لم يقدم سمو الرئيس استقالته حتى تسقط الحكومة، ولم يتقدم الوزراء بالاستقالة كمؤشر لقبولهم للبقاء في أي وزارة قادمة أو تركهم العمل السياسي، إنما تركوا هذا القرار للرئيس، وهذا دليل جامد على أن التعامل معهم لا يتعدى كونهم موظفين لا يعرفون مصيرهم السياسي!

Ad

على الرغم من الفتور في ترقّب الحكومة الجديدة، فإن الإعلان عن هذه الوزارة يمثل استحقاقاً سياسياً للمرحلة القادمة لا سيما بعد تحصين مجلس الأمة دستورياً، ومن ثم فإن العلاقة بين السلطتين سوف تحدد معالم هذه المرحلة أو جزء مهم منها. يعود سبب الفتور في ترقب الحكومة إلى الانطباع العام بأن التشكيلة الوزارية، وكالعادة، تخضع لنفس الضغوط من جماعات النفوذ السياسي إلى جانب الحيرة النابعة من ضرورة تطبيق المحاصصة لإرضاء مختلف المكونات الدينية والاجتماعية، ولن ترتقي كما هي الحال إلى مستوى حكومة سياسية ذات برنامج واضح وأهداف معلنة وإطار زمني لترجمة هذه الأهداف مثلما يحدث مع أغلب الحكومات الديمقراطية في العالم.

هذه هي طبيعة النظام السياسي الكويتي، فالحكومة وطريقة تشكيلها ونهجها الفكري والعملي لا تخضع إطلاقاً لتوجهات الرأي العام ولا استحقاقات المرحلة السياسية التي تحددها صناديق الاقتراع، كما لا توجد الكتل البرلمانية ذات الثقل العددي القائم على برنامج أولويات متفق عليها سلفاً أو حتى لاحقاً، ولذا لا يمكن التنبؤ بملامح أي وزارة جديدة أو أعضائها البارزين.

مما يدل على هذه الطريقة التقليدية والفردية في اختيار الحكومة الكويتية هو وضع الوزراء استقالاتهم في تصرّف رئيس مجلس الوزراء، فلم يقدم سمو الرئيس استقالته حتى تسقط الحكومة، ولم يتقدم الوزراء بالاستقالة كمؤشر لقبولهم للبقاء في أي وزارة قادمة أو تركهم العمل السياسي، إنما تركوا هذا القرار للرئيس، وهذا دليل جامد على أن التعامل معهم لا يتعدى كونهم موظفين لا يعرفون مصيرهم السياسي! وإذا كان هذا هو الواقع السياسي، فإن المسؤولية الكاملة تكمن في شخص رئيس مجلس الوزراء في تحديد الخطوط الرئيسة لخطة حكومته، واختياره للوزراء يجب أن يكون بمدى قدرة كل منهم على إنجاح الجانب المختص به في هذه الخطة، الأمر الذي يعني، أو يفترض، أن يكون الرئيس ملماً بالقدرات الفنية والإدارية للشخصيات المقترحة.

أما الوزراء وفق هذا المنظور فتكون مهمتهم صعبة للغاية، فهم منفذون لبرنامج غيرهم وإن لم يقتنعوا به، مع هامش بسيط من الاجتهادات الفردية في تنظيم شؤون الوزارة الخاصة به إدارياً، وهذا ما يوقع الكثير من وزرائنا في مستنقع القرارات الإدارية وتفاصيل المشاكل الروتينية لصغار الموظفين!

وطالما بقيت مثل هذه المنهجية في التشكيل الحكومي وهذا الدور المحدود للوزراء في ممارسة عملهم بعيداً عن مفهوم صناعة القرار الجماعي في رسم سياسة الدولة والإشراف على تنفيذها، فلم يعد مهماً انتظار مثل هذه التشكيلة تماماً مثل انتظار المولود، حيث لا فرق ولدا كان أم بنتاً، فكلاهما نعمة من الله!