الفقيد العزيز كان يشعرك دائماً في لبسه ومنطقه بأجواء الكويت الأصلية والجميلة، وكان البقية الباقية لجيل الرعيل الأول في تلقائيته وأحاديثه عن أيام الماضي، وفي نفس الوقت كان مدرسة في الفكر والأخلاق يستفيد منها من يحظى بلقائه والتزود من عطائه الكبير، فهنيئاً لك يا «أبا عمار» العزيز احترام الناس وتقديرهم وأنت تودع هذه الفانية في رحاب شهر رمضان.

Ad

ودّع هذه الدنيا العم الغالي الحاج حسين علي بارون ليترك في القلب لوعة الفراق، وفي الساحة الكويتية خسارة كبيرة لأهم ما نحتاج إليه في هذه الفترة العصيبة من العقل الراجح والحكمة السديدة والحس الوطني.

المغفور له بإذن الله "بو عمار" من مؤسسي الحركة الإسلامية الكويتية في منتصف ستينيات القرن الماضي، وقد جاهد لإبقائها في الإطار الوطني حيث التربية الإسلامية الواعية من جهة، والعمل السياسي في ذكرياته الجميلة عبر التمسك بالمبادئ الديمقراطية والدفاع عن الثوابت الدستورية والتنسيق مع القوى الوطنية من جهة أخرى، تلك الجبهة التي أكسبت المعارضة السياسية الكويتية آنذاك هيبتها وأصالتها في الوجدان الشعبي.

العمل السياسي لم يكن ليثني المرحوم "بو عمار" عن التربية الوطنية لبني جيله من الشباب في بعدها الإسلامي أو عن الجهود المستمرة في أعمال البر والإحسان للمحتاجين، حيث كان في طليعة الداعين إلى مأسسة العمل الخيري بإشراف وطني دون تمييز لذوي الحاجة والمستضعفين من بني البشر.

تواصله الاجتماعي كان يمثل شعلة من النشاط وتجسيد الروح الكويتية في زيارة الدواوين والمناسبات الاجتماعية، فيصل القريب والبعيد حتى أثناء فترة مرضه وتعبه، وكان رحمه الله يثري أي نقاش بالتحليل الجاد الذي لا يخلو من فقرات الدعابة ودماثة الخلق.

خلال الفترة الماضية عندما كشّرت الطائفية عن أنيابها وأخذت الاصطفافات الحادة تبدّل المبادئ والثوابت الوطنية في التعاطي مع الشأن السياسي كان العم "بو عمار" شامخاً في موقفه، أصيلاً في آرائه، مبدئياً في احترام تلك الأخلاقيات والمبادئ التي تربى عليها وربى عليها تلامذته، ولم تمنعه قلة الأتباع من جهة، وفورة العاطفة من جهة أخرى عن كلمة الحق، وتوجيه النقد للتيارات الإسلامية التي اختلف معها في التشخيص والتحليل والأولويات دون أن يخشى في ذلك لومة لائم، ومهما كانت تبعات تلك المواقف والآراء. الفقيد العزيز كان يشعرك دائماً في لبسه ومنطقه بأجواء الكويت الأصلية والجميلة، وكان البقية الباقية لجيل الرعيل الأول في تلقائيته وأحاديثه عن أيام الماضي، وفي نفس الوقت كان مدرسة في الفكر والأخلاق يستفيد منها من يحظى بلقائه والتزود من عطائه الكبير، فهنيئاً لك يا "أبا عمار" العزيز احترام الناس وتقديرهم وأنت تودع هذه الفانية في رحاب شهر رمضان، وندعو الله أن تكون بذلك رحمته عليك مضاعفة، وأن يتقبل منك ذلك العطاء الكثير ويجعله ذخراً لك في دار المقامة.

رجل المبادئ والأخلاق يستحق منا جميعاً أن نخلّد ذكراه في قلب هذا الوطن، ولذا نطالب المسؤولين في الدولة أن يطلقوا اسم المرحوم حسين علي بارون على أحد معالم بلدنا ليبقى بيننا حياً في مآثره وأعماله، وإلى رحمة الله ورضوانه يا "أبا عمار" ولأهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان.