في مقدمة كتاب «أدب الثورات» يلفت المؤلف حسن بن رزيق القرشي إلى أنه وعلى مر العصور والأزمان مرّت الأمة العربية بتغيرات وتحولات في حياتها السياسية، حروب ومواجهات ومقاومة وثورات وعزل وولاية، كل هذا والأدب يرقب الموقف ويصوره بل ويؤرخه، حتى ظهر في أدبنا ما يمكن أن يسمى بـ»أدب الثورات».

Ad

صوّر هذا الأدب المنازعات والخصومات والحروب والمقاومات حتى أصبحت كتب التأريخ والأدب تعج به، لكنه متفرق في بطون الكتب ولا يكاد يطلع عليه الكثير من الناس. وهو أيضاً لم يعط من العناية والدراسة إلا الشيء القليل، مع أن هذه التحولات أظهرت أدباً لا يستهان به.

يضيف المؤلف أن الكتاب محاولة لجمع شتات هذا النوع من الأدب وإبرازه إلى القارئ، مع التنبيه إلى أن هذا العمل ليست له علاقة بالسياسة، لا بتأييد ثورة ولا الدعوة إلى مقاومة، وإنما هو عمل أدبي فحسب. كذلك لم يتحيَّز الكاتب لعصر من العصور أو لشاعر من الشعراء، بل كان الضابط هو الذوق الأدبي، وإن ظهر في بعض العصور وبعض الشعراء نوع من الإطالة.

عمد المؤلف إلى جمع هذا الشتات، من ثورة الحسين بن علي على يزيد بن معاوية إلى الربيع العربي، مراعياً التسلسل التاريخي لهذه الثورات قدر الإمكان.

يتألف الكتاب من ثلاثة أقسام، القسم الأول جاء بعنوان «الثورات في التاريخ الإسلامي» ويضم سبعة فصول هي: ثورة الحسين بن علي، ثورة الزبيريين على بني أمية، ثورة أهل المدينة، ثورة عبد الرحمن بن الأشعث، ثورة العباسيين على الأمويين، الثورات في العصر العباسي، الثورات في عصر الدول والإمارات.

في الفصل المخصص لثورة الحسين بن علي، يرد الحسين على أحد أصحابه الذي أخبره بأنه سيُقتل إذا تابع ثورته، حيث قال الحسين:

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما

فإن مت لم أندم وإن عشت لم ألم

كفى بك موتاً أن تذل وترغما

وبعدما رجع بآل الحسين إلى المدينة ودخلوها خرجت امرأة من بني عبد المطلب ناشرة شعرها وأنشدت تقول:

ماذا تقولون إن قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

منهم أسارى ومنهم ضُرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم

في العصر الحديث

جاء القسم الثاني من الكتاب بعنوان «الثورات في العصر الحديث»، وهي الثورات التي حدثت في العصر الذي تلا سقوط الدولة العثمانية أو كان في أواخرها. ويضم هذا القسم 11 فصلاً، هي: الحركة السنوسية، الجهاد في برقة، الثورات في بلاد اليمن، الثورات في ليبيا، الثورة المهدية في السودان، الثورة الجزائرية، الثورات على الاحتلال الإنكليزي وحرب إسرائيل في مصر العربية، الثورات في سورية على الاحتلال الفرنسي والنظام الحاكم، الثورات في العراق، ثورات المغرب العربي، والثورات في فلسطين.

انطلقت الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر 1954 فسماها، شاعر الثورة الجزائرية ومؤلف النشيد الوطني الجزائري، مفدي زكريا بليلة القدر:

دعا التاريخ ليلك فاستجابا

نوفمبر هل وفيت لنا النصابا

وهل سمع المجيب نداء شعب

فكانت ليلة القدر الجوابا

وهزت ثورة التحرير شعبا

فهب الشعب ينتصب انتصابا

وبرزت الكواعب قاصرات

فرحن يخضن للموت العبابا

وشبت من ذرى وهران نار

رآها برج مدين فاستجابا

وقال الله: كن يا شعب حرباً

على من ظل لا يرعى جنابا

وقال الشعب: يا رب عوناً

على من بات لا يخشى عقابا

فكان وكان من شعب ورب

قرار أحدث العجب العجابا

وزلزل من صياصيه فرنسا

وأوقع في حكومتها انقلابا

وأوفدت الرصاص ينوب عنها

يناقش غاصب الحق الحسابا

وأيقظت القنابل من تعامى

وأسدل فوق ناظره نقابا

ثورات الربيع العربي

جاء القسم الثالث من الكتاب بعنوان «ثورات الربيع العربي، ويتناول خمسة ثورات هي: ثورة تونس، ثورة مصر، ثورة ليبيا، ثورة سورية، ثورة اليمن.

فالثورة السورية انطلقت في مطلع 2011 ضد النظام مطالبة بحقوق الشعب في العيش الرغيد وحرية الرأي. وكان للشعراء دورهم البارز في نصر هذه الثورة، محمد أبو تيسير كويك شاعر سوري كتب يقول:

يا ثورة الشام إن الحق منتصر

فالقهر والجور يأتي بعده الظفر

استأسدوا كيفما شئتم بلا خجل

هلا زأرتم على الأعداء يا بقر

فالشعب ترجع عقباه إلى ندم

والشعب حتماً على الجلاد يقتدر    

فكرة الكتاب جديرة، لكن كانت لتكون أكثر عمقاً وشمولية من خلال تناول النثر الذي يتعلق بالثورات، فثمة كتب وروايات أسهمت في إطلاق ثورات في العالم.