من قال؟ وما قال؟!

نشر في 21-01-2014
آخر تحديث 21-01-2014 | 00:01
كلما اتفقت التيارات السياسية أو الشخصيات الفردية المتناقضة في ما بينها على أوجه الخلل والمسؤول عنها، كان تشخيص العلّة أسهل وأكثر إقناعاً لعموم المواطنين، بل أيضاً اتسعت رقعة القواسم المشتركة، وتقاربت فرص الحصول على اتفاق أشمل على طرح الحلول.
 د. حسن عبدالله جوهر مما ينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): "لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال"، وتحمل هذه العبارة معاني راقية في التسامح والإنصاف والإقرار بالحق أينما كان، ولكن مع الأسف الشديد، فإن التعصب والعناد يفرغان مثل هذا الوعاء المبدئي من محتواه، ولربما يكون ذلك أحد الأسباب وراء التعثر في أي مسيرة نحو التكامل والنجاح.

في الآونة الأخيرة بدأت شخصيات سياسية ونيابية وإعلامية بتغيير مواقفها وآرائها تجاه أمهات القضايا التي كانت السبب في الأزمات المتتالية و"العويصة" التي حلت بنا، بل كانت بمنزلة الشوكة في خاصرة المعارضة لإخراجها بلون واحد ليسهل ضربها وابتعاد العديد من المكونات الكويتية من حولها، وذلك عبر الدفاع المستميت عن الحكومة وإجراءاتها، وقد تغيّرت هذه المواقف اليوم لدرجة أنك لا تكاد تميّز طريقة الهجوم على الرموز الحكومية ونهجها وإخفاقاتها وفضائحها المالية بين هؤلاء المعارضين من موالين للحكومة أمس، والكثير من شخصيات المعارضة التقليديين، بل وصل الأمر إلى انتقاء نفس المشاكل المزمنة واختيار ذات الكلمات والعبارات الناقدة لها.

وفي هذا الإطار يمكن انتقاد تلك المواقف السابقة، وأيضاً تحميل المسؤولية لمن تسبب في تعزيز موقع الحكومة ونفوذها وهيمنتها على القرار؛ بما في ذلك مصادرة الحريات والملاحقات الأمنية والإفراط في الخصومة، وأخيراً استمرار حالة التسيب وضياع هيبة الدولة والقانون وغرق الناس في مشاكلهم اليومية والمستقبلية، ولكن أن تكون هناك حملة منظمة ومستمرة في "معايرة" هذه الشخصيات، فقد لا تصب في المصلحة العامة، وإضعاف أي صوت أو موقف في وجه الفساد أو الإخفاق الحكومي في حل المشاكل المزمنة لن يفيد سوى بقاء هذا الركود في الماء الآسن!

على العكس تماماً، كلما اتفقت التيارات السياسية أو الشخصيات الفردية المتناقضة في ما بينها على أوجه الخلل والمسؤول عنها، كان تشخيص العلّة أسهل وأكثر إقناعاً لعموم المواطنين، بل أيضاً اتسعت رقعة القواسم المشتركة وتقاربت فرص الحصول على اتفاق أشمل على طرح الحلول.

أما البقاء في دائرة الاتهام والتشكيك المتبادل ورد "الصاع صاعين" فبالتأكيد لا يسمن ولا يغني من جوع، وهذا هو مبتغى كل من لا يتمنى أي نوع من الإصلاح وإعادة روح الأمل من جديد في أي قطاع من قطاعات الدولة.

وكعادة المتربصين دائماً في النقد و"التصيّد" فليس بالضرورة أن تكون هذه دعوة إلى تحالف استراتيجي بين خصوم الأمس وأتباع مقولة "عفا الله عمّا سلف" بهذه السرعة، ولكن ليعمل كل فريق بشكل متوازٍ، وكل طرف لا ينظر إلى من قال في الطرف الآخر بل إلى ما قال!

back to top