع الخيارات امام شرائح اوسع من المواطنين، وخاصة من ذوي الدخل المحدود وإلا تنعكس الزيادة السكانية بجوانب سلبية تعمل على خفض مستوى معيشة المواطنين ورفاهيتهم الاجتماعية.

الاستهلاك الجائر

وأكد التقرير ضرورة محاربة الظواهر السلبية الاجتماعية، وهي مسؤولية مجتمعية يشارك فيها اطراف عدة من اهم مظاهرها الاستهلاك الجائر والمحاكاة الاجتماعية وسهولة الحصول على التسهيلات المالية النقدية من المؤسسات المالية المصرفية ومنتجي الخدمات الاستثمارية، وان العمل يتطلب حماية المواطنين وتشجيع الادخار المحلي للافراد والمؤسسات واقرار الحوافز الضرورية لزيادة معدلاته، وتوفير المناخ الاقتصادي والاجتماعي المناسب لتوظيف المدخرات في مختلف الانشطة الاقتصادية، وتأسيس حملات اعلامية وطنية للتوعية والتثقيف الموجه للمواطنين حول المخاطر الاجتماعية للاستهلاك والاقتراض غير المرشد.

معالجة الاختلالات

وعن معالجة الاختلالات الاجتماعية الاقتصادية، قال التقرير "عادة ما يرتبط مؤشر الرفاهية الاجتماعية للمواطنين بالقدرة الشرائية للسلع والخدمات وبالقدر الذي يعمل على اشباع احتياجاتهم يجب ان يقابله قدرة على العمل وتوليد الانتاج في المجتمع، بحيث لا تتفوق قوى الاستهلاك على قوى الانتاج حتى لا يؤدي الى حدوث فجوة الاختلال"، مضيفا أن "المجتمع الكويتي حاليا يعاني بشكل واضح عدم القدرة على ضبط معدلات الاستهلاك على المستويين الحكومي والخاص لعدة عوامل، اضافة الى عدم القدرة على توليد الطاقات الانتاجية وبنائها لاختلال واضح في التركيبة السكانية ولضعف مشاركة قوى العمل الوطنية في القطاعات الانتاجية والخدمية في القطاع الخاص وتمركزها في القطاع الحكومي واعتمادها على التعويضات الحكومية كالرواتب والمعاشات والمساعدات المالية مما ارهق موازنة الدولة بشكل كبير واصبح مقلقا لعجز الموازنة الحكومية"، لافتا إلى أن "معالجة هذه الاختلالات ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية تنطلق من تبني رؤية وطنية تعمل على الاستثمار الحقيقي للموارد البشرية المواطنة".