ما يسعى إليه الكبار اليوم هو إشغال دول الخليج وإبعادها عن مصر، وإلهائها بمشاكل بينها أو إثارة الفتنة الطائفية الكبرى بين كل دول المنطقة، وها هو مخطط تقسيم العراق مستمر وتقسيم سورية واقع حالها اليوم، ولن يهدأ بال الكبار حتى يتم تقسيم الشرق الأوسط إلى طوائف ودول صغيرة لا قيمة لها ولا قدرة على مواجهة الصهيونية التي ستلتهم الجميع.

Ad

ما الجهة أو الجهات التي تطرب لقرع طبول الحرب والفتنة وإشعال الاقتتال بين الإخوة والأصدقاء تحت أي مسمى؟ ومن المستفيد مما يحدث في وطننا العربي من فرقة وصراع واختلاف حول الدين والاقتصاد وطبيعة النظم واختيارات الناس لأشكال أنظمتها وطبيعتها؟

لماذا بعد مئات السنين تعود خلافات تاريخية ومذهبية وقبلية إلى السطح، وتشعل حرائق هنا وهناك وكأننا اكتشفنا هذه الأيام تلك الخلافات؟ لماذا هذا الجهل العائد بكل غبائه يلف عقولنا، ويغيب إرادتنا ليسيطر على تفكيرنا وكأننا دمى لا عقل لها ولا إرادة؟

كلنا نعلم أن الحروب والاقتتال وقودها الناس والحجارة، وأن الذين يكتوون بها هم الناس البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة، وأن المستفيدين منها هم تجار الحروب وحماة إسرائيل الذين يلعبون بمصايرنا، ويجنون من ورائها الأموال الطائلة والاستمرار للكيان الصهيوني واستمرار هيمنة الدول الكبرى على مقدرات منطقتنا العربية وخيراتها.

علينا أن ندرك أنهم يتلاعبون بعواطفنا، ويتقنون فن التفرقة، ويستفيدون من أزماتنا التاريخية والاجتماعية، ولديهم مراكز بحث جمعوا فيها كل مكامن الضعف عندنا يفجرون بها خلافاتنا الطائفية والقبلبة والاجتماعية ساعة شاؤوا، مدركين مستوى الجهل والتعصب عندنا، ونحن نستثار ونحقق لهم ما يريدون بكل بساطة وعلى حساب أرواحنا ومستقبلنا.

ولاحظوا أن نار الاختلاف لا تثار إلا في المناطق الغنية بالثروات الطبيعية، وأمامنا مثال حي في ليبيا والسودان وإفريقيا الوسطى، وتكررت كثيراً في خليجنا العربي، وما زالوا يبتزونها بكل وسيلة. فمرة يكون البعبع العراقي ومرة البعبع الإيراني والآن يجربون البعبع "الإخواني، وإلا فما فائدة "الإخوان" لقطر وهي تضحي بعلاقاتها الخليجية من أجلهم، وأنا على يقين أن هذه ليست إرادتهم، وأنهم يدركون ويخشون من وجود "الإخوان" عندهم أكثر من خشية دول الخليج أو مصر. هم يعلمون أن "الإخوان" لا يؤمن شرهم وأنهم سيعضون اليد التي أعطتهم وحمتهم، ويتمنون خروجهم من ديارهم، لكن الكبار لا يريدون، وما زالوا يسعون إلى الاستفادة من وجود "الإخوان" في الدول العربية، ما زالت ورقة "الإخوان" في عملية التخريب مفيدة، وكما هجنت الجماعات الإسلامية الأخرى، وأصبحت تنفذ مخططاتها ما زال دور "الإخوان" قائماً، ولا يريد الكبار التصديق أن ثورة قد حدثت في مصر وقلبت كل الموازين والخطط. ما زلت أتمنى لو يعي شباب "الإخوان" الدور السيئ والمسيء إلى قيادات "الإخوان"، ويعلنون ثورة عليهم وعلى أسيادهم، فقد انكشف الدور وما عاد مقبولاً سكوتهم.

ما يسعى إليه الكبار اليوم هو إشغال دول الخليج وإبعادها عن مصر، وإلهائها بمشاكل بينها أو إثارة الفتنة الطائفية الكبرى بين كل دول المنطقة، وها هو مخطط تقسيم العراق مستمر وتقسيم سورية واقع حالها اليوم، ولن يهدأ بال الكبار حتى يتم تقسيم الشرق الأوسط إلى طوائف ودول صغيرة لا قيمة لها ولا قدرة على مواجهة الصهيونية التي ستلتهم الجميع... فهل نعي ونتحد في مواجهة هذه الأخطار؟

مطالبون بأن نعرف وأن نعي وأن نتحد داخلياً، فلا نسمح للتفرقة والتعصب، وليقبل كل منا الآخر كما هو، ويعتبره أخا وجاراً وحبيباً من أي طائفة أو قبيلة أو أي كيان كان ما دام يؤمن بهذا الوطن وحقه في الحياة والحرية والاستقلال. لتختلف الآراء من أجل تقدم البلاد وتطورها ونمائها وحرية البشر فيها، ولنتسابق من أجل حمايتها من تجار الحروب وأسيادهم ومنع أي مخاطر خارجية تمسها، ولنعمل من أجل سيادة القانون والمساواة أمامه.